بعد وفاة الشاب نصير..مراكز إيواء "الأونروا" تتحول لقبور للنازحين
2014/12/13
18-TRIAL-
غزة / صبا الجعفراوي / سوا/ كعادتها في كل صباح ذهبت آمنة نصير للفصل الذي ينام به ابنها ياسين لتوقظه ليخرج للعمل مع والده ككل يوم، ولكن ما أن اقتربت منه سكن الخوف قلبها، فياسين لم يكن كما اعتادت أن تراه صباحاً، اقتربت أكثر وبدأت توقظه ولكنه لا يستجيب.
استمرت الأم بإيقاظ ابنها وتحريكه بقوة، ولكن دون جدوى ثم حضنته وصرخت صرخة جعلت والده وبعض أصدقاءه يتوجهون مسرعين للفصل، ولم تذكر على لسانها سوى "ياسين مات ياسين يا حبيبي اصحى ما تموت".
وتوفي الشاب ياسين محمود نصير (19 عام) بشكل مفاجئ، صباح يوم الاثنين الماضي في مركز الإيواء ببلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.
ولحظة وفاة ياسين حاول أصدقاءه إنعاشه اصطناعياً ولكن لا جدوى ونقلوه للمستشفى وهناك أعلنت المصادر الطبية عن وفاته ووصوله جثة هامدة وتحويله للطب الشرعي بغزة لمعرفة سبب وفاته، والتي نتجت عن هبوط حاد في القلب.
وتروي آمنة لـ"سوا" تفاصيل يوم وفاة ابنها والساعات الأخيرة له، فتقول "ليلة وفاة ياسين عاد لمركز الإيواء فرحاً بالملابس الجديدة والجوال الذي ابتاعه يومها وغير ملابسه وجلس مع أصدقاءه وإخوانه، ولكنه اشتكى من ألم في رأسه فتوجه مع أخيه لإحدى الصيدليات وأخذ حقنة مسكنة للألم".
وتتابع نصير والدموع تنهمر من عيونها "ياسين كان محبوبا جدا في مركز الإيواء وشاب يساعد الجميع، يومها تحدث مع كافة إخوانه وأخواته، ووزع الحلوى على الأطفال والنساء والرجال بالمركز كأنه يعلم أنه سيتوفى وقام بتوديع الجميع".
وبألم وحسرة عبرت الأم عن حزنها على فقد ابنها، غير مستوعبة كيف رحل فجأة وما هو سبب وفاته، مستذكرة حزنه عندما دمر الاحتلال الإسرائيلي منزلهم بالكامل في بلدة بيت حانون خلال العدوان الأخير وخوفه عندما استهدفتهم الآليات في إحدى المدارس واستشهاد العشرات وإصابة المئات من الأطفال والنساء يومها.
وتقطن عائلة نصير في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين " الأونروا " ببلدة بيت حانون في ظل ظروف صعبة جدا، مشتكيين من سوء التغذية والوجبات التي تقدمها الوكالة لهم المقتصرة على المعلبات فقط، وإيقاف صرف الكوبونات الغذائية لهم على اعتبار أنهم يقطنون في المركز ويتلقون كافة الخدمات هناك، إضافة لقلة الفحوصات الطبية الدورية للنازحين.
ولم يكن حال محمود نصير والد الشاب أفضل من زوجته، فنزل خبر وفاة ابنه عليه كالصاعقة ولم يتحمل فراقه، وبدأ يجهش بالبكاء ويصرخ مع أم ياسين ويوقظه معها، ولكنه للأسف فارق الحياة وسلم روحه لربه.
وتحدث نصير لـ"سوا" عن آخر لحظات في حياة ابنه الذي كتب اسمه على جدران المدرسة وكانت آخر كلماته أنه سيتزوج قريبا، قائلاً والدموع تملأ عيناه " ليلتها قال ابني جملة غريبة وهي أنه ليس ياسين الذي نعرفه وسترون ذلك غداً وفعلا في الصباح لم يكن هو، فلقد رحل دون سابق إنذار وأوجع قلوبنا".
وحول ظروف معيشتهم في مركز الإيواء، بيّن نصير أنهم يعيشون أوضاعاً صعبة منذ أن فقدوا منزلهم بالعدوان الأخير وانتقالهم للمدرسة، خاصة أنه عامل ورزقه متوقف على دخول الاسمنت وبدء إعادة الاعمار.
وأضاف الوالد: ياسين في الشهر الأخير كان يبحث عن عمل ليساعده في مصروف إخوته الصغار، وكان يخرج في الصباح الباكر وهمه الوحيد هو توفير مصروفهم ومساعدتهم في تلك الظروف القاسية.
الشاب ياسين نموذج يجسد العديد من شباب قطاع غزة الذي يعاني من البطالة منذ سنوات وندرة فرص العمل، ليزيد العدوان الأخير من "الطين بلة"، حيث زادت الظروف الاقتصادية صعوبة بعد تدمير المصانع وفقد العديد من العمال لوظائفهم.
ولا زالت بعض مدارس "الأونروا" تأوي مئات العائلات منذ أن دمرت بيوتهم في العدوان الذي استمر 51 يوماً.
وحول رد "الأونروا" على حالة وفاة الشاب نصير، نفى المسئول في وكالة "الأونروا" بمحافظة شمال غزة خليل الحلبي أن يكون الإهمال الطبي سبب وفاته، مشيراً إلى أن ظروف موته طبيعية وكأي حالة وفاة عادية نتجت عن سكتة قلبية.
وأكد الحلبي أن "انروا" تهتم بنظافة مراكز الإيواء دائما وباستمرار، وحرصها على تزويد المواطنين بالمواد التنظيفية وإعطائهم إرشادات للحفاظ على صحتهم مثل التهوية الدائمة للفصول وتنظيفها.
وقال المسئول: "إننا نقدم الفحوصات الطبية للنازحين بشكل دوري ولدينا طبيب مقيم في المركز وممرضين ومشرفين صحيين ومشرفين نظافة، وأفرزنا 40 عامل نظافة لتنظيف الحمامات" .
وعن شكوى النازحين من سوء التغذية وانقطاع الكوبونات الغذائية، أوضح الحلبي أن قطعها جاء لان المواطنين يتلقون كافة الخدمات في المركز، والمواد الغذائية التي توزع عليهم بديلاً عنها، ولكنهم وهم يشكون من كل شيء، ولا ننكر أن وضعهم المعيشي صعب.
وأكد أنه في منتصف الأسبوع القادم سيتم منح جميع النازحين بدل إيجار وإصلاح، حيث تم زيارة ومعاينة أكثر من 90 ألف منزل مدمر، منوهاً إلى أن بلدة بيت حانون ضمن أهم أولويات الوكالة.
قد تكون الوفاة المفاجئة للشاب نصير ناقوس خطر يشير لمدى تردي وضع الشباب بغزة، فلم يشهد القطاع حالات وفاة لشباب بعمر الزهور اثر نوبات قلبية حادة، ولكن الوضع الاقتصادي الصعب والقهر الذي يعيشونه قد يتسبب بوفاة عدد أكبر خلال الأشهر القادمة، فهل ستنظر الحكومة بعين الرحمة لهؤلاء!؟ ومتى ستنتهي معاناتهم؟! 68
استمرت الأم بإيقاظ ابنها وتحريكه بقوة، ولكن دون جدوى ثم حضنته وصرخت صرخة جعلت والده وبعض أصدقاءه يتوجهون مسرعين للفصل، ولم تذكر على لسانها سوى "ياسين مات ياسين يا حبيبي اصحى ما تموت".
وتوفي الشاب ياسين محمود نصير (19 عام) بشكل مفاجئ، صباح يوم الاثنين الماضي في مركز الإيواء ببلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.
ولحظة وفاة ياسين حاول أصدقاءه إنعاشه اصطناعياً ولكن لا جدوى ونقلوه للمستشفى وهناك أعلنت المصادر الطبية عن وفاته ووصوله جثة هامدة وتحويله للطب الشرعي بغزة لمعرفة سبب وفاته، والتي نتجت عن هبوط حاد في القلب.
وتروي آمنة لـ"سوا" تفاصيل يوم وفاة ابنها والساعات الأخيرة له، فتقول "ليلة وفاة ياسين عاد لمركز الإيواء فرحاً بالملابس الجديدة والجوال الذي ابتاعه يومها وغير ملابسه وجلس مع أصدقاءه وإخوانه، ولكنه اشتكى من ألم في رأسه فتوجه مع أخيه لإحدى الصيدليات وأخذ حقنة مسكنة للألم".
وتتابع نصير والدموع تنهمر من عيونها "ياسين كان محبوبا جدا في مركز الإيواء وشاب يساعد الجميع، يومها تحدث مع كافة إخوانه وأخواته، ووزع الحلوى على الأطفال والنساء والرجال بالمركز كأنه يعلم أنه سيتوفى وقام بتوديع الجميع".
وبألم وحسرة عبرت الأم عن حزنها على فقد ابنها، غير مستوعبة كيف رحل فجأة وما هو سبب وفاته، مستذكرة حزنه عندما دمر الاحتلال الإسرائيلي منزلهم بالكامل في بلدة بيت حانون خلال العدوان الأخير وخوفه عندما استهدفتهم الآليات في إحدى المدارس واستشهاد العشرات وإصابة المئات من الأطفال والنساء يومها.
وتقطن عائلة نصير في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين " الأونروا " ببلدة بيت حانون في ظل ظروف صعبة جدا، مشتكيين من سوء التغذية والوجبات التي تقدمها الوكالة لهم المقتصرة على المعلبات فقط، وإيقاف صرف الكوبونات الغذائية لهم على اعتبار أنهم يقطنون في المركز ويتلقون كافة الخدمات هناك، إضافة لقلة الفحوصات الطبية الدورية للنازحين.
ولم يكن حال محمود نصير والد الشاب أفضل من زوجته، فنزل خبر وفاة ابنه عليه كالصاعقة ولم يتحمل فراقه، وبدأ يجهش بالبكاء ويصرخ مع أم ياسين ويوقظه معها، ولكنه للأسف فارق الحياة وسلم روحه لربه.
وتحدث نصير لـ"سوا" عن آخر لحظات في حياة ابنه الذي كتب اسمه على جدران المدرسة وكانت آخر كلماته أنه سيتزوج قريبا، قائلاً والدموع تملأ عيناه " ليلتها قال ابني جملة غريبة وهي أنه ليس ياسين الذي نعرفه وسترون ذلك غداً وفعلا في الصباح لم يكن هو، فلقد رحل دون سابق إنذار وأوجع قلوبنا".
وحول ظروف معيشتهم في مركز الإيواء، بيّن نصير أنهم يعيشون أوضاعاً صعبة منذ أن فقدوا منزلهم بالعدوان الأخير وانتقالهم للمدرسة، خاصة أنه عامل ورزقه متوقف على دخول الاسمنت وبدء إعادة الاعمار.
وأضاف الوالد: ياسين في الشهر الأخير كان يبحث عن عمل ليساعده في مصروف إخوته الصغار، وكان يخرج في الصباح الباكر وهمه الوحيد هو توفير مصروفهم ومساعدتهم في تلك الظروف القاسية.
الشاب ياسين نموذج يجسد العديد من شباب قطاع غزة الذي يعاني من البطالة منذ سنوات وندرة فرص العمل، ليزيد العدوان الأخير من "الطين بلة"، حيث زادت الظروف الاقتصادية صعوبة بعد تدمير المصانع وفقد العديد من العمال لوظائفهم.
ولا زالت بعض مدارس "الأونروا" تأوي مئات العائلات منذ أن دمرت بيوتهم في العدوان الذي استمر 51 يوماً.
وحول رد "الأونروا" على حالة وفاة الشاب نصير، نفى المسئول في وكالة "الأونروا" بمحافظة شمال غزة خليل الحلبي أن يكون الإهمال الطبي سبب وفاته، مشيراً إلى أن ظروف موته طبيعية وكأي حالة وفاة عادية نتجت عن سكتة قلبية.
وأكد الحلبي أن "انروا" تهتم بنظافة مراكز الإيواء دائما وباستمرار، وحرصها على تزويد المواطنين بالمواد التنظيفية وإعطائهم إرشادات للحفاظ على صحتهم مثل التهوية الدائمة للفصول وتنظيفها.
وقال المسئول: "إننا نقدم الفحوصات الطبية للنازحين بشكل دوري ولدينا طبيب مقيم في المركز وممرضين ومشرفين صحيين ومشرفين نظافة، وأفرزنا 40 عامل نظافة لتنظيف الحمامات" .
وعن شكوى النازحين من سوء التغذية وانقطاع الكوبونات الغذائية، أوضح الحلبي أن قطعها جاء لان المواطنين يتلقون كافة الخدمات في المركز، والمواد الغذائية التي توزع عليهم بديلاً عنها، ولكنهم وهم يشكون من كل شيء، ولا ننكر أن وضعهم المعيشي صعب.
وأكد أنه في منتصف الأسبوع القادم سيتم منح جميع النازحين بدل إيجار وإصلاح، حيث تم زيارة ومعاينة أكثر من 90 ألف منزل مدمر، منوهاً إلى أن بلدة بيت حانون ضمن أهم أولويات الوكالة.
قد تكون الوفاة المفاجئة للشاب نصير ناقوس خطر يشير لمدى تردي وضع الشباب بغزة، فلم يشهد القطاع حالات وفاة لشباب بعمر الزهور اثر نوبات قلبية حادة، ولكن الوضع الاقتصادي الصعب والقهر الذي يعيشونه قد يتسبب بوفاة عدد أكبر خلال الأشهر القادمة، فهل ستنظر الحكومة بعين الرحمة لهؤلاء!؟ ومتى ستنتهي معاناتهم؟! 68