المصالحة الفلسطينية في مهب الريح

203-TRIAL- غزة / خاص سوا /  يرى مراقبون فلسطينيون ان حالة التوتر التي تشهدها الساحة الفلسطينية بين أكبر فصيلين ( فتح و حماس ) ستنعكس سلبا على المصالحة الداخلية وربما تجعلها في مهب الريح.
ويؤكد المراقبون ان حجم الاتهامات المتبادلة والتراشق الاعلامي الذى وصل ذروته بالأمس بين الحركتين ،يعقد الطريق ويصعبها في وجه اتمام المصالحة وسير الملفات التي وصفوها بـ"الحساسة" كالإعمار والبت في قضايا الموظفين.
يوم أمس شهد نقطة تحول في هذا الصراع حيث اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس علناً حركة حماس بتنفيذ سلسلة تفجيرات استهدفت منازل مسؤولين في حركة فتح في  قطاع غزة الاسبوع الماضي، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تهديدا على المصالحة والوحدة.
وقال الرئيس في مراسم إحياء ذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات في رام الله : "من الذي ارتكب هذه الجريمة ؟ الذي ارتكبها قيادة حركة حماس وهي المسؤولة عن ذلك."
وتابع "ما هي المبررات التي تجعلهم قبل ليلتين يفجرون خمسة عشر بيتا .. ومناطق حساسة لرجال فتح ثم نقول سنحقق .. تحققون مع من.. الذي ارتكب هذه الجريمة .. قيادة حركة حماس وهي المسؤولة عن ذلك وانا لا أريد تحقيقا منهم ولكن يأتون لذر الرماد في العيون ويقولون هذه مجموعة منفلتة أو هذه مجموعة خارجة على الإرادة والقانون.. 15 انفجارا في خمس دقائق .. جماعة منفلتة ثم أعلنوها صراحة نحن لا نريد الاحتفالات."
وأضاف الرئيس عباس غاضبا وهو يخاطب زعماء حماس "مثل هذه الاجراءات تعطل إعادة الإعمار تعطل نقل مئة ألف إنسان من الشوارع إلى بيوت معقولة قبل مجيء المطر والشتاء .. الخاسر الوحيد هو الشعب .. الخاسر في العدوان .. الخاسر في عدم إعادة البناء الخاسر في كل شيء وأنتم جالسون في بيوتكم في مخابئكم لا هم لكم لا ان تقولوا نحن هنا باقون.
حماس بدورها سارعت بالرد على خطاب الرئيس عبر قادة ومتحدثين باسمها واصفين خطاب الرئيس بالفئوي والحزبي والتوتيري المقيت وغير مسؤول فيه تهرب واضح من مسؤولياته تجاه غزة وحصارها ومعاناتها."
وأضاف المتحدث باسم حماس فوزي برهوم في تصريح نشره على صفحته على الفيس بوك:" للأسف كنا نتوقع من عباس بدل أن يوتر الأجواء ويسممها في ذكرى رحيل الرمز أبو عمار، أن تكون كلمته في هذه الذكرى وطنية وحدوية تدشن لمرحلة جديدة في المواجهة مع العدو وإذا به يفتح النار على حماس وقياداتها ويضعها في مصاف العدو الإسرائيلي".
اما النائب عن حماس في المجلس التشريعي مشير المصري فأكد رفض حركته لتصدير عباس أزماته الداخلية على حماس والمجموع الوطني باتهام حماس بالوقوف وراء التفجيرات المستنكرة ، معربا عن استغرابه رفض الرئيس عباس انتظار التحقيقات بينما انتظر عشر سنوات على تحقيقات سم الراحل عرفات ولم يجرؤ اتهام الاحتلال.
وتعكف حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حاليا على وضع استراتيجية ورؤية جديدة لشكل العلاقة مع حركة حماس بعد التفجيرات التي استهدفت منازل قادة (فتح) بغزة الجمعة الماضية.
وقالت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح آمال حمد ان حركتها أخذت ما حدث يوم الجمعة الماضية على محمل الجد ، وعقدت سلسلة لقاءات للجنتها المركزية والمجلس الثوري بقيادة الرئيس عباس لتحديد الخطوات والرؤية التي من الممكن الخروج بها في شكل العلاقة مع حركة حماس.
ونفى عضو المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول أن تكون هناك وساطات تجريها عدة فصائل لوقف حالة التوتر التي تشهدها العلاقة بين حركته وحركة حماس.
و قال في تصريح صحفي "إن المياه بين الحركتين من السهل أن تعود إلى مجاريها، ولكن ليس قبل كشف حركة حماس عن هوية الذين قاموا بتفجيرات منازل كوادر وقيادات حركة فتح".
وأعلن الناطق باسم الداخلية في قطاع غزة "إياد البزم" أن اللجنة التي شكلتها الوزارة للتحقيق في التفجيرات التي وقعت الجمعة الماضية في قطاع غزة بدأت عملها عقب وقوع التفجيرات مباشرة.
وقال البزم في حديث لوكالة (سوا) الإخبارية الاربعاء ان "لجنة التحقيق مستمرة في عملها، وسنعلن عن كافة ما تم التوصل إليه في حينه".
ويرى المحلل السياسي والكاتب مصطفى ابراهيم ان ما حدث يوم الجمعة الماضية وما تبعه من تراشق اعلامي وتبادل للاتهامات اعاد الكل الفلسطيني الى مربع الانقسام الأول .
وقال لوكالة (سوا) اليوم الاربعاء ان :"ما حدث عزز بان اتفاق المصالحة وحكومة التوافق كان عبارة عن اتفاقيات "رخوه" ولم يتم تجسيدها بشكل واقع ودخلنا بالتفاصيل التي لا نعلم حقيقتها".
وأوضح ابراهيم ان أكثر من قضية حدثت هزت أركان هذا الاتفاق الهش بين الطرفين ،وكأنهما كانا ينتظران أي هفوه من الآخر لكي تزداد تعميق هذه الأزمة وتوسيعها أكثر.
وأضاف:" اذا بقيت حماس وفتح على هذا الحال وكلا منهما متوقف خلف مصلحته الحزبية فان الانقسام سيزداد أكثر وسيدفع الشعب الفاتورة بشكل كبير".
وطالب إبراهيم حركتي فتح وحماس بالجلوس والاتفاق بشكل جدي وشفاف وحقيقي على كل ما تم الاتفاق عليه وتحديد مهام كلا منهما في ملفات المصالحة بشكل علني وواضح .
وطالب الفصائل الفلسطينية والجهات المسؤولة بضرورة الدخول بقوة على خط التوتر بين الحركتين لتطويق الأزمة وفرض كلمتها بما أنها المتضرر الأكبر من تلك الأحداث إلى جانب الشعب الذي ستتوقف مصالحه في حال عودة الانقسام.


40
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد