كشف خبايا جديدة عن صفقة شاليط
مسؤول اسرائيلي: حماس ستبقى دولة حتى بعودة السلطة لغزة
قال ديفيد ميدان أحد كبار ضباط جهاز الموساد الإسرائيلي السابقين إنه "رغم إمكانية عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة ، فإن حماس ستبقى دولة داخل الدولة بسبب السلاح الذي تحوزه".
وأشار ميدان إلى أن "إعادة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة مصلحة إسرائيلية وقرار صائب، والمصريون يعلمون ذلك جيدا لكنه أمر لم يتحقق بعد".
اقرأ/ي أيضًا: معاريف: 'إسرائيل على وشك دفع ثمن فشل المصالحة'
صفقة شاليط
وكشف ميدان أحد وهو مهندس صفقة التبادل مع حماس عام 2011، عن تفاصيل وخبايا جديدة حول صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس"؛ ، لإطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط.
وقال إنه " "بعد مرور سبع سنوات على إبرام صفقة تبادل الأسرى مع حماس، لإطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط، فإن السجال الإسرائيلي حولها لم يتوقف بعد، مع أنها كانت صفقة اضطرارية ولم يكن لدى إسرائيل بدائل أخرى، ولا أحد يبرم صفقات تبادل بصورة طوعية".
وأضاف في حوار مطول مع صحيفة "مكور ريشون" وترجمته "عربي21"، وتنشر الجزء الأول منه، أن "أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فشلت فعلا في الوصول لشاليط، وأخفقت في معرفة مكانه ووضعه الصحي، ولم يعلموا من يشرف على احتجازه".
وتابع: "لم يعلموا من يشرف على احتجازه، ولم يعلموا أي شيء من هذه التفاصيل المطلوبة، ولم تتمكن إسرائيل من تنفيذ عملية عسكرية لتحريره، ولذلك لم يكن أمامنا أي خيار سوى الصفقة مع حماس".
وأردف في حواره الذي تناول جملة من القضايا الداخلية في إسرائيل، والخارجية مع الدول العربية، إنه "بعد مرور هذه السنوات من الصفقة، فقد اعتاد الاثنان، شاليط وميدان، على تنظيم لقاء ثنائي لهما كل عام بتاريخ 18 أكتوبر، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح شاليط من أسر حماس، يستذكران فيه أهم ما واكباه خلال الأسر ومفاوضات التبادل".
وذكر أنه "بقي أمام إسرائيل خياران لا ثالث لهما: اتخاذ قرار بترك شاليط، يواجه مصيره، حتى إذا ما مات لا يعلن عن ذلك، كما حصل مع الطيار رون أراد، أو أن تدخل في مفاوضات وصولا لأن تدفع الثمن الأقل كلفة من جهتنا، رغم أن كل الأثمان باهظة ومرتفعة، ولذلك جاء القرار بالدخول في مفاوضات مع حماس صائبا، وفي الاتجاه الصحيح".
"أما بالنسبة لفداحة الثمن الذي دفعته إسرائيل من صفقة التبادل مع حماس، فهناك جهة واحدة تستطيع تقديره بدقة هو جهاز الأمن العام الشاباك، فرغم ما يشاع في وسائل الإعلام فإن النسبة الأكبر من الأسرى الفلسطينيين المحررين في الصفقة لم يعودوا لممارسة نشاطاتهم المسلحة تجاه إسرائيل، مع وجود بعضهم يخطط وينفذ بعض الهجمات المعادية، لكن بعد كل هذه السنوات أعتقد أن إبرام الصفقة كان قرارا صائبا وفي محله"، وفق قول ميدان.
ميدان الذي خدم في أجهزة الأمن الإسرائيلية قرابة خمسة عقود، أشار إلى أنه "حين كنا ندير مفاوضات صفقة التبادل في مصر، كان وفد حماس يأتي قبل مجيئنا للقاهرة بيومين، ويمكث بعد مغادرتنا عدة أيام".
واعتبر "الصفقة من أهم صفحات حياة الدولة، ومباحثاتها السرية، ولذلك ما زال ميدان يحتفظ بقصاصات الصحف التي تحدثت عن مداولاتها"، مؤكدا أنها استندت في الأساس للمقترح الذي قدمه الوسيط الألماني في 2010، وبعدها تم البناء عليه.
وأضاف: "في يوليو 2011 رأينا مرونة في مواقف حماس، ومنذ حينها بدأنا نقترب من إبرام الصفقة، علما بأن الفوضى التي عمت المنطقة في الربيع العربي ساهمت بالتسريع في إنجاز الصفقة، وهنا تأتي أهمية البيئة الإقليمية، بجانب الضغوط الاجتماعية والعائلية الداخلية في إسرائيل".
واستكمل قوله: "كما أن حماس أبدت مرونة ببعض المطالب التي تمترست خلفها في سنوات سابقة، وقبل ذلك النتيجة الصفرية لعمل المخابرات لإيصالنا لطرف خيط في العثور على شاليط، كل ذلك مجتمعا أدى في النهاية للتوصل إلى صفقة التبادل مع حماس".
وتحدث ميدان عن الدور المصري في ترتيب السلوك الإسرائيلي تجاه حماس في غزة، وحين سئل عن إعطاء السيسي الضوء الأخضر لإسرائيل لاستكمال عملية الجرف الصامد ضد حماس بغزة في 2014، أجاب بالإيجاب، لأن السيسي كان معنيا بالمس بحماس، لكن ذلك إلى حد معين، خشية اشتعال الشارع المصري ضد الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، مما قد يؤثر على استقرار نظامه.
"مع العلم أنه لو أن مصر فتحت معابرها مع غزة فإن ذلك سيخفف الضغط على فلسطيني القطاع، لكنها تخشى أن تتحول غزة مشكلة مصرية، وهي لديها العديد من المشاكل، ولذلك تريد أن تبقى المسألة تخص الفلسطينيين وإسرائيل"، بحسب مهندس الصفقة الإسرائيلي.
وقال ميدان إن "مصر ستبقى الدولة الوحيدة صاحبة التأثير الكبير على ما يجري بغزة، ورغم أن إسرائيل تستطيع احتلال غزة، وتقطيع أوصالها، لكن مصر تمتلك مفاتيح التأثير على القيادات الفلسطينية، والحديث معها وتهدئتها، والتوصل معها إلى اتفاقات، وقيادة حماس تعلم ذلك جيدا، لذلك فهم يأتون إلى مصر كالأبناء الوديعين، ويسعون للاتفاق معها".
وأكد أن المصريين لديهم "اللغة المناسبة للتعامل مع الفلسطينيين، بما يخدم المصلحة الإسرائيلية في النهاية"، منوها إلى ما حصل في عام 1995 حين وجه الرئيس حسني مبارك إهانة قاسية لياسر عرفات، قبيل التوقيع على اتفاق أوسلو في القاهرة، وحين أراد عرفات إجراء تغيير في الخرائط، اندفع مبارك نحوه بشتيمة قاسية.
وكشف أنه "أيضا ليلة التوقيع على صفقة تبادل شاليط مع حماس، أرادت الحركة العودة إلى قيادتها للتشاور، لكن القيادة المصرية منعتها من ذلك، وتحدثت معها بلغتها الخاصة، وهذا يكفينا".