مشروع قرار مجلس الأمن: المهم الصيغة!..رجب ابو سرية

201-TRIAL- يمكن القول، إن استشهاد المناضل/ الوزير زياد أبو عين الأسبوع الماضي، لم يغضب القيادة الفلسطينية وحسب، بل فرض عليها تحديا، ما بين ضبط النفس والرد الفوري، ولا شك أن الاهتمام الشعبي باجتماع القيادة الفلسطينية يوم أول من أمس كان واضحاً، انتظاراً لما ستقدم على اتخاذه تلك القيادة من قرارات، وإن كانت تصريحات المسؤولين الفلسطينيين التي سبقت الاجتماع قد فتحت باب التكهنات على مصراعيه، فمنهم من قال إنه سيتم الإعلان عن وقف التنسيق الأمني بكل أشكاله ومستوياته مع الجانب الإسرائيلي، ومنهم من قال إنه سيتم الإعلان عن إلغاء اتفاقات أوسلو، وبين هذا وذاك، كان الحديث أيضاً عن التوجه مجدداً للمنظمات الدولية، ومقاضاة إسرائيل على جرائم القتل العمد، فضلاً عن جرائم الحرب، وبما في ذلك بالطبع التأكيد على التقدم لمجلس الأمن بمشروع القرار الخاص بتحديد السقف الزمني لإنهاء الاحتلال. لقد أكد الاجتماع إذن على الذهاب لمجلس الأمن وفق صيغة مشروع القرار الفلسطيني /العربي، الذي ينص على مطالبة المنظمة الدولية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية مع نهاية تشرين الثاني من العام 2016، وهذا يعني انه يمكن أن يأتي هذا القرار _ في حال إصداره بالطبع _ تحت البند السادس، فيما يمكن تصعيده بعد ذلك، في حال عدم استجابة إسرائيل، كما هو متوقع، للتأكيد على القرار، لاحقاً بإدراجه ضمن البند السابع.  لكن ذلك أمر ما زال بعيد المنال، لأن واشنطن ما زالت دونه، وإن كانت تبحث عن صيغة أخرى، فهي حتى لم تقبل _ بعد _ بصيغة مشروع القرار الفرنسي، الذي يدعو إلى أن يكون إنهاء الاحتلال عبر مفاوضات تنتهي مع ذلك التوقيت، وهو بذلك يبدو "كتعديل" لمشروع القرار العربي. لم يفصح احد عن طبيعة ولا محتوى مشروع القرار الأميركي، وان كان يمكن القول إن واشنطن ما زالت تسعى لتجنب الأمر كله، أي تجنب التقدم بمشروع قرار بأية صيغة لمجلس الأمن، وأنها ما زالت تسعى لإقناع الجانب الفلسطيني بإمكانية التوصل إلى شيء ما عبر التفاوض!  الأمر يتعلق إذن بنتيجة لقاءات مكوكية يجريها جون كيري وزير الخارجية الأمريكية مع كل من بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، ثم مع المسئولين الفرنسيين، ثم مع صائب عريقات ووزراء الخارجية العرب، قبل حسم هذا الأمر.  الحكومة الإسرائيلية، ورئيسها نتنياهو أول الأطراف التي حسمت أمرها، وترفض الخوض في القصة برمتها، لأنها مطالبة بتقديم تنازل مهم وواضح للجانب الفلسطيني، يكون بمقدار أن يبرر للقيادة الفلسطينية التراجع عن هذا المسعى، ربما ليس اقله الإقرار خطيا بالموافقة على أجراء مفاوضات، تبدأ بترسيم الحدود على أساس 67، وتنتهي بسقف زمني محدد، وهذا سيعني انتحارها سياسيا، واختصار كل الحملة الانتخابية الخاصة باليمين، هذا إن لم يسارع الليكود بإسقاط نتنياهو في انتخاباته الداخلية بعد أيام وقبل الدخول في معمعة الانتخابات العامة.  أما واشنطن فهي لم تغلق الباب تلقائياً، على الاحتمال الوحيد وهو اتخاذ حق النقض (الفيتو) لأن موقفها هذا سيسجل لصالح اليمين الإسرائيلي في الانتخابات، في الوقت الذي يشاع فيه أن واشنطن شجعت "التمرد" على الحكومة، وأنها تفضل أجراء الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، وأنها أكثر من ذلك ترغب في حكومة إسرائيلية جديدة أكثر اعتدالاً، يكون من شأنها تسهيل معركتها ضد داعش والجماعات المتطرفة في المنطقة، بعدم التشويش الإسرائيلي على تحالفها مع الدول العربية المعتدلة، في حربها ضد تلك الجماعات.  الجانب الفلسطيني ينتظر ويترقب ويحسب أفضل الاختيارات، وسيقرر أية الصيغ هي التي سيعتمدها في نهاية المطاف، بناء على ما سيقدمه كيري، حيث لا يخفى على أحد بان القيادة الفلسطينية، تفضل دائما أن لا تلقي بكل أوراقها دفعة واحدة على الطاولة، وإلا لكانت قد فعلت هذا الأمر، منذ وقت، وما زال في جعبتها، التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، ووقف التنسيق الأمني بالكامل، كذلك إلغاء كل ما "يحرر" الاحتلال الإسرائيلي من التزاماته تجاه الضفة و القدس و غزة ، بناء على أوسلو.  لكن ما ينقص الجانب الفلسطيني، عملياً هو أهم ورقة، وهي الورقة الميدانية التي ما زالت رغم ما تشي به من إرهاصات ومن تحذيرات، دون المستوى المطلوب، حيث يمكن القول إن استشهاد الوزير أبو عين، قد فضح معظم أفراد وأعضاء القيادات الفلسطينية في كل مكان، وعلى كل مستوى، التي ما زالت تتشدق بالكلام حتى تنتفخ أوداجها، فيطلق بعضها الصواريخ الهوائية، فيما لا تقوم بفعل على الأرض، ولو قمنا بحسبة بسيطة، لوزراء ووكلاء ومدراء عامي الوزارات، كذلك أمناء وأعضاء المكاتب السياسية واللجان المركزية لنحو عشرين فصيلا، فضلا عن مئات المؤسسات غير الحكومية والتجمعات والاتحادات النقابية وما إلى ذلك .. لكنا إزاء نحو ألف قائد أو يزيد، بات لا بد من مطالبتهم بأن يشاركوا شخصيا، مرة في الأسبوع على الأقل في التظاهرات السلمية، وإلا فليدق الجرس للإعلان عن خلو فلسطين من الفصائل والأحزاب السياسية والمؤسسات العامة، وان كل ما فيها من "قيادات" لا يتعدى كونه رجالات مترهلة، رجال يسعون إلى السلطة والتسلط والثراء على حساب عذابات الناس وعلى حساب حرية الوطن، وان أحدا من الفلسطينيين لم يعد بحاجة إليهم، لذا فما عليهم إلا أن ينصرفوا، اليوم والآن قبل الغد!. 
Rajab22@hotmail.com

214
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد