تقرير بيئي: المخلفات البلاستيكية تغرق شواطئ غزة وتهدد البيئة البحرية

صورة لشاطئ بحر غزة

ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي ،معا تلوث شواطئ قطاع غزة بمئات الأطنان من النفايات بشتى أنواعها خصوصًا البلاستيكية منها والتي يحذر الخبراء من أن بعضها يحوي موادَ سامة تشكل خطرًا على صحة الإنسان والبيئة.

ورصد الخبير في الشأن البيئي المهندس نزار الوحيدي "أكداسًا من البلاستيك" جنتها شواطئ غزة"، بعد انتهاء المنخفض الجوي.

وبين الوحيدي أن هذه الكميات من النفايات "تنقلها التيارات البحرية من بحر مدينة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية لتسكن في مياه بحرنا ثم شواطئنا، وتزيد التلوث بالنفايات الصلبة إضافة إلى التلوث بالمياه العادمة".

وقدّر الوحيدي المساحة التي غطتها الملوثات على شاطئ بحر قطاع غزة بما لا يقل عن 4.5 كيلو متر مربع.

وأضاف: "تقديراتي الشخصية لهذه النفايات أنها لا تقل في وزنها عن 8500 طن، هذا غير ما هو طائف في المياه والذي سيكون مصيره الشاطئ أيضًا".

وحذر الوحيدي من أن كثيراً من هذه المواد البلاستيكية "مسرطنة"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى ما وصفها "بمشكلة كبرى" وهي أن هذه المواد ليس جميعها قابل لإعادة الاستخدام والتدوير في القطاع الساحلي المحاصر.

وأضاف "أننا لا نملك إمكانية معالجتها بسبب الانقطاع شبه الدائم للكهرباء عن قطاع غزة، كذلك فإن حرقها يؤدي إلى انبعاث مواد مسرطنة كثيرة جدًا".

ونبه الوحيدي كذلك إلى تأثيرها على الثروة السمكية مستدلًا بأبحاث علمية ذكرت أن ملايين الأسماك الكبيرة تموت سنويًا بسبب المواد البلاستيكية الموجودة.

السلاحف البحرية مهددة

وأكد أستاذ العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية بغزة الدكتور عبد الفتاح عبد ربه، أن مشكلة المواد البلاستيكية تكمن في صعوبة تحللها في المياه حيث تحتاج إلى سنوات طويلة جدًا.

وأضاف عبد ربه أن ترسب المواد البلاستيكية (والتي هي عبارة عن مركبات كيميائية صناعية) في قاع البحر "يشكل خطرًا على الأحياء البحرية خصوصًا السلاحف".

وأوضح أن بحر قطاع غزة تتواجد به ثلاثة أنواع من السلاحف المهددة عالميًا، وهي السلحفاة ضخمة الرأس، والسلحفاة البحرية الخضراء، والسلحفاة جلدية الظهر.

وذكر أن هذه السلاحف ولا سيما ضخمة الرأس -والتي يصل وزنها إلى مائة كيلو غرام أحيانًا-، كثيرا ما تدفع بها مياه البحر إلى الشاطئ بعد أن تكون قد نفقت لأسباب عديدة من بينها أنها تنخدع بأكياس البلاستيك العائمة حيث تظن أنها قناديل بحرية والتي تعدُّ وجبتها المفضلة.

وبين عبد ربه أن دخول هذه الأكياس داخل القناة الهضمية للسلاحف تعمل تلبكًا واختناقاً لها، وبالتالي فإن ظاهرة إلقاء أكياس البلاستيك في المياه تتسبب في نفوق الكائنات البحرية.

الشاطئ والوادي مصدر الأكياس

عن أسباب وجود هذه النفايات، قال عبد ربه: "في فصل الصيف يكثر تردد المواطنين على شاطئ البحر حيث يتركون بعد مغادرتهم كميات كبيرة من أكياس البلاستيك التي تقوم مياه البحر بابتلاعها أثناء عمليات المد، لذلك عند حدوث المنخفضات العميقة تعود إلى الشاطئ مجددًا".

كذلك نبه إلى أن وادي غزة (وسط قطاع غزة) الذي في أصله عبارة عن مجرى مائي، يقوم بتصريف المياه العادمة إلى مياه البحر بما تحتويه من كميات كبيرة من الأكياس والمواد البلاستيكية الأخرى، فضلًا عن أن للصيادين دورٌ كبير في إلقاء المواد البلاستيكية في البحر ومنها شباك الصيد المتهالكة (مصنوعة من خيوط بلاستيكية) أو تلك التي يتم فقدانها دون قصد منهم.

كما ونبه مدير دائرة التوعية البيئية في سلطة جودة البيئة الدكتور أحمد حلس، إلى أن المواد البلاستيكية ومنها الأكياس البلاستيكية كلها مركبة من مواد كيماوية غير صديقة للبيئة في مجملها.

وذكر حلس أن انتاج قطاع غزة من النفايات الصلبة يزيد بشكل كبير جدًا مع تزايد أعداد السكان. وقال: "وصلنا الآن إلى 2200 طن يوميًا من النفايات الصلبة، أكثر من 17% من هذه النفايات الصلبة عبارة عن مواد بلاستيكية، وقرابة 10 أطنان من أكياس البلاستيك تنتج كل يوم في القطاع".

وأعرب حلس عن أسفه "لأنه لا توجد مرافق تستوعب هذا المنتج لإعادة تدويره".

غياب مصانع لإعادة تدوير البلاستيك

وتابع: "حتى لو أن هناك 70 مصنعًا لإنتاج البلاستيك في قطاع غزة، لكن ونتيجة لانقطاع الكهرباء أصبحت هذه المصانع شبه مشلولة لا تعيد تدوير 4% من مجمل البلاستيك الذي يتم استهلاكه في قطاع غزة".

وأكد مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة المهندس عبد الرحيم أبو القمبز أن البلدية تقوم بحملة مكثفة عقب كل منخفض جوي لجمع وترحيل النفايات من شاطئ مدينة غزة.

وذكر أبو القمبز أن بلدية غزة وهي كبرى البلديات في القطاع تعمل منذ أكثر من أربعين عامًا على جمع وترحيل النفايات التي يتم التخلص منها بطريقة الطمر الصحي في مكب النفايات المركزي في جحر الديك جنوب شرق مدينة غزة.

وأضاف أن هذا المكب صحي ومبطن بشكل مقوى ويتم توجيه كل الراشح فيه إلى برك متخصصة ثم معالجتها.

رئيس اتحاد الصناعات البلاستيكية سامي النفار أشار إلى أن أكثر من 60% من المصانع في قطاع غزة تعتمد على إعادة تدوير البلاستيك.

وشدد على أن المواد البلاستيكية التي تحوي موادَ قد تكون مسرطنة، لا يمكن أن تدخل في عمليات إعادة التدوير ولا يتم استعمالها للاستخدامات الآدمية.

وأضاف أن الأشخاص الذين يتولون عمليات جمع المواد البلاستيكية لا يتعاملون إطلاقا مع المواد الخارجة من البحر لإدراكهم أنها من المخلفات التي قد تحوي موادَ سامة.

وشدد على أن اتحاد الصناعات البلاستيكية يراقب كل شيء، ولا يسمح إطلاقًا لأيٍ كان بأن يهدد صحة المواطن فسلامته فوق أي اعتبار، كما قال.

وقال أن عدد مصانع البلاستيك في قطاع غزة يقدر بحوالي 86 مصنعًا، 75 منها ملفاتها موجودة لدى الاتحاد.

حول الدور الذي يمكن أن تقوم به الجهات الفلسطينية المختصة للتقليل من ظاهرة انتشار النفايات البلاستيكية قال الوحيدي: "ليس هناك غياب وعي بقدر ما هناك ضعف امكانيات مادية وعلمية للتعامل مع هذه النفايات".

ويضيف أن هذه المشكلة هي في العموم قضية عالمية وليست قضية قطاع غزة فقط لكن ذلك يستدعي التنبه لها.

بينما أكد حلس أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وهي مرتبطة الحلقات، بحيث تبدأ بالمواطن من خلال ترشيد استهلاكه للمواد البلاستيكية وخصوصًا أكياس البلاستيك ومرورًا بالجهات الحكومية والبلديات والجمعيات العاملة في المجال البيئي عبر التوعية والتثقيف وتوفير الأكياس البديلة.

وبات شاطئ البحر الأبيض المتوسط عقب سكون المنخفض الجوي العميق أشبه بمكب للنفايات البلاستيكية في ظاهرة تتكرر في فصل الشتاء من كل عام، وهو ما يزيد من الأعباء الملقاة على كاهل البلديات.

الجهات المسؤولة لا تملك معالجة هذا الكم الهائل من النفايات البلاستيكية في الشواطئ الغزية بسبب الانقطاع شبه الدائم للكهرباء عن قطاع غزة، كذلك فإن حرقها يؤدي إلى انبعاث مواد خطرة. تقدر كتلة هذه النفايات بما لا يقل عن 8500 طن؛ إضافة لما هو عائم في مياه البحر والذي سيصل إلى الشاطئ أيضًا، ويضاف إلى هذا التلوث المستجد، التلوث اليومي المتواصل بكميات ضخمة من المياه العادمة.

كما تتواجد في بحر غزة السلاحف المهددة عالميًا، والتي قد يصل وزن بعضها إلى مائة كيلوغرام، وكثيرا ما تدفع بها مياه البحر إلى الشاطئ بعد نفوقها، بسبب انخداعها بأكياس البلاستيك العائمة، حيث تظنها قناديل بحرية والتي تعدُّ وجبتها المفضلة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد