المصالحة والتمكين .. أولوية حل مسألة الموظفين!

هاني حبيب

يسود الساحة الفلسطينية حالة من عدم اليقين فيما يتعلق بمآلات الجهود الرامية إلى إنهاء حالة الانقسام عقب موجة من الآمال التي انطلقت بعد طول انقطاع مع بوادر جهود جديدة بشراكة مصرية لاستنهاض الحالة الفلسطينية، وجمع الأطراف أكثر من مرة في العاصمة المصرية بهدف تشجيعهم على مغادرة حالة التطبيع مع مخرجات الانقسام في الضفة الغربية وقطاع غزة .


 الحالة الفلسطينية الراهنة تعيدنا بكل أسف لما كان يعقب كل اتفاق أو مبادرة، لم يُكتب لها النجاح، في ظل تزايد عدم الثقة والخلاف حول الأولويات بالتوازي مع موجة من التقاذف بالاتهامات والتبريرات والتصريحات السلبية والتوتيرية والبقاء في حالة من الانتظار مع اقتراب مواعيد الأجندة المتفق عليها والتي يبدو أنها ـ الأجندة ـ لن تجد طريقها إلى التنفيذ في ظل توازي الاستعجال في مواجهة مع التريث والتباطؤ من ناحية أخرى، ما يعكس بصريح العبارة حالة عدم الثقة وشكوكاً باليقين من أطراف الأزمة على ضوء التخلي المبرر شكلياً عن المواعيد التي يبدو أنها «غير مقدسة» مع أنها تم الاتفاق عليها بالتراضي!


إن ما يسوغ ظهور عدم الثقة بين الجانبين، على الأقل حسب الرأي العام الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، يتجلى في عدم وفاء الرئاسة الفلسطينية والحكومة، بتعهداتها بالعودة عن القرارات التي اتخذت، قبل اتفاق المصالحة الأخير في 12/10/2017 بالقاهرة، والخاصة بقطاع غزة، والتي تمثلت أساساً بانقطاع قرابة 30 بالمئة من رواتب الموظفين، مع تزايد نسبة الإجبار على التقاعد للموظفين المدنيين والعسكريين، وإجراءات أخرى ما زال الحديث يدور عن إقرارها، ذلك أن هذه الإجراءات، كان ينظر إليها للضغط على  حركة حماس لإلغاء لجنتها الإدارية التي كانت بمثابة حكومة موازية مسيطرة على كافة شؤون الإدارة في قطاع غزة، لذلك فإن الرأي العام يرى في قيام حركة حماس «بالإعلان» عن إلغاء هذه الإدارة، اللجنة الإدارية، كان يجب أن يشكل مقدمة طبيعية لإلغاء كافة الإجراءات التي اتخذت من قبل رام الله ، دون ربط الأمر بمدى تقدم عملية المصالحة باعتبار أن هذا الالتزام، كان قبل إطلاق المصالحة، وبالتالي فإن الربط بينهما غير جائز وغير صحيح.


وفي مقام آخر، فإن عدم قراءة الأولويات الضرورية وتنظيمها بما يكفل البناء على الملفات ذات الأولوية الزمنية، وليس بالضرورة لكونها الأكثر أهمية، ولكن لكونها تسهل إيجاد الحلول المرجوة للملفات الأخرى اللاحقة، ذلك أننا نرى أن حل مسألة الموظفين، وفقاً لاتفاق القاهرة 4/5/2011، هو المدخل الضروري والذي لا بد منه لحل المسائل المتعلقة بتسلم حكومة الحمد الله مقاليد الحكم في قطاع غزة، كما هو الأمر في الضفة الغربية، ولعدم حل هذه المسألة، أخذت عملية التسلم والتسليم والتمكين بُعداً خطيراً، ذلك أن هذه العملية تقضي لنجاحها إزالة الخلافات حول مسألة الموظفين الذين بدورهم هم أدوات التمكين الفعلي، إذ لا يكفي التقاط الصور في المكاتب لكي تتم هذه العملية المعقدة بنجاح.


ووفقاً لاتفاق 2011، ومن ثم حوار القاهرة بين حركتي «حماس» و»فتح» في العاصمة المصرية، تم إقرار تشكيل لجنة خاصة بمتابعة وحل مشكلة الموظفين، إلاّ أنها لم تجتمع وفقاً للتشكيل المقرر، ما حال حتى الآن دون حل هذه المشكلة المعقدة، فبعدما تسلمت حكومة الحمد الله معظم الوزارات والمؤسسات، وجدت نفسها بدون موظفين معتمدين من قبل الاتفاق، ما حال دون تسلمها الفعلي لهذه الوزارات والمؤسسات، وانكشفت تماماً بعد تجربة أدائها في المعابر، معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم تحديداً، واضطرت لاستدعاء موظفي حركة حماس لتسيير إدارة هذه المعابر، وتبين أن حكومة الحمد الله لم تكن مستعدة لهذا الأمر رغم تصريحها أكثر من مرة من أنها وضعت الخطط الناجزة لعملية التمكين هذه! والغريب، أنها بدأت بإحصاء موظفيها العاملين في قطاع غزة والموجودين في القطاع فعلاً لمزاولة مهامهم في الوزارات والمؤسسات المختلفة بعد حوالي شهر من حوار القاهرة بين الفصيلين، مع أن الأمر كان يتطلب الشروع فوراً بمثل هذا الإحصاء فور اختتام ذاك الحوار في العاصمة المصرية.


عملية التمكين ليست ممكنة بالمطلق في غياب اتفاق على مسألة الموظفين، وهذه المسألة ليست بالأمر الشكلي بقدر ما هي تتعلق بإمكانية القيام بالمهام الموكلة إلى الحكومة، ورغم الإدراك بأنها ليست أهم وأخطر الملفات، إلاّ أن التوصل إلى حل لها، ي فتح الباب أمام حوار وطني شامل حول كافة الملفات الأكثر أهمية وخطورة، وبدون ذلك، لا نعتقد أن هناك إمكانية حقيقية لوضع هذه الملفات على طاولة الحوار!


Hanihabib272@hotmail.com

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد