فلسطين تقدم شكوى لمجلس الأمن ضد الولايات المتحدة
قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، إن دولة فلسطين قدمت شكوى حول القدس ضد الولايات المتحدة الأميركية، حيث بعثت القائمة بالأعمال بالإنابة السفيرة فداء عبد الهادي ناصر، رسائل متطابقة إلى رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (اليابان)، وللأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الجمعية العامة.
ودعت في الرسالة، وفي ضوء القرار المؤسف للغاية الذي أعلنه الرئيس الأميركي، في مخالفة لقرارات مجلس الأمن والإجماع الدولي طويل الأمد، مجلس الأمن إلى معالجة هذه المسألة الحرجة دون تأخير والعمل بسرعة على الوفاء بمسؤولياته.
وطالبت المجتمع الدولي بضرورة إعادة التأكيد على موقفه الواضح والقانوني بشأن القدس، وعلى رفضه جميع الانتهاكات التي تمس بهذا المركز القانوني من أي كان ومتى كان، وحثته على المطالبة بإلغاء القرار الأميركي.
وأشارت إلى قرارات المجلس العديدة المتعلقة بالقدس، بما في ذلك القرارين 476 و478 في العام 1980، حيث أكدت عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة، واعترافها بالوضع الخاص للقدس، والحاجة إلى حماية الأماكن المقدسة في المدينة، وتصميمها الواضح على أن جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي تتخذها اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بهدف تغيير طابع ومركز مدينه القدس ليس لها شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب.
كما أشارت أيضا إلى أن مجلس الأمن أكد في القرار 478 (1980) على وجه التحديد، أن سن إسرائيل "للقانون الأساسي" بشأن القدس، يشكل انتهاكا للقانون الدولي وطالب بإلغائه فورا.
ودعا المجلس أيضا جميع الدول الأعضاء إلى قبول قراره بعدم الاعتراف ب "القانون الأساسي" وأي إجراءات أخرى تسعى إلى تغيير طابع القدس ومركزها، ودعت مباشرة "الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس إلى سحب مثل هذه البعثات من المدينة المقدسة.
كما أشارت إلى تأكيد المجلس في قراره الأخير 2334 والذي تم تبنيه في العام 2016، على أنه "لن يعترف بأي تغييرات في خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، بما في ذلك القدس، إلا في حدود ما يتفق عليه الطرفان".
وبينت: "وعليه، فإن قرار الولايات المتحدة أو أي إجراء آخر يتعارض مع هذه القرارات ليس له أي أثر قانوني، ولا يمكن أن يغير من انطباق القانون الدولي، ولا يعطي لإسرائيل السيادة على القدس طالما أن مركزها القانوني لم يحل بعد، فالقدس الشرقية محتلة منذ عام 1967 وإعلان الرئيس الأميركي لا يغير من هذه الحقيقة".
كما أعادت السفير عبد الهادي ناصر التأكيد على أن "قرار مجلس الأمن الأخير 2334 (2016) واضحا فيما يتعلق بانطباق القانون الدولي على القدس.
كما كان واضحا في الدعوة إلى ضرورة العكس الفوري للاتجاهات السلبية على الأرض والتي تقوض الحل القائم على وجود دولتين، وحث جميع الأطراف على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية والتحريض".
وعلاوة على ذلك، فقد أكد القرار بوضوح أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حل عادل ودائم وشامل قائم على وجود دولتين على أساس خطوط عام 1967، لا يمكن التوصل إليه إلا على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادئ مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية.
وعليه، فقد بات لزاما أن ينقل المجتمع الدولي رسالة لا لبس فيها بأن هذا القرار الاستفزازي سيزيد من تشديد التدابير والسياسات الإسرائيلية غير المشروعة في المدينة المحتلة، الأمر الذي يعني مكافأة سلطات الاحتلال ودعم الافلات من العقاب، وهذا يتناقض تماما مع الجهود الجارية لتهيئة الظروف اللازمة لأية مفاوضات تهدف للتوصل إلى حل سلمي.
وأكدت أنه لا يمكن الاستهانة بتبعات هذه الاستفزازات نظراً لحساسية القدس للشعب الفلسطيني، المسلمين والمسيحين على حد السواء، وكذلك العرب والمسلمون في كافة أنحاء العالم، وأنه لا يمكن التوصل لسلام عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية بدون القدس.
وأشارت إلى الأهمية الخاصة التي أولاها المجتمع الدولي للقدس بدءا من قرار التقسيم 181 في العام 1947، وإلى أن أي قرارات أو إجراءات تتجاهل هذه الأبعاد القانونية والدينية والسياسية لقضية القدس سوف تؤدي بالتأكيد إلى تفاقم التوترات وزعزعة الاستقرار مع ما يترتب عن ذلك من آثار وعواقب بعيدة المدى، الأمر الذي يهدد بتحويل هذا الصراع السياسي القابل للحل إلى حرب دينية لا تنتهي والتي سيستغلها المتطرفون بالتأكيد، مما سيغذي التطرف والنزاع في المنطقة وخارجها.
وفي الختام، دعت مجلس الأمن إلى سرعة العمل لتفادي زعزعة الاستقرار في هذه الحالة بالغة الخطورة والتي تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، مؤكدة على أن الشعب الفلسطيني وقيادته وإلى جانبهم جميع دول العالم والذين يؤمنون بالقانون الدولي يتطلعون في هذه اللحظة الحرجة إلى مجلس الأمن بتوقعات عالية بأن يتحمل مسؤولياته وفقا لميثاق الأمم المتحدة وأن يعيد سيادة القانون الدولي إلى الجهود الرامية إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإقامة سلام عادل، يستطيع الشعب الفلسطيني من خلاله إعمال حقوقه غير القابلة للتصرف، وتحقيق حريته في دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.