افتتاحية هآرتس: غزة خطر الحرب
قالت صحيفة هآرتس الاسرائيلية في افتتاحيتها الرئيسية، أن تحذير رئيس الأركان غادي إيزنكوت من أن الانهيار الاقتصادي في غزة يمكن أن يثير مواجهة عسكرية في المستقبل القريب، لم يكن من الممكن أن يكون أكثر وضوحا.
ظاهرا، إن الصلة المؤكدة بين الضائقة الاقتصادية الرهيبة والانفجار العنيف أمر بديهي. ولكن الحكومة الإسرائيلية لا تزال أسيرة مفهوم يهدد أمن الدولة. ويعتمد هذا المفهوم على الافتراض بأنه كلما كان وضع مواطني غزة أسوأ، هكذا ستضعف قوة سلطة حماس . حتى لو تجاهلنا الجوانب الأخلاقية للضائقة والفقر والافتقار إلى آفاق سياسية واقتصادية، فإن سياسة الإغلاق والنضال ضد الحكم المستمر لحماس يرتبطان بتناقضات لا يمكن التوفيق بينها.
لقد أثبت أكثر من عشر سنوات من الإغلاق أن الصيغة الإسرائيلية غير فعالة. فسلطة حماس لم تضعف فحسب، لا بل تتلقى دعما من الحكومة الإسرائيلية التي تعتبرها مسؤولة عن كل ما يجري في قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، فإنها لا تسمح لحركة حماس بإدارة البنية التحتية المدنية في غزة والسماح لأكثر من مليوني نسمة بأن يعيشوا حياة ملائمة. وتسعى إسرائيل إلى إسقاط نظام حماس من خلال العصيان المدني الذي لم ينشأ بعد. علاوة على ذلك، ليس لديها سياسة لتوضيح من سيتولى إدارة غزة بعد سقوط حماس.
صحيح أن إسرائيل طرحت خطة طموحة لإعادة إعمار قطاع غزة، تشمل إنشاء بنية تحتية للكهرباء ومنظومة لتحلية المياه بتكلفة تقدر بحوالي مليار دولار، ولكنها تضع شرطين مستحيلين لتنفيذها: أن تمول الدول المانحة الخطة؛ وأن يتم تنفيذها فقط بإدارة السلطة الفلسطينية.
إسرائيل تطالب الدول المانحة بإخراج الكستناء لها من النار، كما لو كانت تلك الدول هي المسؤولة عن الضائقة في غزة. ولكن حتى لو وافقت الدول المانحة على ذلك، فإنها وسكان غزة سيصبحون رهائن لقدرة السلطة الفلسطينية على السيطرة على غزة. وهذا، في حين أن إسرائيل تحارب ضد أي تعاون بين حماس وفتح، والذي من دونه لن تتمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة على غزة.
هذه الحجج تفرغ من مضمونها ادعاءات إسرائيل بأنها ليست مسؤولة عن الكارثة في غزة. وإذا اندلعت فعلا مواجهات عسكرية في غزة، فسيكون من المستحيل تقبل العذر الذي يضع المسؤولية الوحيدة عن هذه المواجهة على حماس. يجب على الحكومة أن تشرع فورا في إحداث تغيير كبير في سياستها، وأن تسمح بإنشاء مصانع، وأن تمنح تصاريح عمل أكثر لسكان غزة، وأن تسمح بالاستثمارات الأجنبية وأن توسع تصاريح التصدير. وإلا فإنها ستكون مسؤولة مباشرة عن الحرب المقبلة.