برزت مؤخراً حالة الوحدة الفلسطينية في أبهى تجلياتها في قطاع غزة المحاصر , وهي الوحدة المرجوة من الكل الفلسطيني , وحدة ترتكز إلى الفهم الواعي لطبيعة الصراع وأدواته ضد المشروع الصهيوني الإستعماري في فلسطين , وحدة تحافظ على مكامن القوة والقدرة والفعل الوطني لذا أبناء شعبنا الفلسطيني , وحدة تعيد للقضية الوطنية ألقها وبهائها , وتبرز مظلوميتها التاريخية وتعلي عدالتها كقضية تحرر من الإحتلال البغيض , وحدة قائمة على الشراكة والمشاركة دون إقصاء أو تفرد , وحدة نتقاسم فيها الحزن والفرح والألم والوجع , وحدة تقاوم المؤامرة وتكسر العدوان , وحدة تعزز الصمود والبقاء على هذه الأرض المباركة , وحدة المصير والهدف , وحدة الحال والمآل , " وإعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " أمراً ألهياً لنحافظ على وحدتنا وعدم تفرقنا , والحرص على الوقوف صفاً واحداً في مواجهة العدو الخارجي الذي يتربص بنا الدوائر .

من صور هذه الوحدة ما يطلق عليه الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار , وهي هيئة وطنية فلسطينية جامعة , تشرف على مسيرات العودة التي تشهدها المناطق الشرقية لقطاع غزة , وهي مشكلة من كافة الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع الفلسطيني والهيئات النقابية المتنوعة ,وتقود الهيئة الوطنية لمسيرات العودة , الحراك الشعبي السلمي وترعى فعالياته , وتصدر بياناته ومواقفه , لديها لجان متخصصة بلغ عددها " 13" من أبرزها " الإعلامية والقانونية والجماهيرية ولجنة العشائر ولجنة التواصل الدولي " , تحرص الهيئة العليا لمسيرات العودة على تسمية فعالياتها المركزية خاصة أيام الجمع , وتربطها بالقضايا الوطنية كقضايا " القدس واللاجئين" , وتعزز من خلال تلك التسميات وحدة الشعب في كافة أماكن تواجده , مثل " جمعة من غزة إلى حيفا وجمعة شهيد القدس وشهيد كوبر " , ولقد حققت مسيرات العودة وكسر الحصار إنجازات على صعيد القضية الفلسطينية , بإعادة الإعتبار لها كقضية تحرر وحقوق وعودة , وأكدت أن بوصلة شعبنا الفلسطيني لن تنحرف عن وطنه وأرضه المحتلة , وأثبتت بأن الحصار الظالم لا يسرق المواقف ولايهزم العزائم , وأن هذا الشعب يعي جيداً حجم المؤامرة, ويحفظ بإدراك معالم وطنه السليب , ويسعى بكل ما يملك ويقتدر للعمل من أجل إنتزاع حقوقه الوطنية بالقوة من بين أنياب المحتل الغاشم .

كما تشكل غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة , صورة مشرقة وأداء وطني واعي في إدارة الإشتباك والمواجهة ضد الإحتلال الصهيوني , حيث غابت تسميات الأذرع العسكرية البارزة , ولكن فعلها المقاوم كان حاضراً بقوة في إطار غرفة العمليات المشتركة, مما سمح بإدارة القوة الصاروخية للمقاومة , عبر قيادة موحدة فكان لها أثرها الكبير والموجع للإحتلال ومستوطنيه , ومن الأمور المهمة أيضا أن قرار الميدان كان منسجماً ومتوافقاً مع القرار السياسي لفصائل المقاومة الفلسطينية , بكلمة واحدة بدء القصف وبكلمة واحدة توقف , وإختتم بيان غرفة العمليات المشتركة للمقاومة, بعبارات القوة والإستعداد للمواجهة والرد والتأكيد على معادلة " القصف بالقصف" , كان الأداء وحدوياً مما وفر المساندة والإلتفاف الشعبي الكبير حول المقاومة , بعيداً عن التعصب الحزبي والفصائلي , وقديما قال الشاعر "تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أحادا ".

نموذج غزة في المقاومة والوحدة , يجب أن يعمم على الحالة الوطنية الفلسطينية العامة , لتنتهي فصول الفرقة المرعبة والإنقسام البغيض من تاريخ شعبنا , وليعمل الجميع تحت المظلة الفلسطينية الواحدة , عبر مشروع وطني تحرري , تكون بوصلته نحو القدس وحيفا والجليل , وبندقية الثائر فيه مشرعة لحراسة الحق الفلسطيني وردع العدو ودحر الإحتلال .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد