مع كلِّ فجرٍ جديد يستفيق البؤساءُ على وقعِ أحلامٍ جديدة، يترجَمُ البعض منها ولا يفسر الآخر، فأحلام الضعفاء وإن كبرت؛ فهي تشبه الجريح الذي يستعين بوحدة دمٍ من مريض العناية.


رغم ذلك تجدهم يبحثونَ بين قبور يعتقدون أنها طريق يمكن أن تنقلهم لحياة يسمعون عنها ويتوقون إليها.


ومن الحلم إلى الحقيقة، يُستخدمُ هؤلاء البؤساء في جولات الواقع المرير كحصنٍ يحمي طريق المستوزرين.


كل شيء بالنسبة لهم تبدَّل إلى الأسوأ، خصوصاً مع اشتداد حلقات الحصار المتواصل منذ أكثر من أحد عشر خريفاً، فيما لم تبذل أيُّ نوايا ذاتية حقيقية أو جهود دولية فعلية للفكاك منه.
وفي ظل  هذا الواقع المتأزم، لم تنقطع آمالهم بتغيير أحوالهم نحو الأفضل، فهم يخيطون جراحهم بمبادرات أسموها بـ "أسعد، سامح، كافل" وإن شئت هناك المزيد. تلك الأفكار التي انتشرت سريعاً  بينهم حتى بدأ بعض الانتهازيين يستغلونها وينصبون أنفسهم منسقين ومنظمين للإنسانية.


وبعيداً عن التفسير، تبقى الفكرة رغم تفاصيلها مهمة، فلماذا يُنتهك هؤلاء البؤساء وتسلب حقوقهم بقوة سيف العشيرة ورغبة المختار الذي يساومهم على كل "بحبوحة" قد تجعل من حياتهم "رغيدة" وهم يعيشون الموت الزوؤام.


وبالانتقال من المربع الأول والعودة إليه، يتجولون بشعار الوحدة الذي لن يجد ضالته طالما مات ضميرهم وكبرت كروشهم فوق العروش التي أوهمتهم أنها تعيش مع الميت وتوزع على "ورثته".


لا شيء أسوأ من ذلك حين يحتدم الصراع  على اللاشيء! يفعلون كل هذا من أجل الاستمرار أو الاستثمار في حكم لم يتبقَ منه سوى شيئين، أولهما يمكن تشبيهه بمؤسسات مدنية تعمل كوسيط مالي بينها وبين البؤساء ولكنها تختلف معهم بشرعية حمل السلاح، وثانيهما يتجسد بمحاولة فرض واقع معاقبة الناس لصبرهم على البلاء.


ويبقى مئات الآلاف من المشردين والمعوزين اللذين يقتلهم المرض والجوع تارةً، والشمع البديل للنور تارةً أخرى، يلجؤون إلى العقل كونه أقوى من النظر إلى عالم الخيال، يشعلون ثورة الغضب رغم عذاباتهم للدفاع عن مستقبل وطنٍ قد يجمعهم من جديد، يتناسون جراحهم ويقرعون الطبول على "طناجرهم" الخاوية لينشروا موسيقى الحب على من انشغلوا بالفرقة وغابوا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد