الشعبية في بيت لحم تقيم حفل تأبين لأحد رموزها
أقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبالتعاون مع القوى والفعاليات في محافظة بيت لحم حفل تأبين بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيل المناضل الفلسطيني الرفيق جمال فراج، وذلك في قاعة الفينيق بمخيم الدهيشة بحضور حشد كبير من المدعويين وممثلي الفعاليات المختلفة.
وقد استهل الحفل الذي أدار عرافته الناشط محمد بريجية بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، ومن ثم عزف النشيد الوطني الفلسطيني، كما أكد بيان وصل وكالة "سوا" نسخة عنه.
وبعد ذلك ألقى الرفيق حسن عبد الجواد كلمة الجبهة الشعبية استعرض فيها مناقب الرفيق الراحل قائلاً ” إن الراحل جمال فراج كان جزءاً أصيلاً من النخبة أو القلة الاستثنائية التي صنعت من الفكر والانتماء والمعاناة طريقاً للخلاص من الاحتلال ، ووقفت في وجه الفكر الظلامي والتخلف الاجتماعي في أصعب الظروف وأحلكها إدراكاً منها بأن خيارات ودروب الثوريين محدودة وقاسية، لا يمكن التهرب منها أو الانفلات من عقالها، في زمن اقتصاد السوق المنفلت وسياسة الافقار والمفاهيم الاستهلاكية والترويجية، وزمن مغادرة المثقفين لمواقعهم المتقدمة في الوجدان الشعبي نحو مواقع السلطة السياسية والقطاع الخاص والمؤسسات الممولة”.
وأضاف” اتصف جمال بجرأة الموقف وجسارة الممارسة وعناده الثوري الأصيل ، لم يغادر مخيمه المشتبك إلا قسراً نحو اليرموك والوحدات وقلاع الأسر، ورغم أعاصير الحياة ومرارة اللجوء لم يغادر موقعه الثقافي التقدمي المشتبك مع الاحتلال، ومع تردي الحالة الثقافية والوعي التقليدي فكان مبادراً دون توقف ومعطاءً دون حدود، ومدافعاً عن قناعاته المبدئية لدرجة الانصهار والتماهي فيها”.
كما ألقى محمد الجعفري باسم القوى الوطنية في محافظة بيت لحم كلمة أشاد فيها بمناقب الفقيد أبو خالد الذي عانى في سجون الاحتلال عشر سنوات من القهر والظلم والاضطهاد ومثلها عشر سنوات في منافي الشتات عندما أبعدته قوات الاحتلال عن أرض وطنه خلال بداية الانتفاضة الأولى إلى سوريا ولبنان، حيث كان مدافعاً صلباً عن قضية وطنه وحرية شعبه، وعاد ليواصل النضال والعطاء غير آبه بحجم الاضطهاد والقمع الإسرائيلي، وباشر متابعة كافة القضايا والهموم الوطنية والاجتماعية والتي كان على رأسها النضال والانغماس في هموم الفقراء والمضطهدين وما أكثرها ولا يمكن أن ننسى عندما شغل منصب رئيس مجلس أولياء الأمور في مدارس وكالة الغوث فتابع كل القضايا من صغيرها إلى كبيرها وواكب سلامة الأطفال وواجه مشكلة التسرب وكذلك وقف بعناد ضد محاولات تقليص خدمات وكالة الغوث الدولية الشاهد على نكبة شعبنا عام 1948 ، كما واجه بكل عنفوان حالة الانقسام في صفوف شعبنا، ودعا دائماً إلى ضرورة إنهائها لأنها تشّكل خطراً على قضيتنا الوطنية".
وأضاف " بأن الراحل لم يترك خيمة اعتصام للأسرى إلا شارك في فعالياتها، وأقام بعضها لأنه أدرك أن الاسرى هم بوصلة شعبنا نحو العودة والحرية والاستقلال، ولذلك حاربه الاحتلال وطارده بالرصاص والقمع فكان المناضل الصلب الذي لا تلين له قناة”.
من جانبه، قال رجا اغبارية أمين عام حركة أبناء البلد في الداخل أن الراحل أبو خالد كان مناضلاً عنيداً في وجه الاحتلال ومشاريعه التي تستهدف فلسطين من بحرها إلى نهرها وظل متمسكاً بها يعرف جغرافيتها ويؤكد أن أولئك الفلسطينيين الرابضين على سواحل البحر الأبيض المتوسط هم جزء أصيل من التاريخ والجغرافيا والمستقبل، وكان يؤمن أنه لا حل بدونهم ولا يمكن استثنائهم أو القائهم في براثن الدولة العنصرية التي أقرت أخيراً وفي تطور خطير بقومية هذه الدولة لتكون دولة لليهود فقط وبهذا يجب على كل واهم أن يسقط وإلى الأبد أية مراهنات على حل سياسي بعد إقرار هذا القانون الخطير، وأن حل الدولتين انتهى إلى غير رجعة، ولذلك فإن كل تبعات محاولات هذا الحل يجب أن تنتهي، وعلينا أن ندرك أن الصراع هو ليس صراع حدود وإنما صراع وجود، وكان ابو خالد يدرك هذه المعادلة جيداً، علينا الرجوع إلى الميثاق الوطني الفلسطيني الذي سن في العام 1964 وعلى كل الأطراف أن تباشر أولاً بإنهاء حالة الانقسام إلى غير رجعة وبدون شروط لأن هذا الانقسام يخدم المشروع الصهيوني الجديد القديم “يهودية الدولة”، وبذلك نعيد التوازن لمشاريعنا ونضالنا المشروع والذي يجب أن يكون كما كان سابقاً بكل أشكاله وبدون استثناء.
أما المناضل المطران عطا الله حنا فقد أشار في كلمته إلى أنه يعرف الفقيد المناضل جمال عن كثب حيث التقاه في العديد من المناسبات الوطنية ومناسبات التضامن مع الأسرى وكان عروبياً بامتياز قلبه على فلسطين وعلى سوريا وعلى العراق وعلى اليمن التي تغرق بأسلحة النفط في الخليج العربي، وكان يدرك دائماً أن قوة فلسطين من قوة سوريا وقوة سوريا من قوة فلسطين، كان يقف دائماً وبدون أي تردد مع الوحدة المسيحية الاسلامية ولديه موقف واضح وصريح بأن المسيحيين هم أصحاب هذه البلاد كما المسلمين، وهم ليسوا أقلية بل هم جزء أصيل من التاريخ والمستقبل والماضي والحاضر، وهم الذين قدّموا التضحيات على مذبح القضية الوطنية جنباً إلى جنب مع بقية اخوانهم الفلسطينيين آمنوا بعروبة فلسطين وضرورة تحريرها.
ووجه المطران عطا الله التحية من قلب القدس العاصمة الأبدية لفلسطين والتي كانت كذلك وستبقى إلى الأبد رغم أنف "ترامب" وزبانيته إلى أبناء شعبنا في بيت لحم ومخيم الدهيشة مؤكداً أن مصير صفقة القرن الفشل الذريع كما بقية المشاريع التصفوية التي تحطمت أمام صمود شعبنا وإرادته الفولاذية التي لا تلين”.
وكان آخر المتحدثين وعد جمال فراج باسم عائلة الفقيد حيث وجهت الشكر إلى كافة القائمين على هذا الحفل من فصائل العمل الوطني والمؤسسات والفعاليات المختلفة وعلى رأسهم الجبهة الشعبية وقالت “أن والدها اختار في مسيرته الوطنية ومنذ نعومة أظفارها جموع الشعب والدفاع عن همومهم فانتمى إلى تلك المدرسة التي كانت تدرك أن الجماهير الشعبية هي الغذاء الحقيقي للثورة على الاحتلال حتى اندحاره، تابع العديد من الحالات الانسانية والاجتماعية وتصدى بكل قوة لحلها وتوفير سبل العيش الكريم لهذه العائلات معتمداً على العديد من أصحاب الأيدي البيضاء الذين يعرفوه وساعدوه حتى يتم مساعدة هذه العائلات في مواجهة ضنك العيش، وقف مع المقهورين والملاحقين على خلفية سياسية بكل قوة وعنفوان فكان دائما على راس هذه المواقف”.
وفي نهاية الحفل جرى تكريم عائلة الفقيد من قبل عدد من المؤسسات والفصائل وعائلات الشهداء وتخلل الحفل فقرات فنية مؤثرة قدمها الفنانان الملتزمان أحمد أبو سلعوم وأمجد عرار.