سنة بالتمام والكمال على فرض العقوبات التي قررها الرئيس محمود عباس بمصادقة شهود الزور في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح على قطاع غزة ، سنة ولم تجبر العقوبات غزة وحركة حماس على الركوع ورفع الراية البيضاء، سنة والناس يدفعون ثمن العقوبات من لحمهم الحي وحريتهم وكرامتهم ويعضون بأسنانهم صبرا وخوفا في انتظار فرض مزيد من العقوبات.

العقوبات فشلت بعد أن جربت لإسترداد القطاع لحضن الشرعية في أب/أغسطس 2008، عندما أجبر الموظفين على الاستنكاف عن العمل، ووعدت الحكومة من لم يلتزم بالويل والثبور وفصلت نحو ٣٠ الف من الموظفين الذين لم يلتزموا بقرارات القيادة بسبب وبدون سبب، وبالوشاية والتقارير الكيدية وأجبر الكثير من الموظفين على العمل مخبرين ومندوبين للأجهزة الامنية في رام والله وغزة، وكدرت حياتهم وأحوالهم بإذلالهم بالراتب واضطر بعضهم للعمل مع حكومة حماس.

ولاحقت حكومة حماس الموظفين من حركة فتح ولسان حالهم يقول ارحموا عزيز قوم ذُل، ووجهت لهم تهم التخابر والتواصل مع الأجهزة الامنية في رام الله وصدرت بحق بعضهم احكام قضائية جائرة من المحاكم العسكرية ولم يستطع ذويهم دفع اجرة المحامين للترافع عنهم، ولا يزال بعضهم يقضي محكوميته الطويلة في السجن وزجوا في المناكفات السياسية والمزايدات.

ولم تستسلم حركة حماس وحكومتها بل استبدلت جميع الموظفين بموظفين من الحركة واخرين حتى تضخم الجهاز الحكومي ووصل الى نحو ٤٠ الف موظف، ونشأت وزارات ومؤسسات وهيئات ونظام حكم بيروقراطي مستقل في غزة ولا تربطه اي علاقة في رام الله سوى بعض الموازنات الضعيفة واصبح للموظفين حقوق.

وبعد ١٢ سنة من الانقسام والحصار ودورات العدوان الاسرائيلية وألاف الشهداء وعشرات ألاف الجرحى والفقر والبطالة والجوع والانهيارات المجتمعية والاقتصادية، وقرارات حماس وإثقال الناس بالضرائب والاعتداء على الحريات العامة، وتفردها بغزة، وإعلان ترامب الاعتراف ب القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الامريكية لها، واخبار صفقة القرن وتصفية القضية كانت الشعار المكتوب على جدار حملة ترامب الانتخابية. تغول اسرائيل وفرض وقائع جديدة يوميا على الارض بالاستيطان والمصادرة وهدم المنازل في القدس وتهوديها مستمر والضفة وفجور المستوطنين والقتل والاعتقالات اليومية في الضفة وعزل القرى والحواجز واذلال الناس.

وسيادة الرئيس يطالب غزة بتمكين الحكومة فوق الارض وتحت الارض، أي تمكين والسلطة واجهزتها الامنية مستمرة في التنسيق والتعاون الأمني وتساعد اسرائيل في التمكين بقصد وبدون قصد من ما تبقى من فلسطين. واي تمكين والسيف مسلط على رقاب العباد وفرض الشروط والقضية الفلسطينية تمر بأحلك أوقاتها وتعيش في منعطف خطير، وغزة تحاول استعادة جزء من العتمة والتراجع الذي اصاب القضية ومسيرات العودة الكبرى تعيد الوهج لها بوحدة وحشد الجماهير على الحدود، والقيادة لا تبالي بما يجري في غزة بل تعمل على تهشيم ما تبقى من كرامة وعزة ومحاولة رفع الضيم عن نفسها واعادة الوهج والألق للقضية في العالم.

العقوبات على غزة تفهم لا تفهم على أنها استعادة للوحدة والشرعية، بل تفهم على انها تدمير ما تبقى من كرامة وطنية في مواجهة صفقة القرن والمشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية. استعادة الوحدة وهذا غير صحيح، يكون بمزيد من الوحدة والحوار والشراكة واستعادة الهوية الوطنية الجامعة، والبحث والمراجعة للتجربة الفلسطينية على قاعدة أن فلسطينيين محتلة وللفلسطينيين حركة تحرر وطني تناضل من اجل الحرية واستخلاص العبر.

الوحدة ومواجهة الاحتلال ليس بعقد مجلس وطني في رام الله بمن حضر وتعيين واستبدال اعضاء بأعضاء بطريقة غير ديمقراطية ولحساب طرف على حساب الاطراف الاخرى ولرفع اليدين والرايات البيضاء في مواجهة صفقة القرن.

ليس هكذا تستعاد غزة والقيادة هي المسؤول الأول والأخير عن ما يجري في غزة بتركها وقذف الناس في حضن حماس وبعد ١٢ سنة يطلب من حماس التسليم والركوع فحماس لن تسلم حتى لو مات جميع الناس. العلاقات الوطنية لا تأتي بالإجبار والاقصاء والاستفراد وذريعة التمكين وتهشيم كرامة الناس واذلالهم بقطع الرواتب والإحالة على التقاعد المبكر والغموض في الرؤية والخطط المستقبلية والسؤال ماذا بعد العقوبات وتسليم غزة، ولماذا الان واي شرعية؟ إلا اذا كان الهدف هو تهشيم الناس وانهاكهم وتركيعهم والاستمرار في مشروع التسوية والقبول بصفقة القرن.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد