المدرسة "حب" يجب أن يتحرر ابتكارا وإبداعا ليخدم مسؤوليتنا الاجتماعية والوطنية،بقلم: داليا المغربي

داليا المغربي

تُعدُ المدرسةُ بمكوناتها التربوية والأكاديمية إحدى مؤسسات التربية في المجتمع، والتي تتولى وظيفة تنشئة الأبناء، والعمل على رفع قُدراتهم ومهاراتهم في شتى المجالات، ومساعدة الأسرة في التنشئة الاجتماعية للفرد وزرع القيم الإنسانية والأخلاقية.

ولا خلاف أنها مؤسسة ضرورية وناجحة، تكمن أهميتها في إبقاء عملية التواصل بين الأسرة وصناع القرار، بهدف إعداد جيلٍ جديد يندمج في الحياة الاجتماعية عبر وظيفتي الإدماج والحراك الاجتماعي.

في حالتنا الفلسطينية خصوصية نوعية أحيانا حيث ان مناهجنا مستجدة وتحت التطوير والتغير باستمرار كونها تحاول الجمع بين التحرر الوطني وصناعة أجيال فلسطينية معطاءة في مرحلة البناء والتنمية ، لذا يقع على عاتق الجميع تعميق حس المسؤولية الاجتماعية خاصة قطاع الإرشاد التربوي في الهيئات التدريسية المختلفة و خلق أفراد مكتسبين دوافع المشاركة مع الآخرين في أيّ عملٍ يقومون به، والمساهمة في حل المشكلات التي يتعرضون لها، أو تقبّل الدور الذي أقرته الجماعة له والعمل على المشاركة في تنفيذه .

هذه المسئولية تحتم علينا التشبث أكثر بمفهوم "التعليم التحرري" المبني على تطوير المهارات والابتكار والإبداع لدى المتعلم، وتطبيق مفاهيم التفكير الناقد الذي يسعى لبناء قيم التسامح وتقبل الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات باعتماد أساليب تكنولوجية حديثة وقاعدة ربما تحررية تحتم على مشاركة كل من المعلم والمتعلم للوصول معاً إلى المعرفة دون إقصاء أو إلغاء أحدهما للآخر، بل باحترام إنسانية المتعلم وتقدير تجربته الحياتية وخبراته المتنوعة. بغض النظر عن عمره وبيئته وطبيعة تربيته.

فمهمة تعزيز حرص الفرد على التفاعل والمشاركة فيما يدور أو يجري في محيطه أو مجتمعه من ظروف وأحداث وتغيرات مهمة صعبة يتطلب أشعار جميع المشاركين بأنهم أشخاص ذوي أهمية وقادرين على التغيير وبناء جسور الثقة داخل نفوسهم أولا ثم تعزيز مبدأ العطاء والقيادة والتشارك والإبداع وهذا كله بحاجة إلى برامج تعلمية تحررية تركز على المبادرات والمشاريع والأفكار الطلابية المرتبطة أصلا بهدف تعزيز دور الطلبة في قضايا المجتمع المحلى و بعيدا عن عبارة " اذا درست نجحت" .

ولا خلاف انه منذ سنوات طويلة تولى مؤسسات المجتمع المدني برامج عديدة لصقل هذا التوجه لدى الطلبة, إلا أن هذه البرامج فعلياً قليلة ومرتبطة بالتمويل و رؤية المؤسسات العاملة في المجال والتي عادة تكون محددة في برامج خدماتية كرصف طريق يؤدى إلى المدرسة أو أنشاء نقطة إسعافات أولية داخل المدرسة وما إلى ذلك من برامج صغيرة ومحصورة

والمطلوب لبناء الشخصية الطلابية تلقت تعليما تحرريا خادما لحس المسئولية الاجتماعية ، أن يكون الطالب ملماً إلماماً كاملاً بمحاور المسؤولية الاجتماعية بصورة تطبيقية وليست نظرية فقط، والدليل على مصداقية ذلك ما تقوم به النُظم التعليمية العالمية من احتساب ساعات التطوع ضمن مفهوم المسؤولية الاجتماعية كساعات معززة لأدائه الدراسي سواءً في المدرسة أو الجامعة، وأيضا استخدام ساعات التطوع في البرامج الاجتماعية ضمن العقوبات القضائية أو ما يعرف بالعقوبات البديلة وهى استحداثات قانونية أضيفت لقوانين الردع في الجرائم تعزز آدمية الإنسان كإلزام الجاني بخدمة المجتمع والتأهيل النفسي والعلاج والمراقبة الإلكترونية لما لها من أثر فاعل في الحد من تدنى مستوى الجريمة وعدم تكرارها إضافة إلى إعادة الثقة إلى المذنب وترويض سلوكياته بأعمال تطوعيه وخدماتية تعزز حس المسؤولية المجتمعية لديه وهذه هى حقيقة التعليم التحرري.

في غزة بالتحديد مع غياب الفرص والحياة الكريمة وتراكمات الخلاف السياسي الذي افرز وجود معوقات تعيق المدرسة عن أداء دورها في تنمية الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية؛ ككثرة الأعباء الملقاة على المعلم والمتعلم في ظروف غزة الحياتية، فهناك ثمة تراجع للدور الاجتماعي في المنظومة التعليمية، ترتب عليه غياب الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، يتضح في مظاهر سلوكية سلبية مثل عدم الحفاظ على المال العام بدءا بطاولة المدرسة، مرورا بالبنية التحية للحي السكنى ، وانتهاء بالممتلكات العامة في المجتمع الخدماتية والترفيهية .

وهنا المعضلة الصعبة التي يجب أن تأخذها مؤسسات المجتمع الأهلية والحكومية وهى ابتعاث الدور الاجتماعي للمدرسة ومساعدتها على استعادة هذا الدور، من خلال خطة متكاملة الأركان ممن يرسمون السياسات العليا ويوجهون دفة عمل المؤسسات بما فيها التعليمية بحيث لا يكون المنهج الدراسي العلمي فقط هو الشغل الشاغل بدء من وزارة التربية والتعليم صاحبة الفصل والقول و واضعي المنهاج الفلسطيني أصحاب الرؤية والبناء ورؤساء أقسام الإرشاد التربوي في الجامعات ومهمتهم تخريج مختصين تربويين فاعلين وانتهاء بالمؤسسات الأهلية والشبابية والطلابية والتي عليها ان تعزز هذه الأدوار مجتمعة

وبناء عليه يجب وضع خطط وآليات لتغيير سير اليوم المدرسي من حصص وعلامات ورسوب ونجاح إلى برامج وأنشطة مدرسية ترسيخ اعتزاز الطالب بهويته الوطنية والعربية، وجذوره وتراثه وتاريخه وتقاليده الأصيلة، والاهتمام بالمناسبات الإسلامية والوطنية والعالمية المرتبطة بمنظومة القيم والحقوق لخدمة قضايا التربية والمواطنة والحكم الصالح ، وتوجيه النشاط المدرسي بحيث يؤدي إلى تعليم الأساليب السلوكية الاجتماعية المرغوب فيها وتعلم المعايير التربوية والأدوار الاجتماعية.

ترجع مسؤولية محتوى هذا المنشور لمؤسسة بيت الصحافة, ولا يعكس بالضرورة موقف مؤسسة روزا لوكسمبورغ

مشروع خطوة نحو تعليم أفضل- تنفيذ بيت الصحافة – فلسطين وتمويل مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد