هو سفير فوق العادة، وفق البرتوكول الدبلوماسي، وهو أيضا مبعوث خاص للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ومستشار حملته الانتخابية العام 2016م، ورئيس مجموعة شركات، ومحامٍ قانوني، وهو أيضا داعم رئيس لمستوطني المغتصبات من الأراضي الفلسطينية، بخاصة مستوطنة، بيت إيل، يدعمها سنويا بمليوني دولار، وهو عضو رئيس ومؤسِّس لصحيفة مستوطنة، بيت إيل، أروتس شيفع، وهو كاتب رئيس فيها، وموجِّه لسياستها التحريرية، يُهاجم اليساريين في إسرائيل وأميركا، كتب مقالا يهاجم فيه الكاتب اليساري، جدعون ليفي، يتَّهمه بالانحياز للفلسطينيين، وهو عدوٌّ لدود لمنظمة، جي ستريت اليهودية، التي أُسِّست في عهد الرئيس، باراك أوباما، وهو من أشد المُعارضين لحلِّ الدولتين.


هو سفيرٌ لا يسكن في مقرّ السفارة، في تل أبيب، بل يسكن من اليوم الأول في القدس لأنه جاء لتأدية مهمة، ليست دبلوماسية، ولكنها مهمة دينية، حربية، كولونيالية!
ما سبق معروفٌ للكثيرين، غير أنَّ المعلومات الخاصة بمعتقداته ليست معروفة للجميع، فهو ابن حاخام يهودي من طائفة، المحافظين، تعود جذور سلالته إلى (النبي) هارون، الأخ الأكبر للنبي، موسى، أو وزير موسى!!


فهو وفق سلالة العِرق من طائفة، الكوهانيم، وهي أرفع رتبة دينية يهودية، هذه الطائفة هي طائفة، سدنة الهيكل، تتولى الطائفة إجراء الطقوس الدينية في الهيكل، تقوم بذبح الأضاحي، وتلقي التبرعات، وترتيب الواجبات الدينية المفروضة على كل يهودي، تُرشد الزائرين للمكان، وهي أيضا توزِّع البركات على الزائرين!


شارك هذا السفيرُ الدبلوماسيُ، الهاروني! ضمن حشد الكوهانيم، الذين وفدوا إلى القدس، عند جبل، (الهيكل) ليؤدوا جميعُهم صلوات، (بركات الكوهانيم) السنوية التي أُقيمت بالفعل في عيد البيسح، يوم الاثنين، 2-4-2018م، بعد أن خلعَ زيَّهُ المدني، ارتدى شال الصلاة، وثياب الكوهانيم.
رَتّل السفير الكاهن، الدعاء التوراتي المأثور:
[يبارككم الله، ويحرسكم، يُشَعُّ بنوره على وجوهكم، يا إلهي: اصغِ إلينا، وامنحنا السلام].
هكذا اكتملت الرسالة التراثية الدينية الأولى، لديفيد فريدمان، الهاروني.
بعد أن أتمَّ وظيفته الدينية الرئيسة منح الصحيفة مقابلة جاء فيها:


"فاضتْ مشاعري خلال صلوات، بركات الكوهانيم، بسبب هذا الحشد الضخم من الكوهانيم، المحتفلين بعيد البيسح، لكي ننال البركات، ها نحن نجتمع في هذه الصلاة بأجيالنا الثلاثة، أنا الجد، وابني، وحفيدي، بعد أن اعترف الرئيس، دونالد ترامب، الشجاع، بأن القدس هي عاصمة إسرائيل، وقريبا سننقل السفارة إليها"


لم يكتف بهذه التغريدة الدينية، فسرعان ما خلع ثياب صلاة، الكوهانيم، وارتدى زي السفير والدبلوماسي، لبس البدلة، والكرفتة، لتكتمل شخصيته المزدوجة، تحوَّل إلى دبلوماسي وسياسي، قال للصحيفة:
"إنَّ احتجاجات ومظاهرات سكان غزة ليستْ مظاهرات سلمية، بل هي أفعال خطيرة، الغزيون، يلقون زجاجات المولوتوف، ويُشعلون الإطارات المطاطية، ويستخدمون النساء والأطفال دروعا بشرية، هذه المظاهرات لا تصب في مصلحة الفلسطينيين، وإنما هي استمرارٌ لحالة الرفض".


هاتان الشخصيتان، لديفيد فريدمان، تؤشران على مستقبل إسرائيل كدولة دينية، تستخدم السياسة والدبلوماسية لتحقيق أهدافها الدينية.


ديفيد فريدمان، نموذج على الأصولية الدينية في إسرائيل. بدأ هذا التحول يظهر بوضوح من اليوم الأول لتعيين ثلاث شخصيات أصولية، حريدية، مايك بنس، المسيحاني الصهيوني، والمتدين الصهيوني، جاريد كوشنر، وجيسن غرينبلات.


هؤلاء، جميعُهم، يقودون عربة الأصولية، الحريدية اليهودية، وهي دليلٌ صارخ على زيف دعوى؛ إسرائيل واحة الديموقراطية في صحراء الديكتاتوريات!
قال الحاخام، إبراهام كارليتس، العام 1953م لحكومة بن غوريون اليسارية، مُلخِّصا مستقبل إسرائيل:


"مثلُ المتدينين الحارديم، ومثلُ اليساريين العلمانيين، كعربتين، التقتا على جسرٍ ضيِّق، العربة الأولى، عربة المتدينين، مملوءة بالدين، والتراث، والتقاليد، أما عربة اليساريين، فهي عربة فارغة، إذن، على عربة اليساريين الفارغة أن تُخلي الطريق لعربة الدين!!"

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد