التكنولوجيا الرقمية وعلاقتها بالتعليم، بقلم:محمد خير الدين

محمد خير الدين

يحافظ قطاع التعليم في فلسطين على صورته التقليدية في التربية والتثقيف، مع تطور بطئ في ما يقدمه من الخدمات التكنولوجية غير الكافية للطلبة في كافة مؤسسات التعليم الحكومية والخاصة.

ولعل ذلك يرجع لعدة أسباب أهمها الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأزمات الانسانية التي تعاني منها الأراضي الفلسطينية خصوصًا قطاع غزة , والفجوة التكنولوجية بينه وبين العالم الخارجي التي تحول دون تطبيق تعليم تحرري والازدهار بالمستوي الإدراكي والمعرفي للطلبة.

فنشر مفاهيم تساعد في تطوير أساليب تدريس للوصول إلى تعليم تحرري عن تطريق تغير النظام التقليدي البالي إلى نظام يحرر العقل وينمي التفكير، تقوم على قبول الآخر وتحديد الاحتياجات التعليمية بدقة والسعي لتحقيقها, وموائمة جميع المكونات المحيطة بها لتلبيتها.

وللتوضيح أكثر، يمكن القول بأن التعليم التحرري عملية مجتمعية وليست مدرسية فقط, لا تتمتع بنموذج ثابت أو تعريف محدد وإنما تقوم على كشف نقاط القوة والضعف عند الفرد ومساعدته على تقرير ذاته وبناء شخصيته القادرة على دراسة لشتى المواقف بطريقة ذكية وقليلة الخطأ.

ولتطوير نظام تعليمي تحرري في فلسطين لابد من اعتماد بنوده في عملية نقل المعرفة من المعلم للمتعلم وإلغاء الصورة النمطية بكون المعلم هو صاحب المعلمومة الوحيد، وإلغاء اسلوب التلقين والهيمنة واعتماد العلاقة بينه وبين المتعلم علي الصداقة والود.

إلا أن التعليم في قطاع غزة على وجه الخصوص تأثر كثيرًا في ظروف الحصار الإسرائيلي الذي دخل عامه الثاني عشر والانقسام الفلسطيني الذي طال الاقتصاد والجغرافيا والصحة والتعليم إلى حد كبير وملحوظ, مما خلَّف انهيارًا كبيرًا في بنية المؤسسات التعليمية الإدارية والأكاديمية حالت دون الوصول إلى منظومة تعليمية ترتقي بالأفراد والمجتمع ككل.

وإذا ما تم القول أن هذا الانهيار انعكس على الخطة العملية التدريسية السنوية بنسبة وصلت إلى ما يقارب ال %75 على مدار كل ما مضى من سنوات حصار وانقسام، تظهر جليًا أهم معوقات تطبيق بند هام من بنود التعليم التحرري وهو الاستفادة التامة من وسائل التكنولوجيا الرقمية.

حيث انه في أغلب مدارس القطاع يدرس كل طالبان من الصف الواحد حصة التطبيق العملي على جهاز حاسوب واحد، وقد يتم تبديل حصة التكنولوجيا بدرس لمادة الرياضيات اوغيرها.

ولا يختلف اثنان على القصور الموجود في تقديم الخدمات التكنولوجية للطلبة في ظل هذه الثورة التكنولوجية الهائلة التي غزت كافة المجالات علميًا وعمليًا، وبالطبع فإن لها انعكاسا كبيراً علي الحياة العلمية الخاصة في مجال التعليم سواء في المدارس أو المعاهد أو الجامعات.

ولنا في ذلك الكثير من النماذج والتجارب الناجحة لتوظيف التكنولوجا في خدمة التعليم ظهرت في الدول المتقدمة وعلى رأسها فنلندا واليابان وبريطانيا وسنغافورة وغيرها العديد من الدول. إلا أن ضعف تطبيق أدوات التكنولوجيا التي أعطت الجميع حق الاطلاع على أي معلومة دون احتكارها علي أحد بغض النظر عن السن أو المؤهل العلمي الأكاديمي, أدى إلى هذا القصور المعرفي والثقافي في تعليمنا ومجتمعنا.

ولذلك لابد من توظيف التكنولوجيا الرقمية في خدمة العملية التعلمية وتوفير كافة الظروف والوسائل والأدوات التدريسية الحديثة وكافة الأساسيات التي تحقق الاستفادة الكاملة من التكنولوجيا بما في ذلك مختبرات مجهزة بأحدث التقنيات. ويمكن لنا بهذا ملاحظة الفروقات المختلفة لتطبيق التكنولوجيا الحديثة علي نظام التعليم في تنمية إبداع الطلبة في الجوانب المعرفية والثقافية في حياتهم العلمية.

كذلك لا يمكن تجاهل أن الارتقاء بمستوي الطلبة توسيع مداركهم وتحقيق أهداف التعليم التحرري، لا يأت إلا عبر معلمين مؤهلين تكنولوجياً لتوظيف الوسائل التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي لخدمة العملية التعليمية علي أكمل وجه, وهذا يتطلب تدريب وتأهيل المعلمين القائمين على التعليم حالياً والمعلمين المقبلين على التعليم من الداخلين لتخصصات التربوية في الجامعات على استخدام وتوظيف التكنولوجيا في التعليم ومواكبة تطورها.

انسجاماً مع ما سبق فإن الوصول لنظام تعليمي مواكب للتطور المجتمعي والتكنولوجي المعاصر والتسارع في وسائل التواصل ونقل المعلومات عبر العالم, يكون باعتبار الطالب محور العملية التعليمية، وتوازن الأدوار بين المعلم والمتعلم والاستفادة من التكنولوجيا كضرورة في التعليم سواء داخل المدرسة أو خارجها للمساهمة في بناء وتطوير تعليم معاصر واعي لتغيرات المجتمع والمحيط الخارجي.

ترجع مسؤولية محتوى هذا المنشور لمؤسسة بيت الصحافة, ولا يعكس بالضرورة موقف مؤسسة روزا لوكسمبورغ

مشروع خطوة نحو تعليم أفضل- تنفيذ بيت الصحافة – فلسطين وتمويل مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد