'النقد': الآفاق الاقتصادية ستكون رهن هذه المتغيرات خلال 2018
توقعت سلطة النقد أن تكون الآفاق والأوضاع الاقتصادية الفلسطينية خلال عام 2018، رهن عدة متغيرات سياسية واقتصادية، أهمها إتمام عملية المصالحة بين شقي الوطن وما يترتيب عليها من ضبط وتنظيم أوضاع المالية العامة للحكومة في جانب الإنفاق والإيرادات.
وأشارت في تقرير لها وصل "سوا" نسخة عنه الثلاثاء، إلى أنه من المتغيرات أيضًا، هو انتظام تدفق إيرادات المقاصة من قبل الجانب الإسرائيلي ومدى الالتزام بتقديم المنح والمساعدات الخارجية للحكومة، وتخفيف القيود المفروضة على قطاع التجارة والسماح باستغلال الموارد المحلية في مناطق (ج) من الضفة الغربية، وتحسين مناخ عمل القطاع الخاص وإتاحة المجال للإستثمار والتوسع في مشاريع البنية التحتية.
ونوهت إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعمل في ظل بيئة تشتمل على العديد من المخاطر والتحديات الخارجية والداخلية التي من شأنها أن تحيد بالوضع الاقتصادي عن وضعه الطبيعي وتغير المشهد الاقتصادي بشكل عام، وتجعل حركة النشاط الاقتصادي الفلسطيني تأخذ نمطاً غير اعتيادي.
وأضاف التقرير : "بينما كانت التقديرات الأولية تشير إلى استمرار التعافي في الحراك الاقتصادي خلال عام 2017، إلا أن ضبابية المشهد الاقتصادي الفلسطيني، وارتباطه بالمشهد السياسي والمتغيرات على الساحة المحلية والخارجية، أظهرت من جديد بوادر التباطؤ النسبي للنشاط الاقتصادي".
وتشير التنبؤات -وفقا للتقرير- حسب سيناريو الأساس (الوضع الراهن) إلى إنه من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو الاقتصادي إلى 2.2% في عام 2018، وأن ينعكس ذلك على نمو الدخل الفردي الحقيقي ليرتفع بنسبة طفيفة بلغت 0.1%، (ليصل إلى 2,943 دولار أمريكي).
وأوضح التقرير أن هذا النمر يأتي مدفوعاً بدرجة اساسية بنمو الطلب الخاص بشقيه الاستهلاكي والاستثماري، على الرغم من كون مستويات نموها أدنى مما كانت عليه في السنوات السابقة.
كما تشير تنبؤات سلطة النقد المتعلقة بالتضخم إلى مزيد من التباطؤ في المستوى العام للأسعار خلال العام 2018، بحيث لا يتجاوز معدل التضخم المتوقع للعام ككل عن 0.1% في المتوسط.
ومن المتوقع أيضاً ضمن سيناريو الأساس أن ترتفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي بأسعار تكلفة عناصر الإنتاج إلى حوالي 78.4%، مقابل انخفاض مساهمة القطاع العام إلى 21.6% في 2018.
ويضاف إلى ذلك ارتفاع مساهمة الإنفاق الاستهلاكي الكلي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الى 118.8%، وصعود طفيف في مساهمة الإنفاق الاستثماري الكلي إلى 20.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
أما على مستوى القطاع الخارجي الفلسطيني، فيتوقع أن تتراجع الصادرات بنسبة 0.2%، مقابل نمو الواردات (بنسبة 1.7%) التي ترتبط زيادتها بشكل أساسي بزيادة الاستهلاك، الأمر الذي سيؤدي إلى تزايد عجز الميزان التجاري بنحو 2.5%، ليشكل نحو 39.3% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتنبأ به في العام 2018.
وبحسب التقرير، فإنه من غير المتوقع أن يؤثر النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تأثيراً إيجابياً كبيراً على زيادة فرص العمل والتشغيل، لذلك فيتوقع استمرار ارتفاع معدلات البطالة في فلسطين لتصل حوالي 29.3% من إجمالي القوى العاملة في العام 2018.
وأشار التقرير إلى أن التنبؤات سالفة الذكر تبقى عرضة لبعض الصدمات المحتملة الحدوث بدرجات متفاوتة، سواء كانت صدمات إيجابية أو سلبية، حيث تنعكس آثارها وتداعياتها على العديد من المؤشرات الرئيسة في الاقتصاد.
ويُنتظر -وفقا لتقرير سلطة النقد- أن يؤدي نجاح المصالحة إلى حدوث تحسن جدي في المسار السياسي والوضع الأمني، وتسريع عملية إعادة إعمار قطاع غزة ، والشروع في تنفيذ بعض المشاريع الرئيسة والإجراءات الكفيلة بتحفيز الاقتصاد، بالتزامن مع رفع حالة الحصار والإغلاق عن قطاع غزة، وتخفيف القيود على حرية حركة الأفراد والبضائع بشكل عام، وزيادة عدد العاملين الفلسطينيين في إسرائيل، إضافة إلى زيادة وتيرة تدفقات أموال المانحين لدعم الموازنة ودعم الإنفاق التطويري، وزيادة تحويلات القطاع الخاص من الخارج عن معدلاتها السنوية.
وفي ظل هذه الافتراضات، تشير تنبؤات سلطة النقد إلى التوقع بأن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 6.3%، نتيجة لنمو اقتصاد غزة ضمن هذا السيناريو بنحو 20%، وأن يرتفع الدخل الفردي الحقيقي بنسبة 3.1%. كما يتوقع أن يؤثر هذا السيناريو تأثيراً إيجابياً في معدلات البطالة، بانخفاضها إلى حوالي 27.1% من إجمالي القوى العاملة.
وعلى النقيض من ذلك، جاء في التقرير أنه في حالة تعرض الاقتصاد لصدمة سلبية (السيناريو المتشائم)، بمزيد من التدهور في الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، وتراجع عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، وتشديد القيود على حركة الأفراد والبضائع وزيادة عدد أيام الإغلاق أمام العمال والتجارة، وتوقف إسرائيل عن تحويل عائدات الضرائب، إضافة إلى انخفاض حجم المنح والمساعدات من الدول المانحة لدعم الموازنة ودعم النفقات التطويرية.
وذهبت سلطة النقد في تقريرها إلى التنبؤ بأن تؤدي مثل تلك الصدمة إلى مزيد من التردي في الأوضاع الاقتصادية، حيث ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.4%، ويتراجع الدخل الفردي الحقيقي بنسبة 3.6%. إضافة إلى التأثير السلبي الملحوظ لهذا السيناريو على معدلات البطالة، بارتفاعها إلى حوالي 32.4% من إجمالي القوى العاملة في العام 2018.