و بينما كنت أتحدث لعمة الطفل حمزة أبو جامع (15 عاما) من أمام غرفة العمليات بمستشفى غزة الأوروبي و إذا بتكبيرات و فرحة عارمة تلوح على محياهم و لكن لماذا؟, يا إلهي فقط لأنهم أخرجوا الرصاصة من عموده الفقري بعدما أخبرهم الطبيب المعالج أنه من الصعب إخراجها خاصة و أنها استقرت بين فقرات العمود الفقري.

و لكن هذه الرصاصة لا تغير شيئا من قدر الطفل حمزة بأنه بات يهدده الشلل وسيمضى سنوات حياته على كرسي متحرك لتدفن أحلامه جملة واحدة بين ثنايا ذلك الكرسي.

تقول عمة الطفل هبة أبو جامع وهى حكيمة في مستشفى ناصر حيث تنتظر و ذويها بفارغ الصبر على باب غرفة العمليات لحين انتهاء عمليته: "خرج حمزة من الساعة العاشرة صباح يوم مليونية مسيرة العودة مصطحبا معه حقيبته التي تحوى قليل من الخبز و الماء ماشيا على قدميه و يا ليتها لم تعد الأخيرة التي ستدب قدماه على تلك الأرض الطاهرة, كما تتمنى عمته.

و تضيف و نبرات القلق و التوتر تبدو جلية على صوتها :" هي سويعات قليلة و إلا و جرس الهاتف يدق" بأن ابنكم حمزة مصاب ونقلوه بشكل طارئ إلى مستشفى الأوروبي" , لتحملنا أقدامنا على الفور هناك حيث تكدس الحالات في الصالة و داخل الأقسام و الأطباء يهرعون لإنقاذ المصابين, لنجده داخل غرفة العمليات لإجراء عملية عاجلة له"

و تستطرد أبو جامع حديثها الذي قاطعه أحد زملائها ليبشرها بأن تم إخراج الرصاصة من ظهر حمزة لتستكمل معنا الحديث بالدعاء و الحمد لله قائلة: "أبلغنا الأطباء من داخل غرف العمليات بأنه تم استئصال الطحال جراء إصابته بعيار ناري في مرفق يده لتخترق الطحال و تهتكه وتستقر بين فقرات العمود الفقري, مما أثر على صعوبة الحركة في الساقين .

و تقول أبو جامع الآن يخضع حمزة للعمليات و تم تركيب أنبوب له في الصدر ,حيث يقوم الوفد الألماني برئاسة د. سمير كزكز استشاري جراحة العمود الفقري، بمساعدة الطاقم المحلى باستكشاف الكسور الأخرى التي أحدثتها تلك الرصاصة و ترميم ما يمكن إصلاحه لعلها تكون بارقة أمل لحياة جديدة لحمزة و يحقق حلمه بأن يصبح مدرسا .

د.كزكز يطمئن ذوى الجريح بأن الساعات القادمة بعد إجراء العملية هي التي ستحدد مصيره و هل سيستعيد تحريك قدميه .خاصة و ان الرصاصة لم تصب النخاع الشوكي, حيث أصابت الرصاصة الفقرة (11) و هشمتها و تم إزالة العظم المتفتت و تخثر الدم بعد النزيف ,و هو الآن قيد المتابعة .