الحكومة أقحمت نفسها كرأس حربة بديل عن السلطة وحركة فتح في مواجهة حركة حماس ، وعادت المناكفات والردح وتبادل الإتهامات بلهجة غير وطنية. ودور الحكومة ومهامها معروفة وهي وظيفية مهنية، وهي ليست حركة سياسية كي تنزلق في سراديب المناكفات التي تعيشها فلسطين منذ عقد من الزمن، ويسمع الناس خطاب التحريض والكراهية، ورفع شعار أنهم على مفترق طريق حتى ضيعوا الطريق.
في غزة يوم عن يوم تكبر الهموم والمآسي، والإنهيارات تتوالى، ربما يعتقد البعض أن ذلك سخافة مبالغة، لكن هذه وقاحة الحقيقة، وما يجري وطنياً والهجمة الأمريكية الصهيونية وتواطؤ عربي، خشى الرئيس عن تسمية أصحابه على القضية و القدس وترويجهم لصفعة العصر والضغط على الفلسطينيين لقبولها، ويراد منها قضم ما تبقى من وطن يزداد بؤساً، والصراع على سلطة يقول رئيسها أنها لم تعد سلطة.
ليس غزة وحدها التي تفقد صوابها وتصارح الناس بوقاحة الحقيقة، فالوطن كله فقد صوابه ولم يعد اليوم كالأمس، بعد فتح أبواب الصراع على مصاريعها على كل فلسطين، وليس القدس وغزة والضفة فقط، والسرد التاريخي لا يكفي، وعملية كي الوعي وقتل روح المقاومة وتهشيم روح الناس الوقّادة للحرية مستمرة، السرد بحاجة لإعادة الروح الوطنية وأن يكون فعل وطني على كامل الأرض.
لا أحد يعلم ما سيجري بعد ساعة من الآن، لا أمل قريب في أي أفق لوحدة وطنية أو إستمرار الحال على حاله، والحاجة الماسة لتعزيز صمود الناس وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة ولقمة العيش لمئات الآلاف من الناس، وما يجري يشير كأنها عملية ممنهجة من للإذلال والإفقار والتجويع.
من يعيش في غزة يعتقد كل لحظة أنها تعيش وأهلها أيامها الأخيرة، ومدى حاجاتهم كي يشعروا أنهم بشر ومن حقهم التمتع بحياة كريمة. سنوات والناس تنتظر يوم الخلاص برفع الظلم والحصار ومنع حدوث مزيد من الكوارث والمآسي، وإنضمام مزيد من الفقراء إلى طوابير الإنتظار في النفق. غزة تنتظر الخروج من العتمة للحرية وأصبحت عاجزة وقليلة الحيلة للخروج من النفق كي تنعم بالنور والأمن والبحث عن مستقبل، أهل غزة وثقوا بإصحاب الوعود البراقة والشعارات الجميلة التي لم تدوم طويلاً وإكتشفوا قبحها وزيف تحقيقها، وعندما حان وقت الخروج من النفق قرر ـصحابه البقاء فيه.
ليس غزة وحدها التي تنكأ جراحها إنما الوطن كله، ويتدهور حالها بشكل مريب ورهيب والهاجس يرافق أهلها والواقع مخيف، والصراع على لقمة العيش للبقاء على قيد الحياة.
الناس يتوقعون الأخطر لتمرير صفعة القرن، وقرارات القيادة ضبابية غامضة تبعث على الخوف وبدل من الحديث الصريح يزداد السراب والتوصيات غير الملزمة، وتبقى غزة تدفع ثمن الصراع الجديد القديم ومحاربة الوطن والناس في لقمة العيش ومعاناة عائلات وأطفال يجوعوا.
غزة تنتظر الحكومة والإعتقاد أن الحلول لدى الحكومة، والإدعاء الخبيث أنها لم تُمكن من القيام بواجباتها، ووضعت نفسها في مواجهة الناس، وهي لا تملك من نفسها سوى أن تكون أداة في يد القيادة وقراراتها وأصبحت مهمة الحكومة المناكفات، ولا حلول للخروج من حال الانكشاف. والسؤال: لماذا تنفجر غزة ولأجل من؟ لأجل لقمة العيش أم من أجل القدس، أم من أجل غياب مشروع وطني لا يعرف الناس من ملامحه شيئ؟ القادم أخطر والإنهيارات لم تستكمل بعد، ويراد لغزة أن تركع وتصل درجة حافة الهاوية وصعوبة الحياة صفر ناقص، وتأبيد الإنقسام وحل مشكلاتهم حلم بعيد المنال ولم يحن وقته.
الناس لا يستحقون أن يعيشوا حياتهم على وقع الإنهيارات المتتالية ووطن يتسرب من بين أيديهم وأمام أعينهم، والخوف من تجريب تجارب أكثر قسوة وهي مرة كالعلقم، والتاريخ لن يرحم من كان السبب في الإنهيار الإنساني والكفاحي والوطني.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية