243-TRIAL- نعلم، معشر الصحفيين، جيداً أهمية الصحافة بالنسبة للمجتمع الفلسطيني ودورها الكبير في الدفاع عن حقوقه، وأيضاً في الرقابة على أداء مؤسسات الدولة، كما ندرك دور القانون في تنظيم هذه المهنة وتحديده لحقوق وواجبات الصحفي، كما نعرف جيداً أن من أسباب تقييد حرية الصحافة والعاملين فيها وجود قوانين قديمة تحكم عملنا تم سنها بالأساس لتقييد حرية الشعب الفلسطيني، ونعلم كذلك أن تعديل القوانين وإقرارها يأخذ وقتاً وجهداً، ويكلف مالاً بطبيعة الحال، وهنا خطورة الموضوع الذي نحن بصدده، فالأمر جاد ولا يحتمل تضييع المزيد من الوقت.
تواردت الأنباء تباعاً في الأسبوع المنصرم والذي قبله أنه تم تشكيل فريقاً من خمسين شخصاً، تم اختيارهم  في اجتماع عقد في رام الله احتفالاً ببدء المشروع الوطني لتطوير الإعلام من الناحية القانونية والأكاديمية، ويقود هذا الفريق معهد بيرزيت لتطوير الإعلام، وذلك بموافقة السلطة الوطنية، حيث نشر ضمن الخبر أن المعهد تقدم للسلطة بهذا المشروع منذ سنتين، ويشمل المشروع تطوير القوانين الفلسطينية المنظمة للعمل الصحفي وذات العلاقة أيضاً بممارسة المهنة وعلاقتها بالمجتمع ومؤسسات الدولة، واللافت هنا مجموعة من القضايا التي يطرحها الخبر على النحو الآتي:
أولاً: أن خبراء الإعلام والقانون وصحفيي غزة ، وحتى أعضاء الأمانة العامة لنقابة الصحفيين في غزة، لم يكن لديهم علماً بالموضوع، كما لم يتم دعوة أي شخص منهم في الاحتفالـ، كما لم يتم اضافة أياً منهم في الفريق الذي شكل لإعداد الخطط، في عملية ستتواصل على مدى ثلاث سنوات، وهنا يثار سؤال مختصر: لماذا؟!
ثانياً: حضر الاحتفال ببدء المشروع نقيب الصحفيين وأعضاء الأمانة العامة وجهات حكومية، ولم يكن من ضمن الحضور أى صحفي أو خبير من غزة، رغم أن هؤلاء شاركوا من قبل في مؤتمرات دولية لها علاقة بتطوير منظومة العمل الإعلامي، وكان آخرها مؤتمر اتحاد الصحفيين العرب، وقبلها مؤتمر الإذاعات، ومؤتمر أريحا وغيره الكثير، السؤال: لماذا لم يعترض هؤلاء على هذا السلوك وعلى غيره؟، إذا كان الرد كما في كل مرة أن الجانب الإسرائيلي يرفض إصدار التصاريح للصحفيين والخبراء في غزة، لماذا لا تتم مشاركتهم عبر خاصية "الفيديو كونفرنس"؟، ولماذا لم يضم الفريق الذي شكل لهذا الشأن أي شخص من غزة؟، ولماذا يطبق المشروع الآن وبشكل مكثف ومتسارع في الضفة الغربية ولا يطبق في قطاع غزة؟، ولماذا يتم إصدار تصاريح لخبراء من الأردن مثل الصحفي يحيى شقير ولا يتم ذلك لصحفي أو خبير قانوني من غزة؟، ولماذا يحرم صحفيي غزة وخريجي الصحافة والقانون من الاستفادة من المشروع، إن كان على صعيد التدريب أو العمل في المشروع؟، كما نتساءل: هل يمكن نشر تكلفة المشروع وعملية التوزيع والجهات والفئات التي ستستفيد منه؟، والسؤال المهم أيضاً: إذا سقط صحفيو غزة من حسابات البعض فلماذا إذن يمثلنا "معهد بيرزيت" في مؤتمر ماليزيا، وفي كمبوديا؟.
أسئلة لا تتوقف بشأن هذه "اللفتة الكريمة بحق الإعلام في غزة"، هل يحتاج إعداد قانون للصحافة هذه المدة (ثلاثة سنوات) أم أن الهدف هو تبذير أموال الشعب الفلسطيني؟، وللعلم إن الدعم الذي يمنح لمؤسسات المجتمع المدني يوضع ضمن المبالغ والأرقام التي تمنحها الدول كمساعدات للشعب الفلسطيني، ولا يفهم من حديثنا هنا أننا ضد مؤسسات المجتمع المدني، نحن معها شريطة العمل حسب الأصول وما يراعي احتياجات الشعب الفلسطيني، ثم من هو الأجدر في إعداد مشروع قانون الصحافة، نقابة الصحفيين أم معهد بيرزيت؟، وما هي الطريقة الأمثل لإعداد المسودة أو مشروع القانون؟ أليس من الأفضل وحسب الأصول أن يتم تكليف الجهة ذات الشأن بإعداد مسودة القانون، ثم تقوم النقابة بعمل مؤتمر صحفي تعلن فيه للملأ أنها تعتزم إعداد قانون للصحافة، وتعدو الصحفيين وخبراء القانون حتى يتسنى للجميع المشاركة وتقديم الأفكار وإبداء الرأي، وذلك عبر ورشات العمل، ثم يتم تشكيل فريق من الصحفيين والقانونين لإعداد المسودة، ثم تعرض المسودة على خبراء القانون والإعلام ومجموعة من الصحفيين المميزين لإبداء الملاحظات، ثم يتم عقد مؤتمر يدعى إليه كل الصحفيين والقانونين المهتمين بهذا الشأن لمناقشة المسودة، ثم أخذ الملاحظات ورفعها للجهة التشريعية أو الرئيس في حالة غياب السلطة التشريعية، كما يترك للمؤسسات حيزاً لعقد الورش لمناقشة المسودة والمبادئ العامة التي تم الارتكاز عليها في مشروع القانون، وللعلم فإنه لا يمنع ما ذكرنا من الاستفادة من الخبرات العربية أو الأجنبية حتى نخرج في النهاية بقانون يليق بحالة الشعب الفلسطيني الذي يجب أن ينعم بأفضل أنواع الحريات لأننا حرمنا من قبل من كل شئ، ولذلك لا يجوز لنا تقييد حريتنا بأيدينا.
نعود ونتساءل للمرة الألف، لماذا تم تكليف "معهد بيرزيت" بهذا الأمر يا نقابة الصحفيين؟ هل المعهد يمثل الصحفيين؟ ولماذا يتكرر الغلط المتمثل في إعداد قانون حق الحصول على المعلومات؟، ألم يكن من الأفضل ومن باب التخصص أن تقوم نقابة الصحفيين بإعداد قانون حق الحصول على المعلومات؟، فهذا القانون هو الذي يتيح للصحفي تأدية عمله بنجاح ودون الوقوع في التجاوزات، فحصوله على المعلومات بطرق رسمية وبسهولة كفيلة أن تجعل المصداقية سمة مقاله أو الخبر الذي ينشره، ومن ثم يستفيد المجتمع، فهذا القانون يعني وباختصار قيام كل مؤسسات الدولة بنشر المعلومات التي لديها ما عدا ما يمس الأمن وسمعة وخصوصية  الأفراد، أخيراً، نقولها للجميع، الصحافة ليس ملكاً لأحد، حتى أنها ليست ملكاً للصحفي، فالصحافة هي الوسيلة التي تعبر عن حال وهموم وأفكار وآراء المجتمع، هي ملك المجتمع، ولذلك يجب إشراك الجميع في تطويرها، ولا يجوز بأى حال من الأحوال القفز عن صحفي يسكن فوق جبل من جبال الضفة الغالية أو صحفي يسكن في أحد مخيمات غزة، لذلك نطالب بصوتٍ عالٍ بضرورة تصحيح ما جرى، وبسرعة.
136

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد