احتفلتْ صحفُ إسرائيل جميعُها يوم 27 أيار الجاري بأحدث اختراعاتها في الألفية الثالثة؛ الحاجز البحري الجديد على شواطئ قطاع غزة ، في المنطقة الفاصلة بين غزة وإسرائيل! غرَّد وزير الحرب، أفيغدور ليبرمان بنشوة واعتزاز:


«هو الحاجز الأول من نوعه في العالم كلِّه، لمنع عمليات التسلُّل من غزة عبر البحر، ها نحن نجحنا في نزع قوة حركة حماس الثانية، بعد تدمير سلاحها الأول، الأنفاق، هذا الحاجز الفريد هو إكمالٌ لأربعةٍ وستين كيلومترا من الحواجز!!»


أفسحتُ الصحفُ الإسرائيلية مجالا لوصف هذا الحاجز الجديد المكون من ثلاث طبقات، طبقة أسفل سطح البحر، وطبقة صخرية فوق السطح، وأسلاك فوق الطبقة الصخرية، مع وجود مجسات إلكترونية!!


إسرائيل هي إمبراطورية الأسوار، والحواجز، والجدران، التي تتنافى بالكامل مع تسميتها الزائفة، الدولة الديمقراطية!! هل تستقيم الديموقراطية مع الأسلاك الشائكة، والديموقراطية مع جدران الفصل العنصري ؟!!


عدتُ إلى ملفاتي منذ ست سنوات لأجد هذا الخبرَ، الذي نشرته صحيفة، يديعوت أحرونوت يوم 28-7-2012:


«أجبرتْ إسرائيلُ هيئةَ الإذاعة البريطانية، البي بي سي، على إزالة الشعار الذي وضعتْه لإسرائيل، وكانتْ الوكالة قد وضعتْ شعارا لإسرائيل عبارة عن حاجز عسكري، ونقطة تفتيش، مُحاطة بالأسوار والجدران !»


اعتذرت هيئةُ الإذاعة البريطانية عن خطئها في حق عروس الديموقراطيات في العالم!!


للأسف، لم تجد دولةُ الحواجز، والأسوار، والمجسات، والجدران، مَن يوثِّق هذه الممارسات العنصرية، في عالمٍ جديدٍ، أصبحتْ فيه الحواجزُ، ونقاط التفتيش، والأسوار، عنوانا على التخلف، والرجعية، والانغلاق!


هل ستكتفي إسرائيلُ بهذه الأنماط العجيبة من الحواجز؟!!


جرَّبتُ إسرائيلُ (الديموقراطية)! الأنماط التالية من الحواجز، والأسوار، والجدران:


جرَّبتْ (الحلاَّبات)! على بوابات دخول العمال الفلسطينيين، وبخاصة، حلابات معبر، بيت حانون! اشتُّقَّ اسمها من حلابات مزارع الأبقار، حيث يصطف العمال في طوابير طويلة مُحاطة بالأسلاك، حتى يصلوا إلى نقطة التفتيش، أو آلة حلب البقرة، حيث يقدمون مستنداتهم للجنود!


أما النمط الثاني، فهو سور الفصل العنصري، الذي يبلغ طولة حول الضفة الغربية سبعمائة وخمسين كيلو مترا، وقد أشبعناه شتما، وأمطرناه خطاباتٍ، وأصدرنا فيه أطنان بيانات الشجبٍ، والاستنكار، سنتين كاملتين، إلى أن مللنا، ثم غفونا!!


أما النمطُ الثالث، فهو حاجز الكهوف على حدود قطاع غزة، وهو حاجز إسمنتي، يغوصُ في أعماق الأرض، بحجة منع الأنفاق!!  أمضينا في هجائه فترةً أقصر، ما يقرب من ستة شهورٍ!


أتوقع أن يحظى هذا الحاجزُ البحريُ الجديد حاجز، زيكيم البحري، بفترة عويلٍ، ورثاء، وبكاء، أقلَّ من باقي أنماط الحواجز، فقط أسبوعين!!


أما النمطُ الخامس من الحواجز، وهو الحاجز الجوي، حاجز منظومة القبة الحديدية، انتقدناه بحذرٍ، ولعنَّاه بتحفُّظ!


هل ستكتفي إسرائيل بهذه الأنماط، أم أنها ستستحدث حاجزا  فراغيا فريدا آخر، يفصل بين أنفاس الفلسطينيين، الملوثة، وبين أنفاس المحتلين، لتصبح تجارة الحواجز هي أكثر التجارات ربحا وتسويقا في إسرائيل؟!!


 أن حواجزها ليست فقط لقمع الفلسطينيين، بل إن إسرائيلَ بَنَتْ حواجزها على حدودِ كل الدول المجاورة، فهناك السورُ الطويلُ على حدود مصر، والعائق الكبير على حدود لبنان، والأردن، ونقاط التفتيش والأسوار في الجولان!


أخيرا:
احتجَّتْ إسرائيلُ قبل عدة سنوات على مشروعٍ، لم يكتمل، وهو إنشاء ميناء بحري في غزة، لأن الميناء سيؤثِّرُ سلبا على شواطئ زيكيم، ويافا!!


هل بلور ضحايا هذه الحواجز، والأسوار، والجدران، شكاوى قانونية تأخذ في الاعتبار، تأثيرات هذه الحواجز على الحالة الاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية، لأهل الأرض الأصليين؟


هل هناك ملفاتٌ قانونية في جمعيات البيئات، وما أكثرها!! لمطاردة إسرائيل عالميا، بتهمة الإضرار المتعمَّد بالبيئة، وتعريض الطبيعة للخطر؟!!


أم أنَّ هذه الجمعيات تخشى سطوة إسرائيل، وتخشى أن تُعرِّض مصادر تمويلها للخطر؟!!ّ

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد