فقط معجزة يمكن أن تجنب سورية ضربة أميركية، يبدو أنها ستكون في وقت قريب قادم (نتحدث عن ساعات، ونتحدث عن يومين أو ثلاثة أو أسبوع على أبعد التقديرات)، ونتحدث عن ضربة بالصواريخ يبدو أنها ستستهدف مواقع حساسة للنظام بما فيها القصور الجمهورية ومقرات ومنازل قادة عسكريين. 
وبما أننا لسنا في عصر المعجزات فنحن في الواقع أمام احتمالات عديدة ستترتب على الضربة الأميركية المدعومة من الغرب عموماً، ومن بريطانيا وفرنسا على وجه التحديد والخصوص.
إليكم بعض الأسئلة المطروحة اليوم:
هل ستكون الضربة قوية ومدمرة لسلسلة من الأهداف الحيوية للنظام أم أن هذه الضربة ستكون استعراضية تهدف إلى الإثارة الإعلامية أكثر منها ضربة جدية؟
وهل ستقتصر على الصواريخ البعيدة أم أن الطيران سيشارك في هذه الضربة؟
هل ستنطلق الصواريخ من قواعد محيطة بسورية أم أنها ستنطلق من البحر ومن مناطق بعيدة؟
هل ستحرص الولايات المتحدة على عدم المس بالقوات الروسية والإيرانية (حزب الله في سورية) أم أن هذه الضربة ستطال عدة مناطق وتجمعات ومراكز ومعسكرات بغض النظر عمن يتواجد فيها؟
مقابل كل هذه الأسئلة واسئلة أخرى مكمّلة ومتفرعة عنها؛ هل ستكون هذه الضربة موجة واحدة أم ستكون على موجات متتالية، وبحيث تتوالى حسب ردود الأفعال عليها؟
كيف سيتصرف الروس إزاء هذه الضربة وكيف ستتصرف إيران وحزب الله أيضاً؟
هل يمكن أن تبقى هذه الضربة محصورة في صواريخ تطلق من بعيد وصواريخ أخرى تحاول إسقاطها، أم أن الأمور يمكن أن تنزلق إلى صدام أوسع وحرب شاملة؟
كل هذه الأسئلة مشروعة ومطروحة وهي موضع للتحليل والتوقعات والتكهنات.
دعونا نحاول هنا أن نتلمّس السيناريو الأرجح في هذه اللحظات الدقيقة من مسار هذا المنزلق الخطير.
أولاً، وقبل كل شيء لا أحد يصدق أن سورية قامت باستخدام السلاح الكيماوي في دوما لأن سورية منتصرة، ولم يكن لها حاجة إلى ذلك، وهي كانت حسب التوقيت المزعوم لاستخدام الكيماوي عبر الوسيط الروسي تبرم اتفاقاً لخروج مقاتلي "جيش الإسلام" (وقد خرجوا بالفعل) وأميركا هي الوحيدة في هذا العالم وبعض أعوانها وأذنابها من يصدق بصحة هذا الادعاء.
وثانياً، لا أحد يصدق أن روسيا قامت بتسميم العميل المزدوج في بريطانيا، وردة الفعل البريطانية والغربية على هذه الحادثة المزعومة مبالغ بها إلى أبعد الحدود، وغير منطقية، وغير عقلانية، وهي ردة فعل أكبر بكثير من الحادثة.
إذن علينا أن ندرك أن هزيمة الغرب وهزيمة أميركا في سورية هو ما يفسر هذه المزاعم المختلقة والمفبركة بالكامل.
الولايات المتحدة تريد حشر روسيا في زاوية عقوبات جديدة، وتريد حشر إيران في زاوية جديدة عبر شروط جديدة على برامجها الصاروخية، وهي تريد (الولايات المتحدة) أن تقنع الغرب بالانسحاب من الاتفاق النووي (لاحظوا أن كل هذه الأهداف تتقاطع بالكامل مع المطالب الإسرائيلية)، وهي ستحاول من خلال هذه الضربة خلط الأوراق بحيث تحول الهزيمة الغربية والأميركية في سورية إلى فرصة جديدة تمنع من خلالها روسيا من الإمساك الكامل بقواعد وخيوط اللعبة السياسية في سورية.
وأما ثالثاً، فلا أحد يصدق أن الغرب يراهن على سقوط النظام من خلال هكذا ضربة، وبالتالي فإن الضربة ستظل تكتيكية ولا تشكل في الواقع أي محاولة لإحداث تغيير على الخارطة.
والآن هل سترد موسكو وكيف ستتصرف إيران وحزب الله؟ 
السيناريو الأرجح أن الرد الروسي سيكون متناسباً مع الضربة نفسها.
فإذا اقتصر الأمر على صواريخ بعيدة محدودة العدد ومحدودة الأهداف فإن الرد الروسي سيقتصر على محاولة إسقاطها.
أما إذا كان الهجوم قوياً وجدياً وشاركت فيه القواعد العسكرية الأميركية في منطقة الإقليم فمن المرجّح أن يتم تدمير مناطق إطلاق الصواريخ بما فيها القطع البحرية.
إذا ما تم ضرب بعض القواعد الأميركية وبعض القطع البحرية الأميركية فمن المرجّح أن تتسع دائرة الحرب وقد تنزلق إلى ما هو أكبر من ذلك.
ليس مستبعداً في هذا الاطار أن يتم تدمير بعض قواعد الغرب في الخليج، وقد يتم تدمير كافة مواقع الإرهابيين في إدلب وغيرها، وقد تصل الأمور الى تورط الإسرائيليين في هذه الحرب.
والموقف الإيراني سيكون متناسباً مع طبيعة الضربة.
إذا دخلت إسرائيل هذه الحرب أو أُدخلت فيها وتم ضرب مواقع حزب الله في سورية ولبنان فإن إيران ستدخل إلى الحرب عن طريق حزب الله، وقد يكون لديها وسائل أخرى للتدخل.
لم يعد ممكناً على ما يبدو (إذا نشبت حرب حقيقية) أن تكون هناك حرب على سورية دون أن تدخل "لبنان" على خط هذه الحرب عبر حزب الله، ولم يعد ممكناً أن تقوم إسرائيل بضرب حزب الله في لبنان دون أن تتعرض لهجوم من حزب الله على إسرائيل من الأراضي السورية.
لكل هذه الأسباب فإن الأرجح هو ضربة هي في الواقع لخلط الأوراق، ومحاولة العودة إلى سورية ليس من باب الهزيمة وإنما من باب "الشريك" الموازي الذي يقرر مع موسكو (على قدم المساواة) مصير سورية القادم.
والرد الروسي والإيراني سيحسب هذه المعادلة بدقة متناهية، وسيضبطان ردود أفعالهما عليها بما يبقي الولايات المتحدة والغرب خارج نطاق الشريك الموازي.
كل ما ستسمح به روسيا هو أن تحفظ لأميركا ماء الوجه، أما أكثر من ذلك فالثمن المطلوب أكبر من ضربة صاروخية، وهو أمر لا تقوى عليه الولايات المتحدة ولا إسرائيل ولا أي أحد، لأن المعركة في سورية انتهت عملياً بانتصار طرف واحد، ومع أن الحرب لم تنته بعد ميدانياً، إلاّ أن الطرف المنتصر أصبح معروفاً، ولم يعد ممكناً إدخال أي منتصر جديد.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد