من المقرر أن يعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر «الكابينيت»، اجتماعه الرابع في غضون عشرة أيام، صباح اليوم، ومجدداً لبحث مسألة التهدئة مع قطاع غزة ، وذلك بالتزامن مع اجتماعات مرتقبة للفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية، وأيضاً لبحث التهدئة والمصالحة وملفات لها علاقة بإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في الوقت الذي يبحث فيه ليبرمان، وزير الحرب الإسرائيلي، مع مسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، مسألة إقرار «تسهيلات» مشروطة لقطاع غزة، بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم بإدخال شاحنات البضائع اللازمة لاحتياجات سكانه، إثر إقدام سلطات الاحتلال مؤخراً على تقليص دخول البضائع والمحروقات من هذا المعبر، مع إغلاق كامل لدخول البضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية وإسرائيل، كما يدرس هذا الاجتماع احتمالات توسيع نطاق منطقة الصيد في بحر غزة، إلاّ أن هذه التسهيلات مشروطة باستمرار حالة الهدوء على القطاع، مع وعود إسرائيلية بالمزيد من التسهيلات بعد اختبار استمرار حالة الهدوء هذه، وبينما نكتب هذا المقال، أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن ليبرمان أعطى تعليماته بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم وتوسعة مساحة الصيد في بحر غزة لستة أميال بدلاً من ثلاثة، وذلك ابتداءً من اليوم الأربعاء!
وعلى الجانب الإسرائيلي، أيضاً، فإن احتمالات عقد انتخابات مبكرة للكنيست، باتت شبه مؤكدة في حال عدم التوصل إلى صيغة توافقية حول قانون التجنيد الجديد، الذي تمت المصادقة عليه بالقراءة الأولى وسط معارضة من قبل «أحزاب الحريديم»، ورغم أن أسباب عقد انتخابات برلمانية مرتبطة لا تتعلق بالشأن الفلسطيني، إلاّ أن مجرد التلويح بها، أو إقرار تبكيرها، سيترك آثاراً جدية على كيفية تعامل حكومة نتنياهو مع الملف الفلسطيني، مع الأخذ بالاعتبار نتائج استطلاعات الرأي، التي تشير إلى أن الرأي العام الإسرائيلي مع إعلان الحرب على قطاع غزة، وأن رئيس الحكومة بات أقل شعبية نتيجة لموقفه من هذا الملف، مع أنه ما زال يحظى بالتفاف جماهيري أوسع من أي زعيم إسرائيلي آخر، كما أن نتنياهو سيصبح أكثر حرية في تعامله مع هذا الملف بعيداً عن التقاطعات الحزبية الداخلية الضاغطة على سلوكه ومواقفه، والأغلب أنه لن يغامر بإعلان الحرب على قطاع غزة، لسبب وجيه، ذلك أن مثل هذه الحرب ليس من شأنها تغيير حقيقي في المعادلة الأمنية، بل انها ستخضعه من جديد لتحمل مسؤولية أي تبعات لهذه الحرب!
الكابينيت الإسرائيلي الذي سيعقد هذا اليوم، سيجد على جدول أعماله بنوداً طارئة تتعلق بالبند الأساسي «التهدئة»، وذلك إثر ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية من قمة مصرية ـ إسرائيلية عقدت قبل بضعة أشهر، لم يعلن عنها نتنياهو لوزرائه في «الكابينيت»، وأن أهم ما دار في هذه القمة تهيئة عودة السلطة الشرعية إلى قطاع غزة. وزير الاستخبارات والطاقة والنقل في حكومة نتنياهو، عضو «الكابينيت» كاتس، اعتبر أن عودة السلطة إلى قطاع غزة تشكل خطراً داهماً على إسرائيل، لا يقل خطراً عن التهديد الديمغرافي للفلسطينيين، خاصة وأنه تم الكشف عن أن «الكابينيت» كان قد اتخذ قراراً في تشرين الأول العام الماضي، ينص على أن الحكومة الإسرائيلية لن تجري مفاوضات سياسية مع حكومة فلسطينية تضم حركة حماس . أعضاء آخرون لم تكشف وسائل الإعلام الإسرائيلية عنهم، يؤيدون موقف كاتس هذا!
«الملفات المتعلقة بالتهدئة والمصالحة باتت جاهزة» هكذا يرى بعض المتابعين والمحلّلين، إثر تقاطر الفصائل الفلسطينية من غزة وخارجها إلى القاهرة، خاصة بعدما تم تأجيل عقد المجلس المركزي الفلسطيني من صباح اليوم إلى المساء، ربما انتظاراً لما ستتكشف عنه جهود القاهرة حول هذه الملفات، وصول كل الفصائل، كبيرها وصغيرها وكافة مسمياتها إلى القاهرة، يعود بنظر هؤلاء إلى أن الأمور باتت بانتظار «التوقيع» ليس إلاّ، لكن ما يلفت النظر وبحاجة إلى تدقيق، هو موقف حركة فتح وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ومدى مشاركتهما في هذه الاتصالات، خاصة وأن هناك غموضاً حول ما قيل من أوراق مصرية تم تعديلها أكثر من مرة، وحديث آخر، عن أن ليس هناك من أوراق، إذ إن المطلوب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
وعلى الرغم من كل هذه الضجة حول الجهود المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، وتقاطر الفصائل إلى القاهرة، إلاّ أن مفتاح أي حل حول كافة الملفات، التهدئة والمصالحة، وإعادة تأهيل قطاع غزة، تمتلكه منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، خاصة ما سيتمخض عنه اجتماع المجلس المركزي وخطاب الرئيس أبو مازن اليوم، رغم أن غياب فصائل أساسية، كالجبهتين الشعبية والديمقراطية وبعض أعضاء «المركزي» من حزب الشعب، من شأنه أن يضعف من القرارات التي ستتخذ حول هذه الملفات الأساسية، ذلك أن الأمور والمواقف المتعلقة بالقضايا الكبرى المتعلقة بالقضية الوطنية الفلسطينية تتطلب إجماعاً وطنياً شاملاً، باعتبار أن منظمة التحرير الفلسطينية هي قائدة شعبنا وممثله الشرعي الوحيد!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية