رويترز: من فتح إلى حماس .. الشباب الفلسطيني لا يبالي بالسياسة
اكتسبت المواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين أهمية خاصة منذ دعت القيادات الفلسطينية إلى احتجاجات على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف ب القدس عاصمة لإسرائيل.
ورغم أن حركة ( حماس ) وحركة فتح وفصائل أخرى تدعو لاستعراض أسبوعي للقوة أيام الجمعة فإن عشرات من الشبان المسلحين بالحجارة يتجمعون على الحدود بين غزة وإسرائيل كل يوم حتى عندما يلغى الاحتجاج المقرر مثلما حدث يوم الجمعة الماضي بسبب سوء الأحوال الجوية.
ويرتدي البعض شارات لفئات مختلفة تتنافس على قيادة المساعي لإقامة دولة فلسطينية تكون القدس عاصمة لها غير أنه ليس لآخرين أي انتماءات فيما يمثل علامة على الشعور بالاغتراب الذي يجعل الوضع السياسي أكثر عرضة للتقلب.
وقال محتج عمره 28 عاما،مشيرا لتجدد الجمود بين حماس وفتح ”أنا مش ضد فتح ولا حماس، لكن احنا ناضجين وأذكياء كفاية لنعلم بأن الانقسام المستمر بيضعفنا كلنا“.
والتنافس قديم بين الحركتين اللتين فشلتا في تحويل أي اتفاق من أجل الوحدة إلى واقع ملموس على مدى سنوات انقضت في مفاوضات متقطعة منذ انتزعت حماس السيطرة على قطاع غزة من فتح في العام 2007، بحسب رويترز.
ولإدراك كل من حماس وفتح النفوذ المتنامي للشباب بفضل أعداده المتزايدة فقد حاولت الحركتان مؤخرا استمالتهم فعقدت كل حركة اجتماعات كبرى منفصلة في غزة لإقناع الشباب بتأييد المصالحة.
لكن الشباب الفلسطيني أصبح كما يوضح المشهد اليومي على الحدود بعيد المنال ينفر من الجمود القائم منذ أربع سنوات في محادثات السلام مع إسرائيل وضآلة ما تحقق من تقدم في رأب الصدوع الداخلية.
وتظهر مشاعر الإحباط المتنامية في انتقادات لقياداتهم في وسائل التواصل الاجتماعي يقابلها على نحو متزايد تشديد قبضة السلطات على زمام الأمور.
ويقول الشبان الذين يلقون الحجارة إنه كلما تزايد الشعور بالاغتراب زاد احتمال خروجهم إلى الشوارع للاحتجاج.
وقال شاب يدعى أحمد عمره 23 عاما درس التاريخ ولا يعمل ”احنا نعاني الجوع ولا يوجد في بيوتنا كهرباء وآباءنا عاطلين عن العمل وكل هذا لن يوصل إلا إلى شيء واحد ألا وهو الانفجار“.
وسئل عن هدف مثل هذا الانفجار فقال ”ضد الاحتلال الاسرائيلي لأنه المسؤول الأول عن كل شيء ومسؤول حتى عن الانقسام بين فتح وحماس“.
* الانتخابات؟
اتفق الساسة الفلسطينيون على إجراء الانتخابات التي فات موعدها منذ فترة طويلة في قطاع غزة والضفة الغربية هذا العام في إطار مساع لوضع نهاية للانقسام الفلسطيني الذي دفع حماس لانتزاع السيطرة على القطاع في العام 2007 من السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح.
وليس من الواضح ما إذا كان ذلك سيتحقق.
وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية استجوب مسؤولو الأمن الفلسطينيون الكثيرين لأسابيع في بعض الأحيان عن التعليقات التي تنتقد فتح وحماس على وسائل التواصل الاجتماعي وذلك وفقا لما تقوله مؤسسات حقوقية فلسطينية ومنظمة هيومن رايتس ووتش.
وفي غزة تتركز أغلب الشكاوى على انقطاع الكهرباء الذي يرجع إلى 11 عاما ويرى الناس أن الحركتين مسؤولتان عنه.
ومن القضايا الساخنة بطء مساعي الوحدة إذ يوجه البعض أصابع الاتهام إلى حماس لإحجامها عن تسليم السيطرة الكاملة على غزة للسلطة الفلسطينية بينما ينتقد آخرون فتح للحفاظ على تخفيضات الأجور في غزة.
وتوجه لحركة فتح انتقادات أيضا لأن مشاركتها في محادثات سلام مع إسرائيل لم تحقق تقدما يذكر صوب تحقيق هدف الدولة الفلسطينية ولاحتفاظها بقيادات من كبار السن.
ويمثل الفلسطينيون في الفئة العمرية من 15 إلى 29 عاما ثلث سكان الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة شبه المحاصر وترتفع بشدة نسبة العاطلين عن العمل.
وقالت علا جبارة طالبة الجامعة بنت العشرين عاما في الضفة الغربية المحتلة التي كانت طفلة عندما انتخب محمود عباس رئيسا عام 2005 ”لا يوجد طرف يمثلني ولا أستطيع أن أقول هذا الطرف يتحدث بالنيابة عني“.
وأوضح استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في ديسمبر كانون الأول أن نحو ثلاثة أرباع طلبة الجامعة و69 في المئة من كل الفلسطينيين بين 18 و22 عاما يريدون استقالة عباس بالمقارنة مع 59 في المئة من الفلسطينيين في سن الخميس أو أكبر من ذلك.
وامتنع حسن فرج الأمين العام لحركة الشبيبة الفتحاوية عن ذكر عدد أعضاء الحركة وقال إنها مسألة داخلية. وقال إن الحركة ما زالت لها أهميتها إذ أن أعضاءها الرسميين يعدون بعشرات الآلاف بخلاف المنتسبين لها.
ويؤكد نقص الشفافية شكوى شائعة من جانب الشباب أن القيادات الحزبية لا تأخذهم في حسبانها.
وتحدثت رويترز مع ستة أفراد من المشاركين في الاحتجاجات على قرار ترامب بشأن القدس فلم يبد أي منهم استعداده لذكر من يريدون أن يخلف عباس في منصبه.
وقال طه (33 عاما) الذي يعمل طاهيا ورفض ذكر بقية اسمه وكان يرتدي قناعا حتى لا تتعرف عليه السلطات الإسرائيلية ”من سيأتي سيكون مثل سابقه“.
وأضاف ”لا أثق في أي من الطرفين“.
وفي غياب الحوار السياسي سواء داخل الفصائل الفلسطينية أو بينها وبين إسرائيل يعاني الشباب الفلسطيني في صمت ويخرج البعض للشوارع.
وتفجرت انتفاضتان فلسطينيتان عام 1987 و2000 وجاءت الثانية بعد فشل محادثات سلام برعاية أمريكية. ومن الممكن أن يؤدي تراكم المظالم إلى تفجر انتفاضة جديدة لكن استمرارها يتطلب دعما شعبيا واسعا بين الفلسطينيين ومشاركة الفصائل.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله ”الشباب الغير منتمين من الممكن أن يشكلوا رافعة لهبة، انتفاضة ذات عنفوان ولكنها قصيرة لا يمكن لها أن تستمر طويلا“.
وأضاف ”انتفاضة طويلة تحتاج إلى الفصائل لأنهم الأكثر تنظيما وقدرة على مواصلتها ويملكون الموارد المالية والطاقات المنظمة“.
وسقط 16 فلسطينيا وإسرائيلي واحد في الاحتجاجات وأصيب مئات الفلسطينيين بجروح منذ إعلان قرار ترامب في السادس من ديسمبر كانون الأول من بينهم ثمانية على الحدود في غزة يوم الجمعة وحده وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.
وقال صبي عمره 13 عاما على الحدود إنه أصيب مرتين بطلقات مطاطية. وحذرته والدته من أن تكون الإصابة الثالثة قاتلة بل إن والده ضربه ليظل بعيدا عن الاحتجاجات.
وقال الصبي ”كل مرة بأوجد سبب من أجل أن اطلع من البيت. ما الذي سيحدث لي؟ ٍسوف أنال الشهادة“.