ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، الإذاعية بالدرجة الأولى، من غزة ، إثر الاعتداء على موكب رئيس الحكومة، مباشرة، ربما تكشف عن حقيقة أهداف الجهة الفاعلة من وراء هذا التفجير، فاللحظات الأولى والأخبار الأولى قالت إنه تم تفجير موكب الحمد الله بعدة سيارات مفخخة وتم تبادل كثيف لإطلاق النار، وتبين فيما بعد، أن الأمر لم يكن كذلك، فقد نجا رئيس الحكومة ومعه أركان الوفد، وأن الأمر لم يتعد تفجيراً بتوقيت على الأغلب، رسالة أكثر منها استهداف الحياة، إلاّ أن عملية الإثارة والمبالغة، كانت تستهدف رد فعل يؤدي إلى فتنة، أكثر من كونه نقلاً غير أمين للواقعة والحدث. التفجير مدبر وكذلك عملية الإثارة الإعلامية المقصودة كانت مدبرة، إلاّ ان هذه الفتنة قتلت في مهدها بفضل النقل السريع والأمين للحادث الإجرامي.


ومع أن تفاعل الحادث المُدان قد انتهى بإلقاء رئيس الحكومة كلمته التي شكلت رداً عملياً على الجهة التي دبرت الجريمة، بتمسك حكومته بالمصالحة والعودة إلى قطاع غزة، مع ذلك فإن التقاذف بالاتهامات بين مختلف أطراف الانقسام، ووسائل الإعلام المرتبطة بهما، ساعدت على أن تصل الرسالة التي أرادتها الجهة الفاعلة والقائمة بالجريمة إلى هدفها، كلمة الحمد الله إثر الجريمة، التي تميزت بالهدوء، لم تفرض هدوءاً مشابهاً على التصريحات المتعجّلة والاتهامات المتبادَلة، وقد ساعد ذلك فعلاً على إثارة أجواء من التوتر، وإذ يمكن فهم تلك التصريحات التي حملت حركة حماس مسؤولية هذه الجريمة من حيث سيطرتها على القطاع وأجهزة الأمن على اختلاف أشكالها، فإن ذلك لا يعني على الإطلاق أن حركة حماس كانت الأداة المنفذة لهذه الجريمة، وحركة حماس بحكم هذه السيطرة على قطاع غزة، آخر من له مصلحة في التشكيك بقدراتها الأمنية، ولعلّ هذا التشكيك أحد استهدافات هذه الجريمة، مع ذلك فإن تلك المسؤولية تقضي بضرورة الكشف السريع عن منفذي هذه الجريمة والأهم من ذلك، الكشف عن الجهة التي أرسلت هؤلاء المنفذين، وربما سيكون من الأفضل أن تتولّى هيئة وطنية عملية التحقيق بهذه الجريمة، كخطوة لها أهميتها من حيث التوجه نحو بداية عملية للمشاركة في الملف الأمني توطئة لتسلم الحكومة هذا الملف في اطار عملية المصالحة.


وبالعودة إلى الأخبار التي تم تناقلها مباشرة إثر عملية التفجير، فقد لوحظ أن بعض وسائل الإعلام الفلسطينية، من قطاع غزة، سارعت للقول إن الوفد الأمني المصري سارع الى مغادرة القطاع حيث كان يقوم بزيارة إلى قطاع غزة بهدف مواصلة جهوده نحو تذليل العقبات من أمام المصالحة، وقد تبين فيما بعد أن لا صحة إطلاقاً لهذه الأخبار، الأمر الذي يؤكد أن عملية التفجير المدبرة، كانت تستهدف فيما تستهدف عملية المصالحة والجهود الرامية إلى إنجازها، خاصة جهود الوفد الأمني المصري.


عملية التفجير هذه، ما كان لها أن تغطي على أهمية كلمة الحمد الله في افتتاحه لمحطة الصرف الصحي شمال قطاع غزة، خاصةً لجهة دعوته لكل من حركتي حماس والجهاد للمشاركة في أعمال المجلس الوطني القادم، ذلك أن هناك عدة جهات أشارت في السابق إلى أنه لم توجه لهما دعوة لمثل هذه المشاركة، وكذلك رسالة إلى المجتمعين في واشنطن تحت عنوان إنقاذ غزة، من أن استهدافات هذا الاجتماع لن تمر، باعتبار أن إنقاذ قطاع غزة مسألة سياسية بالدرجة الأولى، وأن أي جهود لإنقاذ قطاع غزة يجب أن تمر عبر حكومة الوفاق الوطني.


كان من المحبذ ان لا  يغادر وفد الحكومة برئاسة الحمد الله فور افتتاح محطة الصرف الصحي، بعدما قيل إن هدف هذا الوفد، الاجتماع مع الوفد الأمني المصري ومع حركة حماس، بهدف بلورة اتفاقات جديدة تم التوصل إليها إزاء عدد من ملفات المصالحة العالقة. مغادرة الحمد الله للقطاع بهذه السرعة ومن دون عقد مثل هذه الاجتماعات، ستؤثر على جهود المصالحة وستساعد كافة الجهات المتضررة من المصالحة على مواصلة وضع العراقيل، ما يجعل المصالحة أكثر من أي وقت مضى في مهب الريح، وبالتأكيد، فإن عدم مغادرة الحمد الله للقطاع بهذه الطريقة كان سيوجه ضربةً لكل الجهات المستفيدة من الانقسام، وان كان رئيس الوزراء قد أرجعها الى توجهه اليوم إلى روما لحضور مؤتمر دولي حول دعم " الأونروا ".


Hanihabib272@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد