تقرير: مهند سيغيب عن امتحانات الثانوية العامة غدًا
تحدثت وكالة الأنباء الفلسطينية في تقرير لها صباح الجمعة، عن قصة الشهيد مهند بكر أبو طاحون (21 عاما) الذي حرمه الاحتلال من التقدم لاختبارات الثانوية العامة "الانجاز" المقرر انطلاقها غدًا السبت.
وتقول إنه كان من المفترض أن يذهب مهند، غدا السبت، لأداء اختبارات امتحانات الثانوية العامة، التي عاد لدراستها بعد انقطاع عن الدراسة، لأنه كان يحلم بان يجتاز هذه المرحلة التعليمية والالتحاق بكلية الحقوق، لكنه استشهد قبل يومين من ذلك.
الشاب أبو طاحون من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة استشهد متأثراً بإصابته في الرابع عشر من الجاري بطلق ناري متفجر مدخل ومخرج في الرأس، وجرى تحويله من غزة إلى المستشفى الأهلي في الخليل في الضفة الغربية لتلقي العلاج، إلى أن أعلن عن استشهاده مساء امس.
حلم مهند بدراسة المحاماة، لكن مقعده سيبقى فارغا غدا كمقاعد غيره ممن استشهدوا واصيبوا في مسيرات العودة التي انطلقت في الثلاثين من آذار الماضي شرق قطاع غزة، ولن يصبح محاميا، ليدافع عن حقوق المظلومين كما كان يقول.
لم تكن دراسة المحاماة، حلم مهند الوحيد الذي لم يحققه فقط، بل أنه وعد والدته بأن تؤدي فريضة الحج على حسابه الشخصي، وكان وعده هذا الذي قطعه على نفسه لوالدته قبل ثلاثة ايام فقط من اصابته، بعد ان أطعمته أكلة "السمك اليتيمة"، فهي اشهى أكلة سمك والوحيدة التي أكلها في حياته، رغم انه لا يحب السمك، ولم يعتد على أكله من قبل.
كان مهند يتوق إلى العودة الى قرية زرنوقة قضاء الرملة داخل أراضي 1948، التي ينحدر منها جده الذي تجاوز العقد التاسع من عمره ولا يزال على قيد الحياة، ولا زال لديه أمل في العودة الى قريته وبيته وبساتينه التي كان يملكها والده رحمه الله.
كثر حديث الجد لمهند وأبناء عمومته عن قريتهم التي كانت تخلو من الينابيع، لكنها غنية بالآبار التي تنتشر حولها، وكيف انها شهدت تقدماً اقتصادياً تبعه توسع عمراني، وكيف كانت بساتين الأشجار المثمرة تحيط بالقرية من كل الجهات وكيف شردت العصابات الصهيونية اهالي القرية ودمروها في عام 1948.
وقال شقيق الشهيد، ساهر: شقيقي كان من المقرر ان، يبدأ امتحانات الثانية العامة غدا السبت، بعد أن كان منقطعا عن الدراسة، واقتنع فجأة وقرر الدراسة من جديد وكان ينتظر الامتحانات بفارغ الصبر، لأنه كان مستعدا لها ويقضي ساعات طويلة في الدراسة.
ويستذكر ساهر آخر ايام شقيقه قبل الإصابة، بالقول "كان لا يحب أكل السمك بالمطلق، لكنه قبل إصابته بثلاث أيام فقط، وفجأة طلب من الوالدة أكلة السمك، ولبت والدتي رغبته حتى انه يومها أكل كمية من السمك رغم انه لا يأكله بالمطلق، ولا يطيق رائحته، وقال لأمي إنها اشهى وجبة أكلها في حياته، وأنه لم يكن يعرف أن السمك شهي جدا".
وتابع ساهر: بعد ان تناول أكلة السمك، قال للوالدة "أنا ححججك يا أمي، لازم أنا من يكون سببا في أدائك لفريضة الحج، وسأتكفل بنفقات الحج لك يا امي"، ونحن لم نعرف معنى هذه العبارة الا عندما اصيب واستشهد أمس، لك الرحمة من الله يا أخي.
وأضاف: أن شقيقه يوم اصابته تناول مع العائلة فطوره الذي كان وجبة شعبية، (فول وحمص وفلافل)، ولبنة، وقد طلب الأخيرة من والدتي قائلاً "أنا اشتهي اللبنة على طعام الإفطار"، فلبت والدتي رغبته بعفوية، ثم خرج بعد الافطار، وتوجه الى الخط الفاصل شرق البريج، لأنه طالما كان يحلم بالعودة الى أرض وبيت جدي في قرية زرنوقة قضاء الرملة.
وبين ان جده الذي تجاوز التسعين عاما من عمره، ولا يزال على قيد الحياة يقص على أحفاده كل يوم، بل في كل لحظة الحكايات والذكريات والحياة في قريتهم، الأمر الذي جعلنا جميعا ومن بيننا مهند يعشق قريتنا الأصلية ويحلم بالعودة إليها وفلاحة وتعمير الأرض هناك.
وعن لحظة إصابة شقيقه، قال ساهر: إنهم لم يتوقعون كل ما حدث، وان الجيران هم من ابلغوهم بإصابة مهند، الذي يتصف بأنه الأهدأ بين أخوته وأدمثهم خلقا.
من جانبه، استذكر صديق الشهيد، رمزي كلاب يوم اصابة صديقه، الذي وصفه بصديق العمر، بالقول إن آخر يوم شاهد فيه مهند، كان صباح إصابته حين جلسا معا أمام منزلهم، واثناء حديثنا شاهد زحف المواطنين الى الخط الفاصل ذاك اليوم، وفجأة انضم الى المواطنين وتركني وحدي واقفا وكانت هذه آخر لحظة رايته فيها". واضاف "رحل صديقي وتركني وحدي، ذهب الى هناك دون أن يخبرني أو حتى يستأذن مني".
وتابع كلاب: إن صديقه قرر العودة الى مقاعد الدراسة بعد ان تركها واكمال دراسة الثانوية العامة، كي ينجح ويلتحق بكلية الحقوق التي كان يحلم بأن يصبح طالبا فيها، ويصبح محاميا يدافع عن حقوق المظلومين.
أما الدكتور سعيد الصفطاوي صديق العائلة، فروى ما كان يتصف به مهند الذي كان من المحافظين على الصلاة وكان مرحا ومحبوبا من الجميع، حتى ان الجميع ذهل يوم اصابته لأنه لم يعلم احدا انه ذاهب الى الخط الفاصل.
وقال: إن مهند خرج كغيره للتعبير عن تمسك شعبنا بحق العودة الذي يتلف ويتمسك به شعبنا ولن يتنازل عنه مهما كلف ذلك من ثمن.
واستشهد منذ انطلاق مسيرة العودة الكبرى في غزة يوم 30 مارس الماضي، 114 فلسطينيًا بينهم أطفال، فيما أصيب أكثر من 13 ألف مواطنًا منهم أطفال ونساء وشيوخ.