برنامج المستكشف الذي تبثه محطة "ناشيونال جيوغرافيك" عبارة عن سلسلة تحقيقات صحافية تغطي مجالات متعددة في السياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها، والهدف الأساسي منها ربما إعادة صياغة الإعلام بمفاهيم مختلفة عن التدهور الذي يشهده اليوم.. حتى في الدول الديمقراطية.

يشير أحد مقدمي البرنامج في حديثه عن دور الإعلام إلى أن هذا الدور يشهد تراجعاً كبيراً في ظل الضغوط التي يتعرض لها الإعلاميون ووسائل الإعلام. 

ويضيف: بدل أن يساهم الإعلام في ترسيخ القيم الديمقراطية وتطويرها نلاحظ أنه في السنوات الأخيرة أصبح الاستقطاب والدعاية أداة للسيطرة وتغيير المفاهيم الإعلامية.. حتى في الدول التي ترسخت فيها الديمقراطية هناك تحولات سلبية، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة تمكّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تغيير دور الإعلام للأسوأ.. بعد أن أحدث حالة ثنائية قائمة على الاستقطاب جعلت وسائل الإعلام أقرب إلى "البروبوغندا".. أو الأسلوب الموجّه بهدف التأثير على آراء وسلوك المواطنين حتى لو كانت المعلومات المقدمة كاذبة. فمثلاً عندما تحدث في إحدى تغريداته عن أن هناك عمليات إرهابية وقعت ولم يُنشر عنها، فقد كان يكذب.. وكان الهدف إثارة مزيد من الخوف عند الأميركيين تجاه اللاجئين بعد قراره وقف دخول مواطنين من جنسيات عربية وإسلامية.

أما في الدول النامية أو المتعثرة ديمقراطياً ومنها الدول العربية، فإن دور الإعلام أصبح توجيهياً قائماً على أحادية التأثير، بمعنى أن وسيلة الإعلام ترتكز بالأساس على اتجاه واحد.. تقزم ما دونه بل وتشكك في كل المعلومات التي لا تصب في خدمة هذا الاتجاه.

الأخطر من ذلك أن وسائل الإعلام العربية الفاعلة.. ومنها "الفضائيات الكبيرة" أصبحت المعلومة فيها تتجه نحو رأس المال وتعمل على خدمة الممول دون النظر إلى أهمية أو خطورة المعلومة.. وأصبح الاستقطاب السياسي واضحاً بشكل لا لبس فيه. وبدل أن تساهم وسائل الإعلام في عمليات التنمية والدمقرطة وتطوير حقوق الإنسان.. تحول دورها إلى عبد في خدمة النظام السياسي الممول الأساسي لوسائل الإعلام هذه.
في مجتمعنا الفلسطيني الصورة لا تختلف كثيراً عما هو قائم في العالم العربي، وربما أسوأ في بعض الأحيان. الاستقطاب الإعلامي أكثر وضوحاً وخاصة في الإعلام الحزبي بين الضفة الغربية وقطاع غزة .

الإعلام الحزبي أو السلطوي لا يمكن أن يسهم في التنمية أو الدمقرطة ما لم تكن وسائل الإعلام بذاتها ديمقراطية أو أن القائمين عليها ليسوا تابعين. 

في الأسابيع الأخيرة لاحظنا إعلاماً فلسطينياً رديئاً سواء على مستوى وسائل الإعلام التقليدية أو حتى على مستوى الإعلام الاجتماعي أو ما يسمى بالإعلام الجديد، لأن حالة من الاستقطاب باتت أكثر وضوحاً، وفي ظل قانون الجرائم الالكترونية فإن صوت الأكثرية الصامتة يظل محبوساً حذر العواقب.

أنا شخصياً مع مواقف الرئيس الشجاعة في قضايا القدس والمفاوضات، وأنه استطاع أن يواجه ضغوطاً لا يمكن لأي شخص في مكانه أن يواجهها. بل أكثر من ذلك إذا ما جرت الانتخابات وشارك فيها فسأقترع له، ولكن أنا غير مقتنع وغيري كثيرون ببعض المظاهر التي يحاول البعض أن يظهر فيها ولاءه للقيادة... من خلال أشكال إعلامية تعود لخمسينيات وستينيات القرن الماضي.

إن قناعات الناس لا يمكن تغييرها مثلاً بلافتة أو شعار، وإنما الأفعال على الأرض، فالأخيرة هي التي تساهم في التغيير الإيجابي.

إن لم يكن الإعلام قادراً فعلاً على إحداث التغيير الإيجابي.. فإنه لا يحمل صفة الإعلام أو سمته، بل يكون بذلك أقرب إلى التهريج.

abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد