في لقائه المغلق بقيادة حركة فتح ب غزة ، تحدث السيد عزام الأحمد أنه تفاجأ من اندفاع حركة حماس نحو المصالحة, وفي المقابل تحدث أحد أعضاء وفد الحوار لشخصية رفيعة المستوى من حركة حماس أن الرئيس محمود عباس أبلغ الوفد وفوضهم باتخاذ القرار المناسب من أجل إنجاز المصالحة, إذاً، الإرادة الفلسطينية تحققت، والظروف الإقليمية والدولية ساهمت في دعم جهود المصالحة، فكلا الطرفين فتح وحماس ذهبا للمصالحة في ظروف متشابهة، فالقيادة الفلسطينية وصلت بالمفاوضات مع (إسرائيل) إلى طريق مسدود، وبدأت تشعر بفشل هذا الخيار، وتدرك أهمية البحث في خيارات جديدة، وهي بحاجة ماسة لكل أوراق القوة, وأهمها ورقة الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي، وتجديد الشرعية الدستورية, أما حركة حماس التي لم تساعدها الظروف الإقليمية والدولية، فالمتغيرات الأخيرة في مصر والخليج العربي لم تكن في صالحها، وانعكست على أداء حكمها وعلى الواقع الاقتصادي بقطاع غزة, وبعد التوقيع على إعلان الشاطئ، والبدء بخطوات التنفيذ، أصبح لزاماً البحث في مستقبل المصالحة من خلال طرح أهم التحديات، والسيناريوهات المتوقعة.
أولاً: أهم التحديات التي تقف أمام المصالحة:
1- التحديات الخارجية:
مصالح (إسرائيل) الأمنية تتربع على سلم
التحديات الخارجية للمصالحة الوطنية، لما يربطها من قوة تأثير على صناع
القرار في الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية التي تربط مساعداتها
للسلطة الفلسطينية بمدى التزامها بعملية السلام مع (إسرائيل) وحفاظها على
الأمن والاستقرار بالمنطقة، ودعمها للتعايش الإيجابي مع دولة الاحتلال،
وبذلك يرتبط مستقبل السلطة الفلسطينية بدورها الوظيفي وموقفها السياسي،
وهذا ما عبرت عنه معظم الدول الغربية في تعليقها على مسألة المصالحة مع
حماس, وهنا تكمن براعة اللعبة السياسية, والتي أعتقد أنها تأتي في سياق
متفق عليه بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، على أن تلتزم حماس الصمت
الإيجابي فيما قد تقوم به القيادة الفلسطينية بالإعلان عن تبني الحكومة
المقبلة لبرنامج الرئيس عباس، والقبول بشروط الرباعية الدولية وحل
الدولتين، كمقدمة لشق الصف الدولي، ولفرض مزيد من العزلة السياسية على
(إسرائيل)، وكمقدمة للانضمام لباقي المنظمات الدولية، وربما تذهب القيادة
الفلسطينية بعد إجراء الانتخابات لإعادة تقديم طلب العضوية الكاملة لفلسطين
بالأمم المتحدة, ولكن المعضلة الأكبر في المرحلة التي تلي الانتخابات،
بحيث ستفرز الانتخابات قيادات من حركة حماس ومن الجهاد الإسلامي وبعض قوى
اليسار في المجلس الوطني والتشريعي، وهذه القوى سترفض الاعتراف بشروط
الرباعية، وحينها سنكون أمام استنساخ لسيناريو 2006م. الخروج من هذا
السيناريو يتطلب العمل على صياغة استراتيجية وطنية متفق عليها ويلتزم بها
كل الأطراف, بغض النظر عن نتائج الانتخابات، وحينها نواجه العالم برؤية
واحدة موحدة تعمل على إنهاء الاحتلال, بالإضافة إلى العمل الجاد لتوفير
شبكة أمان مالية عربية وإسلامية ومن أحرار العالم لسد أي عجز في الموازنة
قد تتسبب به (إسرائيل) وحلفاؤها.
2- التحديات الداخلية :هناك العديد من التحديات الداخلية لتنفيذ ما تم
الاتفاق عليه، وأهم هذه التحديات هو مدى انصياع النخب السياسية للضغوط
الخارجية، ولجماعات المصالح المستفيدة من حالة الانقسام، ومدى قدرة حركتي
فتح وحماس على تجاوز القضايا التفصيلية في تنفيذ اتفاق المصالحة، فالشيطان
في التفاصيل.
ثانياً: السيناريوهات المتوقعة:
1- السيناريو الإيجابي: وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً، وهنا أعتقد أن غالبية الدول ستعترف بالحكومة الانتقالية، وستتدفق عليها أموال المانحين، وقد يمتد عملها لأكثر من ست شهور، والمتغير المهم هو تمثيل الرئيس أبو مازن خلال الفترة الانتقالية للكل الوطني والإسلامي، وبذلك ستكون تلك الفترة حاسمة في تحديد مسار القضية الفلسطينية، ففي حال لعبت الإدارة الأمريكية الدور النزيه في عملية السلام واستطاعت الضغط على (إسرائيل) للانسحاب من حدود الرابع من حزيران 1967م، فإن نتائج الانتخابات المقبلة ستدعم توجه السلام والاستقرار بالمنطقة، وفي حال استمرت المماطلة والتسويف الصهيوني، فسيكون المزاج العام مع التصعيد والانتقال للخطة ب، التي تشمل مقاضاة (إسرائيل) دولياً، واندلاع انتفاضة شعبية قد تتدحرج تدريجياً نحو التسلح.
ما يدعم هذا السيناريو:
أ. مواقف الدول من اتفاق المصالحة المشروط
بقبول شروط الرباعية، وإعلان القيادة الفلسطينية موافقتها على ذلك، وسط صمت
من قبل فصائل المقاومة.
ب. حالة النضج السياسي التي بدأت الحركة الوطنية الفلسطينية التمتع بها.
ما ينفي هذا السيناريو:
أ.
قدرة (إسرائيل) على إفشال الاتفاق نظراً لطبيعة الجغرافيا السياسية للضفة
الغربية والتي حكم عليها القدر بأن تكون منطقة حبيسة تحيط بها (إسرائيل) من
كل الاتجاهات، وبذلك قد تفرض (إسرائيل) حصاراً مشدداً لم يسبق له مثيل .
ب. قوة ونفوذ جماعات المصالح التي تتضرر نتيجة تنفيذ اتفاق المصالحة.
2- السيناريو السلبي:
سيناريو فشل المصالحة ضعيف، نظراً لأن المزاج
الشعبي الداعم لإنهاء الانقسام تجاوز الفصائل والنخب، وأصبح هذا المطلب
الوطني أشبه بأمر عسكري واجب التنفيذ، وعليه سيحرص كل طرف على إنجاح هذه
الرغبة التي تصب في مصلحة الوطن، وتعيد الاعتبار للصورة القومية للقضية
الفلسطينية في الداخل والخارج.
ما يؤكد هذا السيناريو :
أ. ارتباط التنسيق الأمني باستئصال المقاومة وسلاحها, وهذه نقطة خلاف قد تفجر المصالحة .
ب. صعوبة المزاوجة بين إرضاء الغرب والاحتلال، والمزاج الوطني التحرري.
ما ينفي هذا السيناريو:
رغبة الرئيس عباس بأن ينهي فترة ولايته وعلى لسانه كلمة لا للاحتلال ولحلفائه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية