اتفق العالَمُ على منحِ خمس دولٍ فرضَ حقِ الولاء والطاعة، والإذعان على كل دول العالم، وهي: أميركا، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين.
إليكم إحصاءً بعدد مرات استخدام، حق الفيتو، أو، «الفتونة» لكل دولة، حتى شهر حزيران 2018:
استخدمت أميركا حق الفتونة إحدى وثمانين مرة، أما روسيا فقد طبَّقته مائة واثنتي عشرة مرة، أما بريطانيا فقد استخدمتْه تسعة وعشرين مرة، أما فرنسا فقد نفَّذتْهُ ست عشرة مرة، أما الصين فقد استخدمتْه إحدى عشرة مرة.
ما يَهُمُّني في العدد السابق، هو أن عدد المرات التي استخدم فيها حق الفيتو الأميركي ضد الفلسطينيين، كان واحدا وأربعين مرة، أي أكثر من نصف العدد الكلي للفيتو الأميركي كله!!
بين، لفظ، الفيتو اللاتيني، وبين لفظ، الفتوة، أو، الفتونة العربي تشابهٌ كبير، ليس في الحروف فقط، بل إن كليهما يعني امتلاك القوة، قد تكون هذه القوة قوةً جسدية، وقد تكون قوةُ عائلية، وقد تكون قوة مالية اقتصادية، وقد تكون أيضا قوة نفوذية عسكرية وحربية!
فالفتوة العربية، أو بنحتٍ آخر، الفتونة، تعني فرض السيطرة، وتعني أيضا الخروج عن مبادئ الأخلاق، والأعراف السائدة، وقد يكون صاحب الفتوة، كما في المعاجم العربية، زعيم عصابة أيضا.
تعتبر أميركا في عصرنا الراهن دولةَ الفتونة بلا مُنازع، فيما يتعلق بقضيتنا الفلسطينية، فهي تستخدمٌ هذه الفتونة، ضد الفلسطينيين بصورة بارزة في كل المجالات،
أما عن أبرز نماذج «الفتونة» الأميركية، فهي بالتأكيد مندوبة أميركا في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، التي رفعت في وجه العالم، عند توليها المنصب حذاءها المدبب، قائلة: «مِن الآن فصاعدا، ليس للعالم إلا هذا، سنوقف التحيُّز ضد إسرائيل»!!
أما رئيسها فهو بالتأكيد الرمز الأوضح على حالة الفتونة، إذ أن اختياره كمصارع لم يأتِ صدفةً، بل كان مخططا له، فقد بدأ سلسلة فتواتِه على مقربيه أولا، فأقال أعدادا كبيرةً منهم، وأزاح من طريقه، كلَّ من ثبتَ أنه ليس مواليا موالاة مطلقه لشخصه، حتى أن أحد أبرز مستشاريه، جيمس كومي، عنْوَنَ كتابه الناقد للرئيس الأميركي، ترامب بعنوان: « الولاء المطلق»
ثم شرع في ممارسة «الفتونة» على رؤساء دول العالم، حتى في التعمد في عدم مصافحتهم، أو، مصافحتهم بعنفٍ مقصودٍ، ثم شرع يمارس الفتونة في كل المجالات، فألغى اتفاقية المناخ، وانسحب من الاتفاقية الإيرانية، ثم هدَّد كوريا الشمالية بالمحو من الخريطة، وفرض رسوما جمركية على البضائع المستوردة من أوروبا والصين، وقلص الدعم المالي ل» الاونروا » وهدد الدول التي صوتت ضد قراره، الاعتراف ب القدس عاصمة لإسرائيل، بعدم منحها مساعدات مالية، وطالب دول الخليج بدفع (إتاوة) الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط
أما الشخصية الثالثة الفتوانية على الفلسطينيين، فهي شخصية سفير أميركا في إسرائيل، ديفيد فردمان، فهو لم يقتنع بالإعلان عن نفسه كداعمٍ للاستيطان، ونصيرٍ أبديِّ لإسرائيل، ومحرضٍ على أن تعترف أمريكا بالقدس عاصمةً لإسرائيل، بل، أعلن يوم 30-5-2018 في مقابلة له مع صحيفة تايمز أوف إسرائيل بصفاقة الفتونة قائلا، وكأنه المالك الحصري للقدس:
« أدعو أعضاء الكونغرس الديموقراطيين لزيارة إسرائيل، لكي يدعموها» !!
لعل أغرب ما في ذلك، هو أن تَدَّعي دولةُ الفتونة، والفيتو بأنها حامية الديموقراطية في العالم، ونصيرة مبادئ حقوق الإنسان!!
أخيرا، كيف تستوي الفتونة، مع العدالة، والديموقراطية؟!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية