لا تسعفني الكلمات للتعبير عن « مسيرة العودة الكبرى» هذا المشهد المهيب الذى فرض نفسه على الساحة الدولية وفى محطات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، فعلى الرغم مما تعج به المواقع الإلكترونية من أخبار عاجلة على مدى الساعة فإن كل شيء بدا باهتا ضئيلا بجانب خبر مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت من مدينة غزة هاشم فى الثلاثين من شهر مارس إحياء للذكرى الـ42 لـ" يوم الأرض ".
لا يملك المرء إلا أن يقف مشدوها بل حائرا وهو يطالع هذه الحشود الضخمة التي شاركت في المسيرة والتي بلغ عددها قرابة الأربعين ألفا، تقترب من الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، لا توقفها قنابل الغاز أو الطلقات النارية التي تعرضوا لها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. فعلى الرغم من سلمية المظاهرات، فإن إسرائيل لم تحتمل المشهد وفقدت صوابها، فأطلقت النيران في كل الاتجاهات مما أدى إلى سقوط 17 شهيدا وإصابة المئات بجروح مختلفة.
ومع أن غزة خاضت ثلاث حروب في غضون ست سنوات وتعيش وضعا كارثيا فهي على وشك الانهيار بسبب الحصار المجحف غير الإنساني.
ومما زاد الطين بلة، العقوبات التي فرضت أخيرا على أبنائها، إلا أن غزة رفضت تماما أن تنحني للعاصفة حتى تمر، ولم تنكسر إرادتها غما وحزنا على حال أبنائها ــ كما كان يتوق البعض ــ بل لملمت جراحها غير ملتفته لمن غدر بها، ومضت منطلقة إلى غايتها لا يوقفها شيء.
ويبدو أن قدر غزة أن تكون هي المبادرة لإسقاط كل المشاريع المشبوهة التي تتربص بالقضية الفلسطينية والتي يراهن عليها الكثيرون لتصفيتها، وكيف لا وهى التي أفشلت في الخمسينيات من القرن الماضي مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في صحراء سيناء.
تحية إجلال وتعظيم لأهل "غزة هاشم" الأبية ولشهدائها ومصابيها، وعزاؤنا الوحيد أنهم أحيوا الأمل وبعثوا الحياة في قضية العرب المركزية، ولعلها تكون صحوة لمن راهن على تهميش القضية الفلسطينية بل ودفنها!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية