هيئة: إعلان ترامب فيه تشريع فاضح للسياسات الاستيطانية

الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني- حشد، اليوم الثلاثاء، ورقة موقف لمواجهة القرار الأمريكي بشأن القدس من ناحية قانونية.

وأكدت الهيئة أن ما قام به الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب"، بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وأنه سوف يباشر بإجراءات نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس ،  فيه تشريع فاضح للسياسات الاستيطانية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي.

وقالت إن إعلان ترامب يخالف المستقر في القانون الدولي، والذي يحرم ضم الأقاليم المحتلة لدولة الاحتلال، ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

وأضافت الورقة إن عضوية الشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة منذ عام 1974توفر له فرصة التقدم بشكاوى ضد مخالفي القانون الدولي, وهذا ما يتضح من ميثاق الأمم المتحدة التي لم تشترط تقديم شكوى أو ارسال رسالة بعضوية كاملة للدولة الشاكية, بل اشترط أن تكون عضواً كان كاملاً أم مراقباً.

وتابعت الورقة من خلال عضوية منظمة التحرير، يمكننا التقدم بشكوى ضد القرار الأمريكي من خلال توظيف القيادة الفلسطينية للمبادئ الناظمة لعمل هيئة الأمم المتحدة، والمنصوص عليها في الفصل الأول والسادس من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يعمل على كفالة الأمن والسلم الدوليين, من خلال اتخاذ تدابير لازمة لقمع وردع الأعمال المنافية للسلم العالمي، والعمل على انماء العلاقات الودية بين الأمم على اساس الاحترام المتبادل.

وأكدت الورقة  أن القرار الأمريكي الأخير يعمل على تقويض السلم والأمن الدوليين، ويعزز رقاع الخصام ويزيد من حدة الصدام بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال, الأمر الذي يعرض السلم والأمن الدوليين بالمنطقة للخطر، الذي يمكن أن يؤدي لمزيداً من المعاناة والنزف لحقوق شعبنا من قبل سلطات الاحتلال, ما لا يستقيم مع المسلك الذي تتخذه الأمم المتحدة حول العالم، بشأن الحفاظ على الاستقرار.

ونوهت الورقة إلى أن التوجه لمجلس الأمن ولمحكمة العدل الدولية سيكون من خلال عضوية منظمة التحرير، نظراً لأن القانون الدولي لم يجيز لحركات التحرر الوطني التنازل عن أراض أو تبادل أراض مع دولة الاحتلال، في حين أن صلاحيات الدول وفقاً للقانون الدولي يسمح بتبادل الأراضي, وعليه فإن التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ممكن نظراً لترقية عضوية فلسطين بالأمم المتحدة، وبصفتها دولة.

ودعت الورقة القيادة الفلسطينية لمواجهة الاجراءات الأمريكية، من خلال القنوات الدولية المسموحة والمتاحة، لإرغام الولايات المتحدة الأمريكية على العدول عن هذا القرار المنحاز للاحتلال على النحو الاتي:

أولاً: تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي:

أ- موضوعياً

(تقديم شكوى من قبل منظمة التحرير ضد الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن من خلال توظيف المادة 27/3 من ميثاق الأمم المتحدة).

توفر هذه المادة للقيادة الفلسطينية فرصة الانطلاق من خلال (منظمة التحرير) التي تعتبر عضواً غير مراقب في الأمم المتحدة، لتقديم شكوى ضد القرار الأمريكي الذي اتخذه الرئيس ترامب، الذي اعترف فيه بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وعزمه نقل سفارة بلاده اليها, من خلال توظيف القيادة الفلسطينية للمبادئ الناظمة لعمل هيئة الأمم المتحدة، والتي تتيح التقدم بشكوى لمجلس الامن، الذي يمارس مهامه وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة كما هو منصوص على هذه المهمة، في اطار المادة 24 من الميثاق, وحيث تكون هذه الشكوى مبنية على المادة 27 في فقرتها الثالثة من الميثاق، والتي تغل يد الولايات المتحدة كدولة مشتكى عليها، من التصويت على هذا القرار بما ينسجم مع المادة المذكورة "تصدر قرارات مجلس الامن في المسائل الاخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط انه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس، والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفا في النزاع عن التصويت).

وعليه عندما تقوم فلسطين بتقديم شكوى ضد الولايات المتحدة، يكون أطراف الخصومة بين الدولتين، وبالتالي لا يمكن للولايات المتحدة حينها أن تكون عضواً في التصويت على هذه الشكوى، أو استخدام حق الفيتو.

ب – اجرائياً

تقدم فلسطين بشكوى حول القرار الذي أتى به رئيس الولايات المتحدة أمريكيا كونه يهدد الأمن والسلم الدوليين، ويخالف ما استقرت عليه الشرعية الدولية، من خلال رسالة يتم تسليمها للأمين العام للأمم المتحدة الذي يقوم بإدراجها على جدول أعمال مجلس الأمن، باعتباره المسئول الاداري الكبير في الأمم المتحدة، عملاً بأحكام المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تمنحه سلطة تنبيه مجلس الأمن إلى أن هذه المسألة تهدد الأمن والسلم الدوليين, كما هو موضح في النظام الداخلي المؤقت لمجلس الأمن المادة (6) التي تلزم الأمين العام بتنبيه مجلس الأمن بكل الرسائل التي تقدمها الدول, وعليه يقوم الأمين العام بعقد جلسة مؤقتة وجدول خاص بها للدول الأعضاء بمجلس الأمن ثم يتم اعتماده من قبل رئيس مجلس الأمن المقررة رئاسته في الدورة المنعقدة .

ثانياً: محكمة العدل الدولية

أ- موضوعياً

تعتبر محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة, وتتولى المحكمة الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة, وبما أن فلسطين عضواً في الأمم المتحدة فيحق لها سلوك هذه القناة، لاستصدار حكم من قبل المحكمة بشأن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال، خلافاً للقرارات والقواعد الراسخة في المنظومة الدولية بشأن القدس المحتلة، وبذلك تضع أمريكيا نفسها محل المسؤولية الدولية, نظراً لشرعنتها الاستيطان الاسرائيلي واشتراكها في جريمة ضم الأقاليم المحتلة بالقوة، وهنا نستحضر فتوى هذه المحكمة التي أدانت الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس وجدار الفصل العنصري وعمليات الضم والذي صدر العام 2004, وعليه فإن القرار الأمريكي يتنافى مع المبادئ التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة، والتي أدانت كل العمليات التي تخل بالأمن والسلم الدولي.

ب- إجرائياً

وبما تسمح به المادة (35/1)، فإن فلسطين يحق لها أن ترفع دعوى تحاكم بموجبها الولايات المتحدة الأمريكية أمام محكمة العدل الدولية, وبالنظر للمادة (36/1) والمادة (36/2/ج) فإن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للاحتلال، يدخل في صمام عمل المحكمة كون السلوك الذي اتخذته، ينطوي على مخالفة وخرق صريح للمبادئ المستقرة بالميثاق، ويكون ذلك برفع دعوى حسب ما نصت عليه المادة (40/1)، اما بإعلان اتفاق خاص وإما بطلب كتابي يقدم الى مسجل المحكمة, ويكون الكتاب موضحاً فيه سبب النزاع.

ثالثاً: المحكمة الجنائية الدولية:

أ- موضوعياً

ان الاستيطان الذي تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، يعد جريمة حرب يعاقب ميثاق روما الناظم لعمل المحكمة، وبتمعن ميثاق المحكمة الجنائية الدولية نجد أن الاستيطان جريمة، ومسلك معاقب عليه وهو ما تحدثت عنه المادة (8/2/ب/8), نظراً لأن الاستيطان نهجاً إحلالياً، بموجبه يتم إفراغ الأرض من سكانها الأصليين بالقوة، وضمها لدولة الاحتلال، وفقاً لما تضمنه الميثاق في تعريف الجرمية في اطار المادة المشار لها سابقا،ً والتي نصت على أن قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر, بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها, أو أبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.

وبموجب المادة السالفة الذكر فإننا نجد أن مرتكبي هذه الجريمة يقعون تحت طائلة المسائلة الجنائية الدولية، سواء أكانوا أفراد أم قادة, وبمتابعة المادة (27) فإننا نجد أنها جعلت الأفراد متساوين في العقاب على الجريمة، وأسقطت الصفة الرسمية عنهم أياً كانت رئيساً لدولة أو حكومة أو برلمان أو غيره من الأوصاف، ولا يمكن التذرع بالحصانة للحيلولة دون المسائلة والعقاب، وبالنظر للمادة (28) من الميثاق فإننا نجد أنه قد أفرد نصاً لمسائلة القادة الذين يشرعون هذه السياسة ويمارسونها، وفقاً للشق الثاني من هذه المادة, وعليه يمكن للسلطة الفلسطينية استغلال عضويتها في المحكمة الجنائية الدولية، بإدراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدراسة الأولية التي تقوم بها المحكمة، حول قضية الاستيطان كونه مساهماً أصلياً في هذه الجريمة استناداً لنص المادة (25/3/د).

ب- إجرائياً

يتضح من خلال النصوص الناظمة لعمل المحكمة الجنائية الدولية، أنه يتحقق لها الاختصاص الموضوعي لنظر جريمة الاستيطان بموجب المادة (8/2ب/8)، نظراً لأن الجريمة المرتكبة جريمة حرب تتمثل في الاستيطان، وأيضاً يتحقق للمحكمة الاختصاص الزماني، المتمثل بأن هذه الجريمة مستمرة، ويكون للمحكمة نظر هذه القضية في أوقات ارتكبت فيها هذه الأعمال، علماً بأن نظام المحكمة حصر اختصاصها بالجرائم المرتكبة بعد نفاذ نظامها، ودخوله حيز النفاذ وفقاً للمادة (11), وقد تحقق للمحكمة الاختصاص المكاني أيضاً بارتكاب هذه الجريمة على أرض دولة عضو في المحكمة بموجب المادة (12/2/أ).

وعليه يكون للسلطة الفلسطينية إدراج دونالد ترامب الرئيس الأمريكي على أنه أحد المساهمين في جريمة الضم والاستيطان، من خلال تقديم بلاغ بذلك للمدعي العام في المحكمة لينظر في ذلك, عملاً بأحكام المادة (14)من الميثاق.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد