الدعوة إلى تعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني في تطبيق المصالحة
طالب مشاركون في المؤتمر السنوي لشبكة المنظمات الاهلية بإزالة كل المعيقات التي تعترض تحقيق عملية المصالحة وصولاً إلى توحيد الموقف للتصدي لقرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة من الاعتراف ب القدس عاصمةً لدولة الاحتلال واتخاذ قرار لنقل السفارة الامريكية لها.
وأشار المشاركون في المؤتمر الذي نظمته شبكة المنظمات الاهلية اليوم في مطعم اللايت هاوس بمدينة غزة ، ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الاهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية ، إلى أهمية الحذر من الاستسلام للعقبات التي تعترض بناء المصالحة الحقيقية والتحول إلى إدارة المصالحة مشددين على أهمية تكريس كل الجهود لحماية القدس بصفتها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين مع رفض قرارات ترامب بشدة.
وتحدث المشاركون عن أهمية الدور الذي قامت به منظمات المجتمع المدني في دعم جهود المصالحة في الساحة الفلسطينية على أسس تعزيز حقوق الانسان وصولاً إلى مجتمع موحد ومتماسك يستطيع تجاوز المؤامرات والحلول المجزوءة التي تستهدف إنهاء القضية الفلسطينية لافتين إلى أن المنظمات الأهلية شريك ومكون أساسي في النضال الوطني وتعزيز الصمود.
وطالب المشاركون بصياغة استراتيجية سياسية تصون المشروع الوطني وتحمي وحدة الشعب الفلسطيني وهويته الوطنية مشددين على أهمية إلغاء الاجراءات على قطاع غزة والتوصل إلى حل كافة المشاكل والأزمات الحياتية التي يمر بها قطاع غزة.
وأشار المشاركون إلى أهمية معالجة الأزمات التي تعترض بناء الدولة والمصالحة مثل أزمات الهوية وتجديد الشرعية والمشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية وتكريس سيادة القانون واستقلال القضاء.
وطالب المشاركون حكومة الوفاق الوطني بوضع خطة عاجلة لانعاش قطاع غزة بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص على أن يتم إشراك الشباب والنساء وتشكيل حاضنة مجتمعية
وأعلنوا عن رفضهم المطلق للتمويل السياسي المشروط وخاصة ما يعرف بوثيقة الإرهاب لافتين إلى أن القضية الفلسطينية هي قضية وطنية وسياسية وليست قضية إنسانية مؤكدين على ضرورة استمرار الجهود لمقاطعة الاحتلال ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني.
وكان المؤتمر السنوي لشبكة المنظمات الاهلية "حالة المجتمع المدني لعام 2017" الذي جاء بعنوان "المصالحة الوطنية من منظور منظمات المجتمع المدني" بدأ بكلمة ترحيبية ألقاها أمجد الشوا مدير الشبكة في غزة مؤكداً على أن عقد المؤتمر كل عام بات عُرفاً وطنياً لتقييم تجربة منظمات المجتمع المدني خلال عام مضى ورسم توجهاتها للفترة المقبلة ودراسة التحديات التي تواجهها وسبل تعزيز دورها في حماية المشروع والهوية الوطنية.
وأشار إلى أن انعقاد المؤتمر في هذا الوقت بالذات يحمل رسالة دعم وتأييد للهبة الجماهيرية التي اندلعت للحفاظ على القدس وحقوق شعبنا مؤكداً أن ذلك يتطلب إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية .
وفي كلمة شبكة المنظمات الأهلية أكد الدكتور يوسف عوض الله عضو هيئتها التنسيقية أن تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام خطوة مهمة على طريق الاستقلال الوطني مشدداً على ضرورة أن تقود المصالحة إلى توحيد النظام السياسي وتكريس الديمقراطية والانصياع لقانون موحد.
وأشار إلى جهود شبكة المنظمات الاهلية في الضغط من أجل تحقيق المصالحة وتكريس سيادة القانون وحماية الحقوق مشدداً على ضرورة تحقيق العدالة كشرط لمواجهة البطالة والفقر والعدالة الاجتماعية.
بدوره أكد إسماعيل عبد العال ممثل المساعدات الشعبية النرويجية في غزة على مواصلة دعم مؤسسته لحقوق الشعب الفلسطيني مشيراً إلى أن المؤسسة تهدف إلى تقوية أسس الديمقراطية والمشاركة المجتمعية من خلال دعم الافراد والمنظمات الاهلية من أجل حصولهم على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وتدعم حقوق المرأة ومشاركة الشباب في اتخاذ القرارات وتطوير مجتمعاتهم.
وأعرب عن سعادته بالشراكة مع شبكة المنظمات الأهلية وكونها شريك دائم مع المساعدات الشعبية النرويجية.
بدوره أكد عضو الهيئة التنسيقية الدكتور عائد ياغي الذي أدار الجلسة الأولى التي تمحورت حول "الشراكة على قاعدة تحقيق العدالة"، على أهمية انعقاد المؤتمر في ظل التحديات التي يواجهها شعبنا الفلسطيني وخاصة القرار الأمريكي الاخير بشأن القدس مشدداً على ضرورة إسناد الحراك الشعبي والحالة الكفاحية بقرارات سياسية ليتم التصدي لكل المشاريع السياسية التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني بشكل موحد.
وفي ورقته التي جاءت بعنوان "المصالحة وحماية المشروع الوطني" تحدث الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر عن انعكاس الانقسام السياسي بالسلب على الهوية الوطنية مشيراً إلى أزمات الشرعية والمشاركة السياسية وعدالة التوزيع وقدرة الدولة على الوصول إلى جميع افرادها.
وقال "إذا لم نعالج أزمة الهوية والولاء والانتماء للوطن أولاً قبل أن يكون الولاء للحزب والقبيلة فان مشروع المصالحة لا يمكن ان يستمر".
ودعا ابو سعدة إلى معالجة أزمات الهوية والشرعية والمشاركة السياسية من أجل بناء مشروع وطني وانجاز المصالحة التي لا تسير كما هو مطلوب مؤكداً أن عدم التوصل إلى حلول لمعالجة الازمات التي يمر بها المجتمع الفلسطيني فإن عملية المصالحة ستستمر إلى ما لا نهاية.
وشدد على أهمية أن تُبنى المصالحة على أسس الشراكة وليس على التفرد والاحتكار والمحاصصة.
بدوره قدم الدكتور رباح مهنا عضو لجنة المصالحة المجتمعية ورقة بعنوان "مساهمة المجتمع المدني في تحقيق المصالحة" وشدد فيها على أن منظمات المجتمع المدني مكون أساسي من مكونات المجتمع الفلسطيني وقامت بدور مهم في العمل الوطني وفي الضغط من اجل تحقيق المصالحة وحماية الحقوق والحريات وضمان مشاركة النساء والشباب وتعزيز صمود المواطن.
وأشار إلى ضرورة الاتفاق على استراتيجية الحد الادنى انطلاقا من وثيقة الوفاق الوطني واتفاقات القاهرة لافتاً إلى أهمية تفعيل منظمة التحرير والاتفاق على الحد الادنى من المشروع السياسي وإجراء الانتخابات وفق مبدأ التمثيل النسبي.
وشدد على أن الشراكة السياسية مبدأ أساسي لتحقيق المصالحة لان سياسة الاقصاء والهيمنة والتفرد لا تحقق الوحدة مطالباً بوقف فوري للإجراءات المتخذة ضد قطاع غزة.
من جهته اكد المحامي بكر التركماني منسق وحدة التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في ورقة عمل قدمها حول " المصالحة ورؤية المجتمع المدني في توحيد المنظومة القانونية والقضائية" أشار فيها إلى أن المنظومة القضائية والتشريعية هي أحد ضحايا الإنقسام السياسي الفلسطيني على مدار أحد عشر عاما حيث سنت الكثير من القوانين والقرارات بقوانين لإعتبارات سياسية وأيدولوجية مؤكدا انه لا يمكن لنا تصور تقدم أي بلد دون منظومة قانونية تتوفر فيها عناصر الاستقلالية والنزاهة, وأن تحقيق جودة العدالة يشكل إحدى الأليات لتجسيد دولة الحق والقانون
وطالب اطراف الإنقسام الفلسطيني بتطبيق نهج قائم على حقوق الإنسان، وبالتراجع عن القرارات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية منذ شهر آذار/مارس 2017 ضد قطاع غزة.
ودعا التركماني حكومة الوفاق الوطني الى العمل الفوري على حل المشكلات ذات الطابع المدني والسياسي ، ودون إبطاء وتحديداً تسوية ملفات حالات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإلغاء القرارات الوزارية التي قيدت الحق في تشكيل الجمعيات والشركات غير الربحية خلال سنوات الانقسام، مراجعة سياسية منح حسن السلوك والتي استخدمت على نطاق واسع في الضفة الغربية لحرمان معارضين سياسيين من ممارسة حقوقهم السياسية او تقلد الوظائف العامة.
وشدد على أهمية تفعيل المجلس التشريعي بشكل عاجل بما ينسجم مع روح الاتفاق الحاصل بحيث يكون دافعاً للمصالحة، لتنفيذ إجراءات ميدانية دون توقف عند أي إجراءات إدارية من شأنها الدفع بإتجاه تنفيذ المصالحة، والدعوة إلى عقد انتخابات عاجلة ( رئاسية، تشريعية، وطنية).
وفي الجلسة الثانية التي تمحورت حول المصالحة من أجل تعزيز الصمود وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية طالبت هالة جبر مدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان التي ادارت الجلسة، بتوفير كل المقومات من اجل تعزيز المشاركة الفعالة لمنظمات المجتمع المدني في المصالحة وحماية المشروع الوطني. داعية الى استثمار طاقات الشباب والنساء وافساح المجال امامهم للعب أدوار متقدمة في المصالحة الزطنية ومحاربة الانقسام.
إلى ذلك قدم تيسير محيسن مدير الإغاثة الزراعية في قطاع غزة ورقة بعنوان "سبل تعزيز عن دور منظمات المجتمع المدني في توفير مقومات الصمود" داعياً إلى توفير شرطين أولهما وقف انتهاكات الحقوق والحريات العامة، وتفعيل بيئة تمكينية حقيقية وثانيهما أن تعيد منظمات المجتمع المدني تعريف هويتها وتحديد علاقاتها بالسلطة ومجتمع المانحين وقطاع الأعمال والفئات المهمشة والمحرومة من الوصول إلى الموارد والتحكم في منظومات التهميش، بإعلان انحيازها الواضح والذي لا لبس فيه لهؤلاء المهمشين.
وقال انه لا يوجد بديل عن المنظمات الأهلية من أجل الاضطلاع بالأعباء الضخمة (وخصوصا مع احتمالات فشل المصالحة وتردي الأوضاع بشكل غير مسبوق)؛ داعيا الى مواصلة الضغط من أجل إتمام الحوار والوصول إلى مرحلة الوحدة والاندماج، المشاركة الفعلية في صياغة الاختيارات المستقبلية الأساسية، تفعيل ديناميات تمثيل الفئات المهمشة وتعظيم قدرتها على المشاركة في صياغة الأجندة الوطنية.
وطالب محيسن بالمحافظة على الفضاء العام بما يتضمنه من حريات وحقوق، المساهمة في استعادة التوازن المجتمعي، مواصلة الجهد حتى استكمال تحقيق الأهداف الوطنية المشروعة، وبناء مجتمع ديمُقراطي ينخرط في عملية تنموية مستدامة، ويتمتع كل أفراده على قاعدة المساواة والعدل والكفاءة والإنصاف، بنتائجها ومخرجاتها. أي الربط بين الإغاثة والتنمية عبر تعزيز الصمود إلى أن تتوفر الشروط التاريخية للتنمية وخصوصا السيادة
كما قدمت مريم زقوت مديرة مؤسسة الثقافة والفكر الحر ورقة عن "دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم الفئات الهشة" اكدت فيها ان مؤسسات المجتمع المدني تتميز وبشكل كبير عن مثيلاتها في العالم، حيث أن وضع فلسطين المتميز ومشاكلها الفريدة كونها تحت الاحتلال الاسرائيلي، أعطى لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني طابعاً مختلفاً، وزاد من الأعباء الملقاة عليها.
وتحدثت زقوت عن التحديات التي تحد من دور مؤسسات المجتمع المدني وخاصة وجود الاحتلال الاسرائيلي الذي يعيق كل الجهود الحكومية وغير الحكومية لمساعدة وخدمة المجتمع، ناهيك عن أنه هو السبب الرئيس لمعاناة هؤلاء وهشاشتهم الى جانب عدم الاستقرار السياسي مما يؤثر على انتظام خدمات المؤسسات حكومية أو مدنية، ويقلل من أثرها وضعف الموارد المتوفرة لمؤسسات المجتمع المدني واعتمادها بشكل أساسي على التمويل الخارجي.
وطالبت بالعمل على التحرر من الاحتلال الاسرائيلي المسبب الرئيسي للمشاكل التي تواجه المجتمع الفلسطيني وتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة والاختلاف، بما يضمن توحيد المرجعيات القانونية والتشريعية للعمل المدني وتعزيز مشاركة الفئات الهشة في عمليات صناعة القرار والتخطيط والتنفيذ والتقييم لكافة التدخلات التي تقودها منظمات المجتمع المدني بما يضمن تمثيلهم في هذه التدخلات ويعزز من مراعاة احتياجاتهم فيها.
من جهة أخرى قدم عمر شعبان مدير مؤسسة بال ثنيك ورقة عمل عن " سبل النهوض بالواقع الاقتصادي في مواجهة ازمة البطالة والفقر" مؤكدا أهمية استكشاف التحديات المتوقعة و الفرص المتاحة على الصعيد الاقتصادي أمام حكومة الوفاق الوطني في ظل اجواء المصالحة التي تسير منذ توقيع إتفاق المصالحة في القاهرة في 12 أكتوبر 2017.
وطالب شعبان بتنفيذ مشاريع خلق فرص عمل " كثيفة العمل " في مجالات الاسكان و البنية التحتية و الزراعة و الثروة السمكية والتنسيق مع المؤسسات الدولية و الاهلية لتوحيد الجهود بما يعمل على تعظيم المنفعة و منع الازدواجية الى جانب العمل على مواصلة جهود إعمار قطاع غزة بحيث تكون عملية ترميم كامل للمجتمع الفلسطيني موضحا ان إعمار قطاع غزة سيشكل فرصة لان يستعيد المجتمع الفلسطيني عافيته و إتزانه و تناسقه.
ودعا الى تطوير العلاقة السياسية والاقتصادية مع مصر وتفعيل الاتفاقيات مع الدول العربية والاجنبية و تفعيل اتفاقيات التبادل التجاري الحر مع بعض الدول العربية و الأوروبية وبحث كيفية الاستفادة من الودائع المتراكمة لدى القطاع البنكي والتي وصلت إلى 8 مليارات دولار مطالبا بإطلاق برامج الرهن العقاري بما يوظف الودائع المتراكمة لدى الجهاز المصرفي ويعالج أزمة الاسكان و يمكن أصحاب العقارات من استرداد استثماراتهم.
ودعا الى بحث العقود الاحتكارية التي وقعت سابقا والتي أضرت بالوضع الاقتصادي ضررا كبيرا خاصة في قطاعات الاتصالات والكهرباء والطاقة وغيرها. يشمل ذلك مراجعة اتفاقيات بيع الغاز الفلسطيني في بحر غزة والذي تم منح امتياز التنقيب عنه وبيعه لشركة بريتش غاز.
وشدد على أهمية تشجيع فلسطيني الشتات على المساهمة بالمال والخبرة بما يعزز المصالحة وجعلها غير قابلة للنكوص من خلال تأسيس صناديق إستثمارية مضمونه بحيث يساهم فيها فلسطيني الشتات منوها الى أهمية توسيع آليات وِادوات الاستثمار المعروفة دوليا.
وفي ختام المؤتمر قدم المشاركون العديد من المداخلات والتوصيات المشددة على دور منظمات المجتمع المدني واهمية انجاز المصالحة من اجل حماية الهوية والمشروع الوطني.