افتتاحية هآرتس عن خطاب الرئيس عباس: صرخة يأس

خطاب الرئيس امام المجلس المركزي في رام الله

قالت صحيفة هآرتس الاسرائيلية في افتتاحيتها الرئيسية اليوم الثلاثاء ان خطاب الرئيس محمود عباس امام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يجب ان يدوي ليس فقط في واشنطن و القدس ، ولكن أيضاً بين عامة الناس في اسرائيل.

وبينت الصحيفة ان خطاب الرئيس عباس أعلن ظاهراً الطلاق من إدارة ترامب وقال بملء فمه ان اسرائيل هي التي دمرت اتفاقيات اوسلو وأنه منذ الان سيرفض أي وساطة امريكية.

نص افتتاحية هآرتس

صرخة يأس

تكتب صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، ان خطاب محمود عباس أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يجب أن يدوي ليس فقط في واشنطن والقدس، ولكن أيضا بين عامة الناس في إسرائيل. ظاهرا، أعلن عباس الطلاق من ادارة ترامب، وقال بملء فمه إن إسرائيل هي التي دمرت اتفاقات أوسلو، وانه منذ الآن سيرفض أي وساطة أمريكية.

من الناحية العملية، يحدد عباس أنه لا توجد فرصة في المستقبل المنظور لبدء مفاوضات حقيقية يمكن أن تسفر عن نتيجة سياسية مستديمة. هذا ليس تحطيم آليات تكتيكي يهدف إلى حشد الضغوط الدولية، وانما صرخة يائسة من قبل رئيس فلسطيني يرى كيف وصلت رؤية الدولة الفلسطينية المستقلة الى باب موصد. ومقابله تقف حكومة إسرائيلية تستمد هويتها القومية من الاستيطان المتواصل في الأراضي المحتلة، والتي اختلقت، صباحا ومساء، الحجج لتجنب أي عملية دبلوماسية، ورفضت منذ البداية الاعتراف بعباس كشريك للمفاوضات.

على يمينها تقف الولايات المتحدة، التي أصبحت شريكا تفاوضيا عندما اعترفت، خلافا لسياستها السابقة ولقرارات الأمم المتحدة، بالقدس عاصمة لإسرائيل. الإدارة الأمريكية التي تعتزم خفض المساعدات بشكل كبير إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، والرئيس الأمريكي الذي يهدد بتخفيض المساعدات للسلطة الفلسطينية إذا كان لم تمتثل لأوامره. كما يتصدع الدعم العربي عندما تنضم السعودية إلى التحالف الإسرائيلي - الأمريكي بمطالبتها لعباس بالتخلي عن المبادئ الأساسية للقومية الفلسطينية. مثل هذه الكماشة السياسية الخانقة يمكنها التسبب باليأس لدى كل زعيم.

إن اليمين الإسرائيلي، الذي يعتبر اتفاقات أوسلو جريمة، ويعتبر عباس إرهابيا، وترامب كأفضل رئيس أميركي عرفته إسرائيل، سيعتبر، بالتأكيد، استنتاجات الرئيس الفلسطيني القاتمة، كدليل على انتصار سياسة إسرائيل، أو على الأقل، كمصادقة على إعفاء إسرائيل لنفسها من التعامل مع النزاع. فيف نهاية الأمر، كان عباس هو الذي حرر نفسه الآن من الشراكة. لكنه سيكون من الخطأ الكارثي أن نرى في الخطاب مبررا للتخلي عن أي مبادرة سياسية. في غياب الأفق السياسي، تزداد قوة التيار الراديكالي، الديني والعلماني، ويصبح بديل الإرهاب أكثر شرعية، كما يمكن للتعاون العسكري مع السلطة الفلسطينية أن يتعرض للتقويض، ويزداد زخم فرص المواجهة العسكرية الشاملة.

هذه ليست لعبة نتيجتها صفر، يعتبر فيها اليأس الفلسطيني تفوقا لإسرائيل. بل على العكس. يتعين على الحكومة الاسرائيلية ان تعتبر بيان عباس تحذيرا نهائيا قبل انهيار السلطة الفلسطينية، خطوة تحملها المسؤولية عن حياة الفلسطينيين في كل مجال. لن تكون إسرائيل قادرة على غسل أيديها والتمسك بخطاب عباس كلائحة دفاع.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد