أطراف داخلية وخارجية لا تريد منح غزة أي انتصار و١٢ عاما من الحصار والمعاناة لم تكفي ومطلوب من غزة أن ترفع الراية البيضاء وتستسلم وتستمر في دفع الثمن، وفرض عقوبات عليها من ذوي القربى والايغال في تعذيبها، ولم يشفع لها سقوط 60 شهيدا من شبابها واطفالها ونسائها.
شاب ثلاثيني اثناء عودته من فعاليات مسيرة العودة كان يبكي ويردد لا اريد العودة للبيت انا لم أحقق حلمي بالعودة ولم اموت ولم أنل الشهادة، لماذا اعود فالموت اشرف من هذه الحالة؟
كثيرون من الناس رفعوا من سقف توقعاتهم وكان أملهم كبير في العودة، وصدقوا انهم سيعبرون السلك الشائك للطرف الاخر من الوطن، وبعضهم استعد لذلك، هل هي السذاجة والهروب من الواقع المر أم ان ذلك الإيمان بالحق بالعودة وتقرير المصير؟
غزة في اليوم الثاني للمجزرة تشبه الغريق الذي تم انقاذه ولم يصدق انه حي وما حدث معه، بعد ان كان يحلم بالعبور لمنطقة اخرى وبغد ومستقبل افضل.
لم يكن شعار العودة هو الهدف والشعار الاول والاوحد فقط، رفع الحصار والتخلص من ضنك الحال، او الاحتجاج على نقل السفارة الامريكية للقدس وقد يكون افشال صفقة القرن وضد التوطين، وكل ذلك مهم في المعركة لمواجهة الاحتلال والواقع السياسي ومشاريع التصفية، لكن الأهداف والشعارات اختلطت بدون تحديد الاولويات ومدى قدرة الناس على تحقيق اي منها.
الزخم والزحف لم يكن على المستوى المطلوب، على الرغم من التحشيد و45 يوما من الاستعدادات والتحضير وما رافق ذلك من تحريض وقمع إسرائيلي خطير ومحاولات كي الوعي والترهيب والوعيد، واعتقد ان قرارا مسبق اتخذ بعدم اقتحام الحدود ولم تكن النية لدى الفصائل بالاقتحام، مع ان ابناء الفصائل كانوا في المقدمة، ومنذ البداية كان الجميع يعلم باستثناء البسطاء الذين صدقوا ان الشعار المرفوع يمكن تحقيقه والعودة ممكنة وأنها ستتحقق.
على الرغم من حماس ة الشباب الجنونية وتحدي الموت والاحتلال ومحاولاتهم المستمرة والمستميتة حيث كان الموعد المقرر للاقتحام الكبير الساعة الرابعة قبل العصر، الا ان القتل المتعمد والمباشر والعدد الكبير للشهداء والجرحى من قبل الجنود الاسرائيليين منع الاقتحام او أجله لجولة قادمة، مع ان التوقعات والتقديرات كانت تقول ان يكون عدد الشهداء أضعاف من الذين سقطوا بنيران القناصة من جنود الاحتلال.
الفصائل تعلم ماذا يعني اقتحام الحدود واسرائيل منذ اليوم الاول لمسيرة العودة قررت قمعها بجميع الوسائل، والفصائل لم تخطط جيدا ورفعت سقف توقعات الناس وفي الوقت ذاته لم تريد تحمل المسؤولية عن ما سيحدث او خافت وخشيت من العواقب.
مؤتمر حركة حماس مساء المجزرة أربك الناس وأدخلهم في حيرة وفهم انه انهاء لفعاليات مسيرة العودة، لكن يبدو ان توجه ابو العبد هنية مساء اليوم الثاني للمجزرة ظهر على انه رد على المشككين واستمرار فعاليات مسيرة العودة.
كلمة ابو مازن محبطة ومخيبة للآمال ولم تكن بمستوى المجزرة والتضحيات واستثمار هذا الزخم السلمي، ولم ينعى الشهداء واكتفى بإعلان الحداد وتنكيس الاعلام، وكرر المكرر في التوجه للأمم المتحدة .
حالة التشكيك والاستهانة بدماء الشهداء الذي لم يجف وأنهم فقدوا ارواحهم بدون ثمن، واي ثورة في العالم لم تكن بدون ثمن وضحايا؟ ولولا الضحايا والدم الفلسطيني لما استمرت المقاومة والدفاع عن الكرامة، السؤال كيف نقلل من الخسائر والضحايا ونكون اوفياء لدماء الشهداء.
ومن المبكر استباق الأحداث وتوجيه الاتهامات ومن باع ومن استغل فحجم التهديد والوعيد والتآمر كبير، واستخلاص العبر مهم، والأهم الحفاظ على السلمية وديمومتها وان لا تتوقف المسيرات السليمة ثم السلمية، والحفاظ على الحالة الثورية وإرهاق دولة الاحتلال وفضح جرائمها.
قوتنا بضعفنا واثبتت مسيرات العودة قدرتنا على الفعل وان سر قوتنا بوحدتنا لذا انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ضرورة، ومسيرات العودة برغم زخمها ومشاركة جميع الفصائل الا انها لم تلقى اجماعا وطنيا وهذا منذ البداية كان واضحاً حيث التشكيك والاستهزاء وعدم ثقتنا بأنفسنا وبعضنا البعض.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية