ما هو قرار إسرائيل المتعلق بــ "الجمعة السوداء" في رفح عام 2014؟

مجزرة رفح 2014

قالت تقارير عبرية إن إسرائيل أغلقت ملف مجزرة رفح، في عام 2014، دون فتح قضية أو اتخاذ أي إجراءات جنائية، أو قيادية، ضد ضباط الجيش الضالعين بها.

واستشهد العشرات من المواطنين في ما يعرف بــ "الجمعة السوداء" وهي المجرزة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأول من أغسطس عام 2014، خلال العدوان على القطاع، بعد وقت قليل من فقدان الجندي هدار جولدن.

وقال الصحفي في هآرتس عاموس هرئيل، أن المدعي العسكري الرئيسي، الجنرال شارون أفيك، أعلن قراره بإغلاق ملف التحقيق العسكري في أحداث يوم الجمعة السوداء.

ومع ذلك، يعترف أفيك وفق الصحيفة، بأنه في استخلاص التحقيق العملي للهجوم، تم استخلاص الدروس المتعلقة بالعيوب التشغيلية المختلفة، لكنه لم يتم تفصيلها.

ووفقاً لإعلان الجيش الإسرائيلي، فإن عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا في الهجوم على رفح، كان أعلى بكثير من العدد المعلن في البداية في إسرائيل، فقد استشهد 42 مقاوما فلسطينياً و70 مدنياً فلسطينياً على الأقل.

وتحدث الصحفي في هآرتس عن تفاصيل الواقعة حيث بدأت صباح الأول من أغسطس 2014، بعد مرور أكثر من ساعة فقط على بدء نفاذ وقف إطلاق النار الفاشل أثناء العملية.

وكانت وحدة الاستطلاع في جفعاتي، بقيادة قائد الكتيبة الرائد بينيا ساريئيل، تبحث عن أنفاق في المنطقة الزراعية في شرق رفح (وفقا للتفسير الإسرائيلي للتفاهمات الواردة في إعلان وقف إطلاق النار، تم السماح بإجراء مسح داخل المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي). واصطدم سرب النخبة الذي قاده ساريئيل، بعناصر من حماس التي قتلته هو والملازم هدار غولدين والرقيب أول ليئيل جدعوني، فيما هرب رجال حماس عبر نفق وأخذوا معهم جثة الملازم غولدين.

وطاردت قوة صغيرة من جفعاتي، بقيادة الملازم ايتان بوند، الآسرين داخل النفق. وسمحت الأدلة التي جلبها بوند وبعض ضباط وحدة النخبة العسكرية في القيادة العامة، ومن بينها معدات غولدين الدفاعية، التي ألقى بها الآسرون، بتحديد وفاة غولدين، وبالتالي تم اعتباره ميتا، لكن جثمانه لا يزال محتجزًا لدى حماس - والنزاع الدائر حول إعادة جثته وجثة جندي جولاني الرقيب أورون شاؤول، لا يزال يلقي بظلاله على الجهود المبذولة لتحقيق ترتيبات في قطاع غزة .

وبعد عملية الأسر، أعلنت كتيبة غزة عن تنفيذ إجراء "هانيبال"، الذي كان لا يزال متبعا في الجيش آنذاك، لمعالجة عمليات الأسر.

وقامت قوات من لواء جفعاتي ووحدة المدرعات بقيادة قائد اللواء، العميد (احتياط) عوفر وينتر، بشن هجوم على رفح في محاولة لإحباط عملية الأسر، وخلال الهجوم، لم تكن هناك معلومات مؤكدة حول مقتل غولدين في بداية الحادثة مع عناصر حماس.

لكنه، كما تبين من تحقيق نشر في صحيفة "هآرتس" بعد أقل من أسبوع من الحادث، كان إجراء هانيبال هذا، هو الإجراء الأكثر وحشية الذي نفذه الجيش الإسرائيلي في تاريخه.

إلى جانب الوحدات الخاصة وقوات جفعاتي، دخل طابور من كتيبة المدرعات إلى عمق كيلومتر في المنطقة المسكونة في رفح، وتم تمشيط المسجد في الطرف الآخر من النفق وموقع تابع لحماس، واستخدمت النيران لمنع إخراج الضابط المأسور من المنطقة.

ويسمح إجراء "هانيبال" باستخدام سلسلة من الوسائل لمنع الأسر، كما أنه يسمح بالمخاطرة بحياة المأسور لوقف عملية الأسر، ولكنه خطر مدروس.

وقد أوضح كبار الضباط في هيئة الأركان العامة في أعقاب الهجوم، أن الإجراء لا يسمح بقتل المأسور عمدا من أجل وقف الأسر. ومع ذلك، من الناحية العملية كان هناك فرق بين الإجراء المكتوب والنظرية الشفوية، كما يفهمها بعض الضباط والجنود الصغار. بالنسبة لبعضهم، فإن قتل المأسور أفضل من نجاح عملية الأسر.

في أعقاب ذلك الحادث، صادق رئيس الأركان الحالي، غادي إيزنكوت، بعد سنتين من العملية، على أمر مختلف للتعامل مع عمليات الأسر، والذي يوضح هذه القضية أيضاً، ويحدد ما هو المسموح والممنوع أثناء إحباط الأسر.

والهدف الأول من الإجراء هو عزل المنطقة التي وقع فيها الأسر ومنع الآسرين من مغادرتها.

وفي هذا الإطار يتم تفعيل نيران هائلة. ولكن في معظم مناطق قطاع غزة، حارب الجيش الإسرائيلي بعد دعوة السكان الفلسطينيين لمغادرة الأحياء، وتم التجاوب مع معظم النداءات - وجرت المعارك مع عناصر حماس التي كانت مختبئة، تقريبا دون وجود مدنيين في المنطقة.

لكن الأمور جرت بشكل مختلف في رفح: بعد الأسر، دخلت قوة تتألف من ست كتائب، بعضها على الأقدام وبعضها في ناقلات جند مدرعة ودبابات، إلى المنطقة، وتقدمت القوات باتجاه محور "تانتشر"، وهو الطريق الرئيسي الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب.

وكانت إلى الغرب من الطريق منطقة لم يتم إخلاء السكان منها. واستخدم الجيش الإسرائيلي النيران الكثيف لعزل المنطقة.

وأطلقت نيران المدفعية على عشرات النقاط التي تم تحديدها مسبقا، على طول الطرق الرئيسية لمنع الخلية من الفرار. وخلال أقل من أربع ساعات من الهجوم، أطلق الجيش الإسرائيلي نحو 1000 قذيفة مدفعية في رفح و240 قذيفة هاون أخرى.

وفي الوقت نفسه، احتاجت القوات المتجهة إلى الأمام إلى دعم جوي أكثر عدواني من المعتاد، لأنها تعمل في منطقة مهددة لم يتم تمشيطها من قبل، وتتعامل مع خصم انتشر في نطاقات أقصر.

وفي هذا السياق، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الأهداف في رفح، بما في ذلك غرف العمليات ومواقع وقوات حماس.

وحوصر الكثير من المدنيين بين قوات الجيش الإسرائيلي وقوات حماس - وربما كان هذا أحد أسباب سقوط عدد كبير من الضحايا.

وقالت صحيفة هآرتس إن ثلاث فرق تحقيق تابعة للجيش قامت بفحص أحداث المعركة على مدى السنوات الأربع الماضية، وتم تحويل النتائج للفحص النهائي لدى مكتب المدعي العسكري في العام الماضي، وتم جمع نتائج التحقيق في ثلاثة مجلدات سميكة، إلى جانب مئات الوثائق وسلسلة طويلة من الصور الجوية التي يحتفظ بها المدعي العسكري.

وأضافت أن نتائج التحقيق وصفت في الجيش بأنها "أطروحة دكتوراه"، ويزعمون أن الجيش الإسرائيلي لم يقم أبدا بإجراء تحقيق شامل كهذا.

وتم إجراء مقابلات مع عشرات الضباط والجنود في الجانب الإسرائيلي، وفحص تسجيلات أجهزة الاتصال والأفلام وتقارير المخابرات ويوميات القتال، كما فحص الجيش شكاوى كثيرة من الجانب الفلسطيني، وتحقيقات أجرتها منظمات حقوق الإنسان الأجنبية، والتي تم التحقق من تفاصيلها مقارنة بمعطيات الجانب الإسرائيلي.

ومع ذلك، فإن الاستنتاجات النهائية ليست بعيدة عما يمكن افتراضه، حيث يثق المدعي العسكري في استنتاجاته، لكن من الصعب تصور وضع يمكن فيه تقديم القادة إلى المحاكمة الجنائية بسبب اتخاذ قرارات تحت وطأة النار، بهدف حماية أرواح جنودهم ومنع الأسر.

وختمت بأن وضع كهذا ما كان سيقابل بتفهم من قبل الجمهور الإسرائيلي والنظام السياسي.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد