وصلت لقناعة بعد دراسة الماضي والحاضر والمستقبل، بأن الإدارة الأمريكية لن تستطيع أن تمرر صفقة القرن على الفلسطينيين للأسباب التالية:

فلسطينياً، يتمسك الرئيس محمود عباس بموقفه الثابت الرافض لكافة تفاصيل الصفقة، ولا يرى الرئيس فيها أي فرصة للنجاح أو قيام دولة فلسطينية من خلالها وهي لا تحقق أدنى الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتنسجم القوى والفصائل الفلسطينية مع موقف الرئيس عباس، برفض كافة تفاصيل الصفقة، فلا يمكن فرض تفاصيل اتفاق على القيادة الفلسطينية، هي بالأساس غير مُقتنعة به، وتم صياغته في المطابخ الأمنية الأمريكية والإسرائيلية، دون الرجوع للفلسطينيين للمشاركة فيه، وهذا تعتبره القيادة الفلسطينية خارج أعراف أي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي والذي تشارك به دوماً مثلما حصل في اتفاق أوسلو 1993م.

عربياً، قال العرب كلمة الفصل في الأيام الأخيرة من خلال لقائهم مع كوشنير مبعوث الرئيس الأمريكي، حيث عبرت وسائل الاعلام الإسرائيلية عن دهشتها من ردود الأفعال المصرية والاردنية التي رفضت تفاصيل الصفقة، كما رشح عن وسائل الاعلام، وبذلك تكون الصفقة لم تُروج بشكل عربي وصادفت عقبتين هامتين هما مصر والأردن، ولن تُشارك مصر والأردن في تصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقة مشبوهة، لا تُلبي احتياجات الفلسطينيين وحجم تضحياتهم.

اقليمياً، يعيش الإقليم المحيط بالقضية الفلسطينية ظروف مُعقدة في سوريا ولبنان ومصر والأردن والأزمة الخليجية، وتعاظم دول المحور الرافضة للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، وتحالفات غير واضحة المعالم، فالإقليم عبارة عن كرة من اللهب تتدحرج من دولة لأخرى، دون وجود استقرار يُساعد على تمرير صفقة القرن، وارغام الفلسطينيين على الاعتراف والتعاطي معها.

دولياً، ترفض الدول الأوروبية وروسيا والصين، معظم الأفكار التي يطرحها الرئيس ترامب، فيما يخص القضية الفلسطينية، وكان ذلك واضحاً من خلال رفض تلك الدول قرار ترامب الأخير بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس ، وتصويتهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد القرار، ولا تجد تلك الدول فرصة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط الا من خلال الاعتراف بحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، والانسحاب الإسرائيلي من المستوطنات الكبرى في مدن الضفة الغربية وضمها لحدود الدولة الفلسطينية، و فتح ميناء ومطار في قطاع غزة ، وربط القطاع بالضفة الغربية من خلال ممر أمن، وإقامة كيان فلسطيني على حدود الرابع من حزيران عام 1967م.

جميع ما سبق يمنع تنفيذ صفقة القرن، ولكن ما إذا لم يتم تنفيذ الصفقة، ما هي الخطط الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة؟

تكمن الإجابة على هذا التساؤل بالعودة إلى المبادرة العربية في بيروت عام 2002م، والتي خرجت بالقول الأوحد إقامة دولة فلسطينية وحل القضية الفلسطينية ومن ثم التطبيع مع إسرائيل، بإمكان إسرائيل الان بعد عدم تعاطي القيادة الفلسطينية مع صفقة القرن، اقناع الدول العربية بالتطبيع المباشر والمكشوف مع إسرائيل، بحجه أن الفلسطينيين لا يرغبون بإقامة دولة فلسطينية لهم، وأن الولايات المتحدة قدمت مبادرة على طبق من ذهب ولكنهم رفضوها.

الصفقة الان تعيش أنفاسها الأخيرة، ولا تجد لها عراب، ولن تجد عراب عربي أو دولي يستطيع أن يُسجل في تاريخه بأنه منح مدينة القدس للإسرائيليين، ورغماً عن ضعف الجبهة الفلسطينية الداخلية وتأثير الانقسام عليها، فإن الشعب متمسك بموقف موحد وهو رفض تلك الصفقة، ولن تمر مرور الكرام.

كاتب وصحفي فلسطيني

alhadath@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد