الديمقراطية تعقد مؤتمرها في الضفة والقدس وتنتخب قيادة مركزية

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

اختتمت منظمات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الضفة بما فيها القدس أعمال مؤتمرها الإقليمي السادس، بإجازة التقرير السياسي وخطة العمل النضالي للمرحلة المقبلة، وانتخاب قيادة جديدة للإقليم، إلى جانب انتخاب مندوبي الضفة بما فيها القدس إلى المؤتمر العام للجبهة المقرر انعقاده أواخر شهر آذار المقبل.

وأكدت الجبهة على عقم الرهان على إمكانية استرضاء إدارة ترامب، وهو رهان يساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني وتبديد عناصر قوته وينطوي على خطر فتح الآفاق للتطبيع التدريجي بين الدول العربية وإسرائيل بغطاء فلسطيني.

وشددت الجبهة على ضرورة الانتقال إلى تبني وتطبيق إستراتيجية وطنية جديدة كانت قرارات المجلس المركزي في آذار 2015 قد رسمت معالمها بما ينسجم مع المبادرة التي كانت الجبهة الديمقراطية سباقة إلى إطلاقها منذ عام 2011.

وقامت الإستراتيجية البديلة على تصعيد المقاومة الشعبية وصولاً بها إلى انتفاضة شعبية شاملة. وقد أثبتت التحركات الأخيرة على أن خيار المقاومة الشعبية قادر على فرض التراجع على العدو ولجم نزعاته العدوانية، وعلى إعادة الاعتبار لمكانة القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الإقليمي والدولي. وهي تؤشر إلى أن تصاعد المقاومة الشعبية إلى انتفاضة شاملة، جنباً إلى جنب مع التحرر من قيود اوسلو وعزل إسرائيل دولياً، يمكن أن يقود إلى رفع كلفة استمرار الاحتلال وبناء معادلة جديدة لتوازن القوى تفتح الآفاق لإنهائه.

 والمحور الثاني للإستراتيجية البديلة على "التدويل" بما يعني حمل المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته لردع انتهاكات إسرائيل ومعاقبتها على جرائم الحرب التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني. وانتهاج سياسة جريئة لتعزيز مكانة دولة فلسطين ومحاصرة إسرائيل على الصعيد الدولي، بما في ذلك الإحالة الرسمية لجرائم الحرب الإسرائيلية إلى محكمة الجنايات الدولية، والانضمام إلى الوكالات الدولية التي هددت واشنطن بالانسحاب منها إذا انضمت إليها فلسطين والدعم المباشر لحركة المقاطعة BDS.

وإعادة النظر في العلاقات مع سلطة الاحتلال تنفيذاً لقرار المجلس المركزي وبخاصة سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني والمقاطعة الاقتصادية ووقف العمل بالتزامات بروتوكول باريس التي تتعارض مع المصلحة الوطنية وإعادة صياغة وظيفة السلطة الفلسطينية بحيث تتركز على تعزيز صمود المجتمع لمواجهة تحديات معركة التحرر من الاحتلال.

وأكدت الجبهة على ضرورة توفير مقومات النجاح لهذه الاستراتيجية وفي مقدمة ذلك إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بما يمكن من حمل أعباء المواجهة مع الاحتلال، والعمل الفوري لإنهاء الانقسام المدمر بما يشمل تفعيل مبدأ الشراكة الوطنية ووقف الصراع على السلطة والنفوذ والدور القيادي. وتخلي حركة حماس عن هيمنتها على أجهزة الحكم في قطاع غزة ، وإزالة العقبات والشروط المسبقة التي تعرقل تشكيل حكومة وحدة وطنية تمارس صلاحياتها كاملة في قطاع غزة كما في الضفة الفلسطينية. ووقف الإجراءات التي تزيد استفحال معاناة المواطنين في قطاع غزة، والدعوة فوراً إلى التئام وانتظام عمل الإطار القيادي المؤقت الذي نصت عليه اتفاقات المصالحة، والمباشرة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لإجراء انتخابات حرة لجميع مؤسسات م.ت.ف. والسلطة الفلسطينية على أساس التمثيل النسبي الكامل. 

ورأى تقرير الجبهة ان توفير مقومات النجاح في المجابهة مع الاحتلال يتطلب التجديد الديمقراطي الشامل لمؤسسات السلطة وم.ت.ف. وإزالة الفجوة المتسعة باطراد بينها وبين جماهير الشعب، ووقف تجاوزات الأجهزة الأمنية على حريات المواطنين التي كفلها القانون الأساسي، والدفاع عن استقلالية الحركة النقابية وحق الإضراب، وصون استقلال القضاء واحترام مبدأ الفصل بين السلطات، وصولاً إلى إجراء انتخابات حرة للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني تشارك فيها جميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني على أساس التمثيل النسبي الكامل. والتصدي لمحاولات تهميش منظمة التحرير الفلسطينية أو اصطناع البدائل لها أو النيل من مكانتها كممثل شرعي وحيد لشعبنا في الوطن والشتات وكمرجعية وطنية للسلطة الفلسطينية، والوقوف بوجه ممارسات الانفراد والتفرد بالقرار الوطني وإدارة الظهر لمؤسسات المنظمة وهيئاتها الشرعية.

إلى جانب تعزيز لحمة وتماسك المجتمع لتمكينه من حمل أعباء المواجهة مع الاحتلال، وهذا يتطلب سياسات اقتصادية واجتماعية تضمن الحد الأدنى من العدل والتكافل الاجتماعي، ومعالجة آفات الفقر والبطالة، وتأمين حقوق العمال والموظفين في الأجر اللائق والعيش الكريم والضمان الاجتماعي والصحي الشامل، ودعم صمود المناطق والفئات المتضررة من الاحتلال كالمناطق المهددة بالجدار والاستيطان وبخاصة في القدس والأغوار، ورعاية أسر الشهداء والجرحى والأسرى، والدفاع عن حق المرأة في الحرية والمساواة التامة مع الرجل، وعن حق الشباب في التعليم والعمل والمشاركة في صنع القرار.


وعقد المؤتمر تحت شعار "من أجل استنهاض دور جبهتنا ومنظماتنا الديمقراطية وتعزيز انخراطها ومشاركتها في النضال الجماهيري وصولا لانتفاضة شعبية شاملة" وجاء تتويجا لأعمال 357 مؤتمرا قاعديا، و62 مؤتمرا مناطقيا، و15 مؤتمرا فرعيا في مختلف محافظات الضفة بما فيها مدينة القدس العاصمة، والقطاعات العمالية والنسوية والشبابية والمعلمين والمهنيين.

وفور توفر النصاب القانوني الذي بلغ 91% من الأعضاء المنتخبين، بدأ المؤتمر أعماله بالوقوف دقيقة صمت إجلالا لأرواح شهداء الجبهة والشعب الفلسطيني ثم جرى انتخاب هيئة لرئاسة المؤتمر تألفت من قيس عبد الكريم، ورمزي رباح وماجدة المصري وفاروق الهيموني، وباسمة أبو فرحة، وعلي ياسين، وحمزة أبو قرع، ثم جرى اعتماد جدول الاعمال الذي تضمن التقرير السياسي والتنظيمي، والتعديلات المقترحة على البرنامج السياسي والنظام الداخلي، وانتخاب القيادة المركزية والمندوبين للمؤتمر العام.

وحظي التقرير السياسي واشتقاقاته الملموسة في الأداء اليومي لمنظمات الجبهة النصيب الأوفر من النقاش، حيث ركّز النقاش على سبل التصدي ل صفقة القرن التي يعدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيث تبنت الإدارة الأميركية ودعمت الرؤية التصفوية لحكومة اليمين العنصري في إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو على أساس الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على كامل الأرض الفلسطينية من النهر إلى البحر، وحشر الفلسطينيين في معازل حكم ذاتي مسلوبة السيادة وفرض الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية مزعومة للشعب اليهودي، أي انكار حق شعبنا في الوجود على أرض وطنه وتقرير مصيره عليها، فضلاً عن تصفية حق العودة للاجئين. 

ورأى التقرير أن إدارة ترامب تتبنى سياسة تتنكر لقرارات الشرعية الدولية وتغض الطرف عن ممارسات إسرائيل العدوانية والتوسعية، بل وتشجعها، وتتبنى مقاربة جديدة للتعامل مع الصراع تقوم على ما يسمى بالحل الإقليمي الذي ينطلق من أولوية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وبخاصة دول الخليج، لرعاية مفاوضات ثنائية لا تستند إلى أي أساس من الشرعية الدولية.

 

كما استعرض التقرير التفاصيل الدقيقة والمهام العملية لاستنهاض دور منظمات الجبهة في الاضطلاع بهذا البرنامج الكفاحي، والبرامج المفصلة للقطاعات العمالية والنسوية والشبابية والمهنيين والمعلمين. وتوقف المؤتمر أمام أداء مختلف المنظمات الحزبية في فعاليات الاحتجاج والغضب على قرار الرئيس ترامب، وفعاليات التصدي لسياسات الاحتلال في تهويد القدس والاستيطان، وحيا المؤتمر الدور المميز الذي تقوم به منظمات الجبهة في التصدي للاحتلال وخاصة في نقاط الاشتباك الساخنة داخل مدينة القدس ومحيطها، وفي مختلف الساحات على امتداد الوطن. ووجه المؤتمر تحياته الكفاحية والرفاقية لأرواح الشهداء والأسرى، ولمناضلي الجبهة في قطاع غزة وعموم جماهير الشعب الفلسطيني في بلدان اللجوء والشتات. واختتم المؤتمر أعماله بانتخاب قيادة مركزية جديدة ضمت 76 عضوا يمثلون شتى المنظمات الجغرافية والقطاعية، ولجان الاختصاص، بلغت نسبة الرفيقات فيها 27%، كما بلغت نسبة الشباب من الجنسين نحو 41 %. 

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد