" المنظمات الأهلية" تحذر من تدهور الأوضاع النفسية بغزة
حذر أخصائيون نفسيون واجتماعيون وممثلو منظمات أهلية من التداعيات الخطيرة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الوضع النفسي لسكان قطاع غزة وبخاصة الأطفال، مؤكدين بضرورة التدخل الحقيقي من أجل وقف التدهور الحاصل ومعالجة أسباب الأزمة وبخاصة الأسباب الخارجية وفي مقدمتها الحصار والانقسام.
جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بعنوان " الأوضاع النفسية في قطاع غزة في ظل الظروف الراهنة" وذلك ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA.
وشددوا على ضرورة تكاتف الجهود من أجل معالجة جذور الأزمات التي يمر بها قطاع غزة والتحرك في كل المستويات لتوفير الحماية الاجتماعية والتدخلات النفسية وبخاصة للأطفال الذين يتعرضون لصدمات نفسية.
وبدوره أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، أن حلقات الكارثة التي يعيشها قطاع غزة بدأت تأخذ أبعادا أكثر خطورة في المؤشرات التي تشير الى ارتفاع نسب الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي التي يعيشها أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة والمساس بمقومات الحياة الأساسية في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد والمتواصل والانقسام السياسي.
ولفت الشوا إلى معاناة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع من النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والمرضى الذين تزاد أوضاعهم سوءا والشباب العاطلين عن العمل وانعدام فرص المشاركة في مجتمعهم.
وأشار الى ما ورد في تقرير مركز الميزان لحقوق الإنسان حول ارتفاع حالات المرضى المحولين لمستشفي الطب النفسي بنسبة 21% مقارنة مع عام 2017، وارتفاع عدد المرضى المترددين على مراكز الصحة النفسية الحكومية بنسبة (69%) مقارنةً بعام 2016 وكذلك تآكل مستويات الحماية الاجتماعية، وارتفعت أعداد الأطفال ممن هم على خلاف مع القانون، وبلغ عددهم (429) طفل في عام 2017م بزيادة نسبتها (41%) عن عام 2016م. وتعاظمت التحديات في الحصول على غذاء كافٍ. كما طرأ انخفاض على حالات الزواج، بنسبة (10.8%) مقارنة مع عام 2016م.
وفي كلمته أكد مدير عام برنامج غزة للصحة النفسية ياسر أبو جامع، أن الأوضاع المعيشية تزيد من العبء الاجتماعي والاقتصادي على الأسرة الفلسطينية فيجب الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من ضغوط نفسية على المجتمع الفلسطيني وكيف يمكن لهذه الضغوط النفسية أن تظهر وما هي الجهات التي يمكن من خلالها توفير الرعاية النفسية اللازمة.
وأشار الى إحصائيات برنامج غزة للصحة النفسية المبدئية عن عام 2017 فان الاضطراب الأكثر شيوعا بين الأطفال المترددين حديثا على المراكز التابعة للبرنامج هو اضطراب التبول اللاإرادي بنسبة 20% يليه اضطراب كرب ما بعد الصدمة بنسبة 13%.
وأضاف أن 24% من الأطفال المترددين على المراكز التابعة للبرنامج يعانون من مشكلات وأعراض سلوكية لا تصل بهم الى درجة التشخيص ويتلقون الخدمات الإرشادية اللازمة.
أما بالنسبة للبالغين أوضح أبو جامع أن التشخيص الأكثر للحالات الجديدة خلال العام 2017 فهو اضطراب الاكتئاب "22% من الحالات" ثم الاضطرابات التي تتعلق باستخدام المواد والعقاقير بنسبة 21% من الحالات وتشكل الاضطرابات المتعلقة بمجموعة اضطرابات القلق ما نسبته 26% من الحالات وتتركز بشكل أساسي في اضطراب القلق العام, اضطراب كرب ما بعد الصدمة .
وأشار الى الشعور العام بالإحباط بين مختلف أفراد المجتمع الفلسطيني في غزة بسبب الصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة خصوصا بين الشباب وكذلك المعاناة اليومية الناجمة عن انقطاع الكهرباء وما يتبع ذلك من عناء.
وفي الجوانب الإكلينيكية قال أبو جامع أن أهم الملاحظات من قبل المهنيين والمهنيات كان هي أن حالات الاكتئاب الناتجة عن سوء الوضع الاقتصادي بدأت تطال ذوي الدخل المتوسط والجيد من المجتمع كما وان ممارسات الاحتلال تؤدي في كثير من الأحيان الى حدوث انتكاسة لدى مرضى كرب ما بعد الصدمة خصوصا في المناطق الحدودية.