في غزة.. الزواج بات أمنية !

شاب يعزف الموسيقى على شاطئ بحر غزة

يبدو أن الزواج في قطاع غزة بات مجرد أمنية صعبة المنال، بالنسبة لآلاف الشباب الذين ما زالوا يصارعون وسط أوضاع كارثية يعانون منها منذ سنوات.

ووصلت نسب البطالة في قطاع غزة إلى 46% وهي الأعلى عالمياً، بفعل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي جعل الكثيرين يعزفون عن الزواج، ويصنفون لاحقا ك"عوانس".

وما يؤكد خطورة الوضع الراهن، هي الأرقام الصادرة عن المحكمة العليا بغزة، في إحصائية نشرها المجلس الأعلى للقضاء الشرعي نهاية عام 2017، إذ سجلت تراجعا بنسبة 10,08% في أعداد الزواج بين الشباب الفلسطيني، أي قرابة الـ 2000 حالة زواج مقارنة بعام 2016.

AS00 (3).jpg
 

الشاب محمد إبراهيم (29 عاماَ)، يجلس أمام باب منزله، شاكياَ ضيق الحال، ويحكي لمراسلة (سوا) دوافع مقاطعته للزواج في الوقت الحالي، "منذ أن تخرجت من كلية تصميم وإدارة المواقع، وظروفي لا تسمح لي ب فتح بيت خاص".

ويوضح محمد مدى رغبته ب"إكمال نصف دينه"، مستدركا : "لكن ذلك يتطلب شقة ومهر ودخل مستقر؛ كي لا أظلم زوجتي وأبنائي مستقبلا".

ويمتلك محمد شقة "غير مجهزة" منذ أربع سنوات، ويقوم بتجهيزها كل شيء على حدة "حينما يتوفر لديه بضعة من المال"، لكن لا تزال بحاجة إلى "مبلغ مالي ليس بقليل"؛ كي تصبح ملائمة للمعيشة.

ولا يختلف حال ظافر السعافين (28 عاماَ)، عن سابقه كثيرا، إذ وجد أن ما ادخره خلال 10 سنوات عمل فيها بشتى المجالات، لا يكفي لتشييد "عش الزوجية"، أو لأي تفاصيل أخرى.

ثلاثون شيقلا فقط، يقول ظافر إنه يتقاضاها بعد أكثر من 10 ساعات عمل يوميا، متسائلا بألم : "أين سيصرفوا.. هل هذا المبلغ يكفي لفتح بيت؟".

ولم تعد العنوسة في غزة، وصفا للنساء فقط، بل بات للشباب نصيب منه، إذ يعتبر محمد عيسى أنه أصبح "عانسا"، وذلك بعد أن تجاوز عمره الثلاثين عاما.

ويقول عيسى : "أبيع الشاي والقهوة على عربة خشبية صغيرة منذ ثلاث سنوات (..) هذا حالي الآن، لم أتزوج ولا شيء، كما إخواني اللذين يكبراني ببضع سنوات".

و يضيف الشاب الثلاثيني : "نحن نحارب، كي نعيش ونوفر قوت يومنا، وليس لنتزوج". ورفع حاجيبه للأعلى ثم قال : "واضح أنه الزواج صار حلم".

عنوسة مركبة

وسجلت المحكمة العليا في قطاع غزة في إحصائية أجراها المجلس الأعلى للقضاء الشرعي نهاية عام 2017، تراجع بنسبة 10,08% في أعداد الزواج بين الشباب الفلسطيني، أي قرابة الـ 2000 حالة زواج مقارنة بعام 2016.

ورغم أن الإحصائيات الرسمية للعام 2017 تؤكد تراجع عدد حالات الزواج بقرابة ألفي حالة، إلا أن العام الجاري يبدو أسوأ؛ بالنظر إلى تفاقم الأوضاع الكارثية بمناحي الحياة كافة.

وفي السياق، أكد حسن الجوجو رئيس القضاء الأعلى، على أن هذا المؤشر المقلق أدى إلى ظاهرة العنوسة المركبة لدى الشباب والإناث في قطاع غزة.

وأشار الجوجو إلى أن البطالة وقلة العمل، هي السبب الأساسي في عزوف الشباب عن الزواج بشكل عام.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي الشهر الماضي أن هذه الأمور تستعدي من الجميع إيجاد حلولاً خلاقة للشباب الفلسطيني، بدأ من السكن وتكاليف الزواج وارتفاع أسعار المهور،وتدارك الموقف قبل وقوع الكارثة.

إشباع للرغبات

بدوره بين الخبير النفسي د. فضل أبو هين أن سوء الظروف الاقتصادية الصعبة ينتج عنها أمراض اجتماعية كالعزوف عن الزواج والطلاق والزنا وغيرها.

وحذر من اندلاع كارثة اجتماعية وانتشاراً للفساد إن لم يكن هناك إشباع لرغبات الإنسان الطبيعية.

ودعا المسئولين إلى إنقاذ الشباب وإيجاد الحلول المناسبة لهذه المسألة، قبل فوات الأوان.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد