"بتسيلم" تناشد الأمم المتحدة لحماية المتظاهرين بغزة
ناشد مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" الأمم المتحدة أن تتحمّل كامل مسؤوليّتها لأجل حماية أرواح الفلسطينيين وتطبيق الأحكام الدوليّة" لأجل الوقف الفوريّ لما تقوم به إسرائيل ضدّ متظاهرين عزّل في غزّة من إطلاق نيران بما يخالف القانون.
جاء ذلك قبيل جلسة علنية مفتوحة لمجلس الأمن يعقدها اليوم الخميس، لمناقشة الوضع في فلسطين، ومختلف الأوضاع والقضايا، وأهم التطورات الجارية في الشرق الأوسط، وسط توقّعات باستمرار المظاهرات قبالة الشريط الحدوديّ في قطاع غزّة.
ودعا "بتسيلم"، الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، إلى حماية أرواح المتظاهرين الفلسطينيين.
ووجه أمين عام "بيتسيلم" حجاي العاد برسالة إلى غوتيرس، فصل فيها أسماء وأعمار المتظاهرين الفلسطينيين الـ35 الذين قتلتهم إسرائيل بالرّصاص الحيّ في الأسابيع الأخيرة، بينهم 4 قاصرين.
وجاء في الرسالة أنّ "العديد من القتلى لاقوا حتفهم فور إطلاق النار عليهم أو بعد ذلك بوقت قصير". و"كما كثيرين جدًّا من الفلسطينيين في غزة ، من المحتمل جدًّا أنّ الضحايا أعلاه جميعًا فارقوا الحياة دون أن تتاح لهم فرصة مغادرة قطاع غزّة، تلك الرّقعة الصغيرة مساحتها بالكاد نصف مساحة مدينة نيويورك. لقد عاشوا حياتهم دون التمتّع بأيّ من الحقوق السياسيّة، محرومين من أيّ أمل في مستقبل معقول، وخاضعين تمامًا لقرارات وسياسات الحكومة الإسرائيلية".
وتوضح الرسالة أنّ تجربة الماضي تشير إلى أنّ إسرائيل غير معنيّة حقًّا بالتحقيق في حالات القتل هذه، وأن "التحقيق" الذي أعلنت إسرائيل مؤخّرًا عزمها إجراءه في بعض الحالات، ليس سوى "جزء من مظهر زائف صُمّم ليوهم بأنّ إسرائيل سوف تحقّق بدافع التزامها بالقانون"، وذلك في محاولة منها "لإرجاء ومنع تحقيق تقوم به هيئات دوليّة".
كما أكّدت الرسالة أنّه "خلافًا لدول كثيرة أخرى تنتهك حقوق الإنسان، تصرّ إسرائيل أنّ ممارساتها المخالفة للقانون تنسجم والقانون الدوليّ، مستندة في ذلك إلى تأويلات قانونية باطلة، إذ تفرغ أحكام القانون الدوليّ من مضمونها. السّماح لإسرائيل في مواصلة إطلاق النار على محتجّين عزّل، بحجّة أنّ الأمر جرى وفقًا للقانون، سيقوّض أكثر فأكثر المساعي العالميّة لحماية حقوق الإنسان في حقبة ما بعد الحرب العالميّة الثانية، ومن يدفع ثمن ذلك هم الفلسطينيّون".
وكانت مراكز حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، كشفت عن تصويب منهجيّ إسرائيلي لقتل والمس بسلامة المتظاهرين السلميين شرق قطاع غزة، مؤكدة أن هذه السياسة غير قانونيّة ولا تتأسس على مبدأ قدسيّة الحياة والحق في سلام الجسد.
وقالت ذات المراكز في تقارير منفصلة لها، إن إسرائيل وساستها تمادت في استخدام سياسة إطلاق النار صوب متظاهرين سلميين عزل.
وكان المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في اسرائيل "عدالة"، ومركز الميزان لحقوق الإنسان (غزّة) قدما في 23-4-2018، طلبا إلى المحكمة الإسرائيليّة العليا بمنع جيش الاحتلال الإسرائيليّ من استخدام القنّاصة والرصاص الحيّ كوسيلة لتفريق المظاهرات في قطاع غزّة.
وجاء في الالتماس الذي قدّمته المحاميّة سهاد بشارة من مركز عدالة أن جيش الاحتلال ينتهك القانون الدوليّ كما ينتهك مبادئ القانون الدستوري الاسرائيلي ساري المفعول على الجيش في هذه الحالة. واعتبرت سياسة الاحتلال غير قانونيّة بشكلٍ صارخ في كل ما يتعلّق بأوامر إطلاق النار ضد المتظاهرين في قطاع غزّة، كما أنّها لا تتأسس على مبدأ قدسيّة الحياة والحق بسلام الجسد، كما أنها لا تتأسس على أعراف القانون الدوليّ. وهذه السياسة لا ترى أي قيمة لأجساد الناس. لذلك نرى أنّ 94 بالمئة من القتلى أصيبوا في الجزء العلويّ من أجسادهم، 53 بالمئة من القتلى أصيبوا في منطقة الرأس، 22 بالمئة في منطقة البطن، 19 بالمئة في منطقة الصدر والظهر، و 6 بالمئة فقط في الأقدام.
وأكّد الالتماس الذي قدّمته المؤسسات الحقوقيّة أن المظاهرات هي فعاليّات احتجاج مدنيّة غير مسلّحة لم تشكّل، في أي حالةٍ كانت، أي تهديد على حياة إنسان آخر. وقد جاء في ورقة المبادئ العامّة للمسيرة، والتي أرفقت نسخة منها إلى الالتماس، يُوضّح بشكل قطعي أن المسيرات ستكون شعبيّة، غير عنيفة وعزلاء. كذلك أعلم منظّمو المسيرات في غزّة الأمم المتّحدة والصحافة حول أهداف هذه المسيرات وطابعها السلميّ.
وعليه، أكّد الالتماس على منع إطلاق النيران الحيّة بشكل مطلق اتجاه المتظاهرين: "الأعراف التي تنطبق على المظاهرات المدنيّة هي أعراف تتبنّى وجهة نظر القانون الدوليّ العرفيّ بشأن "تطبيق القانون والنظام" والتي تم تبنّيها في القضاء الإسرائيليّ. هذه الأعراف الكونيّة تنطبق بشكل متساوٍ ودون أي تمييز على المواطنين وغير المواطنين، دون علاقة لمضمون الاحتجاجات، الشعارات، مكان الاحتجاجات، والانتماء التنظيميّ أو الاثنيّ أو الوطنيّ للمشاركين فيها".
وأدرجت في الالتماس شهادات جرحى بمستويات متفاوتة من الإصابات وصفوا ما حدث معهم خلال مشاركتهم في المظاهرة. وأكّد الملتمسون في هذا السياق أنّ "الشهادات التي جُمعت والتسجيلات المصوّرة تعرض حالة تقشعرّ لها الأبدان، إذ يظهر أن الرصاص الحيّ أُطلق بكميّات كبيرة وبشكل اعتياديّ صوب المتظاهرين، حتّى دون أن يشكّلوا أي خطرٍ لأي إنسان.
إلى ذلك، قدّمت منظمة "ييش دين"، وهي منظّمة متطوعين اسرائيليين لحقوق الإنسان، إلى جانب جمعية حقوق المواطن، منظمة حقوق الإنسان “مسلك” ومركز الدفاع عن الفرد، التماسًا طارئًا للمحكمة العليا الاسرائيلية، لإلغاء أوامر إطلاق النار التي تسمح لمجنّدي الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين على الحدود بين غزة وإسرائيل، الذين لا يشكلون خطرًا على حياة الآخرين.
وجاء في الالتماس أنّ الأوامر بإطلاق النار في إطار أحداث غزة، على حد علم مقدّمي الالتماس، تسمح للجنود بلإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المُصنّفين من قِبلهم كـ “محرّضين مركزيين” أو “مثيري شغب مركزيين”، حتى إن لم يشكّلوا خطرًا فعليًا وفوريًا على حياة الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، الأوامر بإطلاق النار تسمح للجنود بإطلاق النار على المتظاهرين لمجرد اقترابهم من الجدار الحدودي (من جهة غزة)، حتى إن لم يشكّلوا خطرًا على حياة آخرين.
وادّعى مقدّمو الالتماس أنّ تنظيم المظاهرات في غزة ليس محظورًا، وإذا تضمنت المظاهرات أعمال عنف أو محاولات لعبور الجدار، فإنّ هذه الأعمال تعتبر اضطرابات مدنية، والقانون يجيز إطلاق النار فقط عند وجود خطر فعلي على حياة الآخرين. وحتى إذا تعاملنا مع منطقة المظاهرات على أنّها منطقة قتال، بسبب النزاع بين إسرائيل و حماس ، فإنّ المظاهرات بحد ذاتها لا تعتبر جزءًا من القتال، ولا تسري عليها قوانين الحرب.
وجاء أيضًا في الالتماس أنّه على ضوء ادعاء الدولة بأنّ إسرائيل لا تعتبر قوة احتلال في غزة منذ فك الارتباطـ، فإنّ الجيش الإسرائيلي غير مخوّل قانونيًا بالإعلان عن الجانب الغزيّ منطقة مغلقة، ولا يجوز له إطلاق النار على الداخلين إلى هذه المنطقة لمجرّد دخولهم إلى هناك.
وتطرّق الالتماس إلى المدونة الأخلاقية للجيش الإسرائيلي، والتي تنص على حظر استخدام الجنود للسلاح لإيذاء أشخاص غير مسلّحين. يوضِح مقدّمو الالتماس إلى أنّ "القواعد الآمرة في القانون الدولي بخصوص استخدام الأسلحة تنص على أنّه يجوز استخدام قوة قاتلة فقط لغرض الدفاع عن حياة أشخاص في خطر، وليس لغرض الدفاع عن أي قيمة أخرى. فالدفاع عن الحياة هو حقًا الشيء الوحيد الذي يبرر المخاطرة بالحياة".
وكانت جمعية "چيشاه–مسلك"، ( مركز للدفاع عن حريّة التنقل– هي مؤسسة حقوق إنسان إسرائيلية)، أعربت عن قلقها البالغ من إزهاق الأرواح في قطاع غزة بالقرب من السياج الفاصل. خاصة وانه كان بالإمكان الامتناع عنه لو تصرف الجيش الإسرائيلي بموجب القانون الدولي وليس بدافع قمع الاحتجاجات.
وطالب الجمعية، السلطات الإسرائيلية باحترام حقوق سكان قطاع غزة، والكف عن أي استخدام إضافيّ للسلاح الحي في حال عدم وجود خطر حقيقي، كما ينص القانون الدوليّ.
وقالت الجمعية: بموجب قوانين الحرب الدوليّة، لا يجوز اطلاق الرصاص الحي على المواطنين إلا في حال كانوا مشاركين بشكل فعلي بأعمال قتالية. لكن، وفقًا للتقارير، رأينا أنه تم اطلاق النار على المتظاهرين لمجرد اقترابهم من السياج الفاصل لمسافة تقل عن 300 متر، حتى في حال عدم تشكيلهم أي خطر على الجنود.