فلسطين في المرتبة الثامنة وفق مقياس الديمقراطية العربي الرابع

99-TRIAL- رام الله / سوا/ أظهرت نتائج تقرير مقياس الديمقراطية العربي الرابع للعام 2012/2013 أن آثار الربيع العربي كانت بمجملها إيجابية، لكنها كانت محدودة، إذ ارتفعت علامة المقياس حوالي عشرين نقطة (من 558 في 2010 إلى 578 في التقرير الحالي).
وشمل التحسن في عملية التحول الديمقراطي خمس دول (الجزائر وتونس والأردن وفلسطين ومصر) فيما تراجع الأداء في دول أربعة (البحرين ولبنان والمغرب والكويت). وشمل التحسن المقياس بشقيه الممارسات والوسائل بحيث أصبحت علامة كل منهما الأفضل منذ بدء العمل بهذا التقرير السنوي العام 2006.
ويشمل التقرير الرابع، الذي صدر حديثا، تسع دول عربية وتتشكل عناصره من أربعين مؤشراً تقيس جوانب جوهرية في  عملية التحول الديمقراطي، حيث يهدف التقرير لتوثيق عملية التحول الديمقراطي وإلى التأثير عليها من خلال توفير آلية تسمح للداعين للديمقراطية في العالم العربي وللمواطن العادي الراغب في مساءلة حكامه والمشاركة في صنع القرار بمراقبة تطور هذه العملية عن كثب.
كما يوفر المقياس آلية موضوعية لقياس التغيير في العملية الديمقراطية بشكل ذي مغزى من حيث الدلالات على الإمكانات الكامنة في ذلك التغيير وفي إمكانات استدامته.
وتشير النتائج "إلى قصور في عملية التحول الديمقراطي وقدرتها على إحداث تحول حقيقي في العالم العربي، فلا تزال هذه العملية جنينية. بل إن تحليل النتائج الرقمية من حيث تعبيرها عن وسائل (كالتشريعات) أو ممارسات (كإجراء انتخابات) يشير إلى أن عملية التحول الديمقراطي تبدو إما مدفوعة من الخارج أو تهدف لإرضاء الشارع شكلياً حيث ترتفع قيمة مقياس الوسائل (وهي الأكثر حساسية للضغوط الداخلية أو الخارجية) لتصل إلى 821 نقطة فيما تنخفض قيمة مقياس الممارسات (وهي الأقل حساسية للضغوط الخارجية والجماهيرية) لتبلغ 496 نقطة فقط" وتظهر هذه النتائج أن "الربيع العربي قد أعطى نتائج إيجابية، لكنها محدودة. كما إن وجود فجوة واسعة بين مؤشرات الوسائل والممارسات تطرح أمام الباحثين تساؤلاً عن مدى جدوى الدور الذي تلعبه الإصلاحات القانونية والدستورية في عملية التحول الديمقراطي".
وشمل الارتفاع الحاصل في القراءة الراهنة مقياسي الوسائل والممارسات، إذ ارتفع مقياس الوسائل 15 نقطة ويعود ذلك لسببين، أولهما تحسن علامة الوسائل في الأردن وتونس والجزائر، وثانيهما هو تعليق القياس في بلدين كانت علامة الوسائل فيهما ضعيفة، وهما السعودية وسوريا. لم تتغير علامة الوسائل لبقية الدول المشمولة في هذا التقرير.
أما مقياس الممارسات فقد شهد هو أيضا ارتفاعاً مشابهاً بلغ مقداره ستة عشرة نقطة ويعود ذلك لسببين: اولهما هو تحسن علامة الممارسة في الجزائر وتونس والأردن ومصر وفلسطين وثانيهما تعليق القياس في ثلاثة بلدان كان علامة الممارسة فيها ضعيفة وهي السعودية وسوريا واليمن.
من الجدير ذكره أن علامة الممارسات قد تراجعت في ظل الربيع العربي في أربعة دول وهي البحرين والكويت والمغرب ولبنان.  رغم التحسن شبه المتطابق في علامتي الوسائل والممارسات فإن الفجوة بينهما قد بقيت كبيرة. إن وجود فجوة كبيرة بين قيمتي الوسائل والممارسات يعني وجود فجوة مهمة في عملية التحول الديمقراطي تجعل هذه العملية غير متكاملة، بل وعرضة للتراجع بسهولة.
فلسطين بالمرتبة الثامنة من تسع دول
وحصلت فلسطين في المقياس علامة (511) مما أبقت عليها في المرتبة الثامنة بين الدول التسع. وقد تقدمت علامتها بسبعة عشر نقطة  مقارنة بالقراءة الثالثة، حيث يشير المقياس الفرعي حسب نوع المؤشرات إلى حصول فلسطين على علامات ترتفع فوق المعدل العربي في مجال الوسائل وتنخفض في مجال الممارسات (هي في المرتبة الأخيرة بين الدول التسع في الممارسات).
أما المقياس الفرعي لمقومات الديمقراطية فيشير إلى ارتفاع علامات فلسطين عن المعدل العربي في المقياس الفرعي للمقومات المتعلق بالمساواة والعدالة الاجتماعية بينما تنخفض في باقي المقاييس الفرعية.
وعند تفصيل المقاييس الفرعية حسب نوعها إلى وسائل وممارسات نجد أن المقاييس الفرعية المتعلقة بالوسائل ترتفع عن المتوسط العربي فيما يتعلق بالمؤسسات العامة وسيادة القانون والمساواة والعدالة الاجتماعية وتنخفض عنه في مجال احترام الحقوق والحريات وهي نفس الصورة التي عكستها القراءات السابقة.
أما المقاييس الفرعية المتعلقة بالممارسات فتنخفض عن المتوسط العربي عدا تلك المتعلقة بالمساواة والعدالة الاجتماعية.
وأكد التقرير أن فلسطين حصلت على ثالث أعلى العلامات في المقياس الفرعي للوسائل بعد المغرب ومصر، وحصلت (كما أسلفنا) على المرتبة الأخيرة في الممارسات.
ويرى الفريق الوطني في فلسطين أن استمرارها في هذه المرتبة المتأخرة في مقياس الديمقراطية العربي هو نتاج طبيعي لظروف الاحتلال والانقسام، وغياب المجلس التشريعي، وانتهاك القانون الأساسي، وانتهاء ولاية الرئيس والبرلمان، وغياب أية انتخابات عامة، والاستخفاف بعمل المحاكم. ناهيك عن غياب الأفق السياسي لحل عادل يضمن ممارسة الحق في تقرير المصير والسيادة الوطنية.
وتعاني فلسطين من التشرذم السياسي بالإضافة إلى الاحتلال، الأمران اللذان يجعلان من قيام الشارع بالمطالبة بالإصلاحات محدودا جدا، ذلك لوجود قضايا وجودية، وصراعات طاغية تجعل من المطالب الديمقراطية أمرا ثانويا في نظر الناس. وهذا ما يفسر أنه في الوقت الذي كان الشعار الدارج في الشارع العربي عامة "الشعب يريد تغيير النظام" كان الشعار في الشارع الفلسطيني : "الشعب يريد إنهاء الانقسام".
أما كون فلسطين كانت قد حازت على مؤشرات ومكانة أفضل في سنوات سابقة، فذلك يعود إلى الدفع الخارجي، وإلى حاجة السلطة الفلسطينية في حينه  إلى اكتساب الشرعية في ظل اتفاقات مع إسرائيل لم تحظَ بتأييد شعبي.
وتشكل عملية التحول الديمقراطي في فلسطين مشروعا مستقبليا وليس راهنا بطبيعة الحال، أي أن الإنجازات في هذا الاتجاه لن تكتمل بأي حال من الأحوال بانعدام الاستقلال الوطني والسيادة، ولكنها سوف تشكل بيئة للإسراع في إنشاء بنيان ديمقراطي بعيد التحرر.
وأضاف التقرير أنه "بهذا المعنى، فإن فلسطين اليوم أبعد عن إمكانية إنشاء دولة ديمقراطية حرة مما كانت عليه قبل سنوات لغياب التخطيط لأي انتخابات عامة جديدة، وغياب المساءلة. كما أن النخبة الحاكمة ( فتح ) لديها القليل من الاحترام للقيم الديمقراطية أو سيادة القانون. وممارسة وسائل الإعلام للرقابة الذاتية ... الخ".
يذكر أن مقياس الديمقراطية العربي يصدر كل سنتين من قبل مبادرة الإصلاح العربي والمركز الفلسطيني للبحوث  السياسية والمسحية، ويشرف على هذا التقرير فريق عمل رئيسي يتكون من خليل الشقاقي ومضر قسيس وجهاد حرب من المركز الفلسطيني، وبسمة قضماني وسلام كواكبي من المبادرة العربية، وفرق عمل وباحثين يمثلون مؤسسات بحثية وجامعية عريقة في العالم العربي.
116
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد