أميركا ستنشغل عن الشرق الأوسط
التقديرات الإسرائيلية لعام 2018 تتجه نحو التصعيد
توقعت التقديرات الإسرائيلية أن عام 2018 يتجه نحو التصعيد الأمني والعسكري على جبهات سوريا ولبنان وقطاع غزة ، مشيرة إلى توجهات من قبل الولايات المتحدة الأميركية بسحب أرجلها من منطقة الشرق الأوسط .
وترى التقديرات التي نشرت في الصحف الإسرائيلية، أن الإدارة الأميركية ستنشغل عن الشرق الأوسط، وستركز على شبه الجزيرة الكورية، وسط احتمالات شن حرب ضد كوريا الشمالية ، الأمر الذي سيؤثر سلبيا على إسرائيل.
وجاءت التقديرات الإسرائيلية متكدرة بعض الشيء باتجاه احتمالات التصعيد.
ووفقا لكبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب (ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق)، عاموس يدلين، سيقدم للرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، يوم الاثنين المقبل، التقييم الإستراتيجي للمعهد للعام 2018. وتحدثت تقديرات المعهد في السنوات الأخيرة عن احتمال ضئيل لاندلاع حرب تكون إسرائيل ضالعة فيها.
لكن يدلين سيحذر، مطلع العام المقبل، من أن نشر إيران قوات لها في الأراضي السورية ومقابل هضبة الجولان المحتلة، في الوقت الذي تعلن فيه إسرائيل أنها لن تسمح بحدوث ذلك، فإن احتمالات الحرب تتصاعد.
الأسد بحاجة لروسيا.. أكثر من إيران
وكتب محلل الشؤون الأمنية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، أن قوات النظام السوري وحلفاءه أخذت تقترب من خط وقف إطلاق النار في الجولان، بعد معارك طاحنة مع ميليشيات مسلحة، وأن هذا الوضع يوضح "المشكلة الصعبة التي ستضطر إسرائيل إلى مواجهتها في العام 2018، إلى درجة خطر نشوب مواجهة مباشرة مع إيران وأذرعها".
وبحسب ميلمان، فإن سقوط بلدة بيت جن السورية بأيدي قوات النظام ستمكن الأخير من فتح معبر من دمشق إلى المنطقة غير المحتلة لجبل الشيخ. وسيمنح ذلك لحزب الله طريقا بريا آخر إلى لبنان، سيكون بالإمكان نقل أسلحة من خلاله، فيما تحاول إسرائيل منع نقل أسلحة كهذه، وتقوم باستهدافها.
من الجهة الأخرى، أضاف ميلمان، إسرائيل لا تعارض تواجد قوات النظام السوري عن خط وقف إطلاق النار، خاصة وأن اتفاق وقف إطلاق النار من العام 1974 ينص على ذلك.
"كما أن وضعا كهذا سيعيد قوات "أوندوف" التابعة للولايات المتحدة وتراقب وقف إطلاق النار، بعد إعادة انتشار قوات النظام على خط وقف إطلاق النار، وأن ذلك سيخفف من ضغوط إيران وحزب الله على النظام. "بكلمات أخرى" وفقا له.
وخلافا للرأي السائد لدى الجمهور (الإسرائيلي) على الأقل"، اعتبر ميلمان، "لا يوجد تطابق مصالح مطلق بين الأسد وبين طهران وحزب الله. بالعكس، ربما أنه كلما تمكن الأسد من جعل نظامه مستقرا، ورغم التزامه لحلفائه، فإنه سيشعر قويا وواثقا أكثر كي يقيد الوجود الإيراني في بلاده".
على صلة بما كتبه ميلمان، أشار المحلل العسكري في موقع "واللا" الالكتروني، أمير بوحبوط، إلى أن التقديرات في جهاز الأمن الإسرائيلي هي أن "الأسد لا يقف جانبا وإنما يؤثر كثيرا على مجرى الأحداث.
وأشار إلى أن الأسد يدرك أنه مدين جدا لإيران وحزب الله، لكن من أجل بناء مستقبل نظامه ومحاولة إعادة سورية إلى ما كانت عليه في الماضي فإنه ملزم بإبقاء روسيا إلى جانبه.
أردف أن روسيا الوحيدة القادرة على حمايته من العالم وإعادة بناء جيشه. ولذلك، فإن عدوانية إيرانية بكل ما يتعلق بعملية الاستقرار (في سورية) لا تشكل خطرا فقط على المصالح الإسرائيلية والدول السنية المعتدلة وإنما أيضا على الأسد نفسه الذي يريد روسيا مؤيدة بارزة له.
"وحتى الآن نجح بشار الأسد في المناورة بين اللاعبين إلى حين تصل الساعة التي سيكون مجبرا فيها على اتخاذ قرارات صعبة".
قلق إسرائيل من التوتر الأميركي – الكوري الشمالي
المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى التوتر الحاصل في العام المنتهي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، واحتمال تصاعده في العام المقبل.
واعتبر هرئيل أنه "يصعب تبديد هذا التوتر بطرق سلمية"، وأنه في حال استمرار التصعيد الكلامي بين الجانبين فإنه يصعب استبعاد الحرب، مشيرا إلى أن خبراء إستراتيجيين كثر يتوقعون مواجهة عسكرية بين واشنطن وبيونغ يانغ في العام 2018.
وأشار هرئيل إلى أن الأميركيين يولون اهتماما متزايدا للنزاعات، السياسية والاقتصادية، مقابل روسيا والصين، بينما تحول الشرق الأوسط إلى منطقة ثانوية.
ووفقا لهرئيل فإن التقديرات في إسرائيل هي أن واشنطن تنسحب من المنطقة "وتُبقي الأطراف يخوضون حروبهم. والحضور الأميركي في سورية هامشي ولا يتوقع أن يتسع".
لكن قلق إسرائيل، كما عبر عنه هرئيل، هو أنه في الوقت الذي تتحدث فيه عن احتمال تصاعد التوتر الأمني في جبهاتها مع إيران وحزب الله وقطاع غزة، فإنها تخشى من تراجع الدعم الأميركي.
"مخاطر الحرب المتصاعدة في شبه الجزيرة الكورية ستخفض بقدر كبير الإنصات في واشنطن للاحتياجات والتوقعات الأمنية الإسرائيلية".
فعندما تورطت إسرائيل، مرة كل عدة سنوات، في حرب محلية في لبنان أو غزة، كانت الولايات المتحدة هناك دائما من أجل المساعدة في اتصالات للتوصل إلى وقف إطلاق نار وبعد ذلك بإرسال شحنات (أسلحة) مكثفة لتعبئة مخازن الطوارئ.
وبالإمكان الاعتماد على ما يبدو على الرئيس (ترامب) بأنه سيحرر تغريدة تأييد مؤثرة في حال نشوب حرب أخرى هنا. لكن أزمة متواصلة، على وشك الانفجار في كوريا، ستلزم واشنطن بالتركيز على ما يحدث هناك أكثر من التركيز على تصعيد في إحدى جبهات إسرائيل".
هرئيل أن "تغييرات دراماتيكية حدثت في جميع الجبهات الضالعة فيها إسرائيل تقريبا، في العام 2017. لكن توقعات أجهزة الاستخبارات (الإسرائيلية) للعام المقبل لم تغير بصورة متطرفة.
وانعدام الاستقرار عند الحدود المختلفة يزيد بقدر معين خطر الحرب، رغم عدم وجود مصلحة لدى الأطراف بنشوب مواجهة عسكرية. وزعزعات داخلية ترافقها توترات محلية مع إسرائيل من شأنها أن تتدهور إلى حرب، لا تريدها إسرائيل. والجبهة الأكثر قابلية للاشتعال هي غزة. والأخطر هي اشتعال جبهة مع حزب الله ولبنان وقد تمتد إلى الحدود مع سورية في الجولان أيضا".
وأشار هرئيل إلى تقديرات إسرائيلية "متناقضة" حيال "مدى الخطورة التي ينبغي نسبها للتأثير الإيراني على النظام. ففي التصريحات العلنية، يذكر المتحدثون الإسرائيليون كثيرا الحاجة إلى منع اقتراب ميليشيات شيعية من الحدود في الجولان.
ولكن ثمة ادعاء بأن الأمر الأساسي الذي ينبغي التركيز عليه هو محاولة إيرانية لإعادة بناء منظومة صواريخ أرض – أرض للأسد، التي فرغت بالكامل. وإقامة هذه المنظومة ستمكن إيران من التهديد، بواسطة أذرعها، على الجبهة الداخلية الإسرائيلية من ثلاث جبهات: سورية، لبنان وغزة".