لواء مصري : القضية الفلسطينية يجب ألا تغيب عن الساحة السياسية
شدد اللواء المصري محمد ابراهيم عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ووكيل جهاز المخابرات العامة السابق على أن الحديث حول مستقبل القضية الفلسطينية أمر يجب ألا يغيب عن الساحة السياسية الإقليمية والدولية وهو واجب وطني تفرضه المسئولية الواقعة على الدول العربية وفي مقدمتها مصر التي ما زالت تبذل الكثير من أجل هذه القضية المحورية دون أن تنتقص من جهود أي دولة أخرى تسعى لتنشيط هذه القضية.
وقال اللواء محمد ابراهيم ـ في مقال بعنوان (الدولة الفلسطينية .. التسويات المقترحة والمتطلبات الضرورية) ـ إنه لا شك أن الحديث حول مستقبل القضية يعني في جوهره مدى إمكان قيام الدولة الفلسطينية وكيفية تحقيق هذا الهدف ، ولا يمكن أن نتصور أن الدولة الفلسطينية المزمعة إقامتها يمكن أن تخضع لتسويات تنتقص من المبدأ الرئيسي المتفق عليه ، وهو إقامة دولة مستقلة ذات سيادة ومتواصلة الأطراف عاصمتها القدس الشرقية ، ولكن من المؤكد أن هناك تفصيلات تندرج تحت هذا المبدأ يمكن التفاوض بشأنها وتقبل حلولًا وسطًا متفقا عليها بشرطين أولهما ألا تجور على الحق في إقامة الدولة المستقلة ، وثانيهما ألا تشكل أي تهديد لأمن دول المنطقة بما فيها إسرائيل.
وأضاف أن هناك أربعة محددات من المهم الإشارة إليها ونحن نتعرض لهذه القضية ، الأول هو أن إقامة الدولة الفلسطينية تعد مسئولية عربية جماعية وليست مسئولية فلسطينية فقط ، والثاني أن مرور الوقت دون حل يبعدنا كثيرًا عن التوصل لهذا الهدف ، وما زلنا نمتلك رؤية متكاملة للحل وهي مبادرة السلام العربية ، وأن عدم وضعها موضع التنفيذ طوال عقد ونصف مضى يعود إلى ثلاثية الضعف العربي والتشدد الإسرائيلي والإهمال الدولي.
والمحدد الثالث هو أن إسرائيل وهي الطرف الرئيسي الآخر في الصراع لن تقدم الدولة الفلسطينية كهدية مجانية ولن تتحرك نحو هذا الهدف إلا عندما نجبرها على ذلك بقوتنا التفاوضية ومقاومتنا السلمية فقط.
والمحدد الرابع يتمثل في أن الولايات المتحدة وهي تمثل الشريك الكامل في عملية السلام بحكم نجاحها السابق في حل بعض جوانب الصراع ، ونظرًا لعلاقتها مع إسرائيل ستطرح رؤيتها بشكل سيقترب كثيرًا من الموقف الإسرائيلي.
وقال اللواء محمد ابراهيم أن هناك احتمالات متزايدة بأن تشهد المرحلة القادمة استئنافًا للمفاوضات السياسية في إطار ما يسمى رؤية أو تسوية أو صفقة ، وأيًا كانت طبيعة هذه التسمية فمن الواضح أن الولايات المتحدة هي الطرف الذي سوف يتولى طرحها ، ومن المؤكد أنها خضعت لتنسيق مع إسرائيل ، وفي رأيي أنها قد لا تخرج كثيرًا عن المباديء الخمسة التالية :
إن أمن إسرائيل يعتبر أهم مبدأ في عملية السلام ولا يمكن لأي تسوية أن تنجح ما لم تحقق هذا الهدف ، وأن مسألة السلام الإسرائيلي ، الفلسطيني يمكن معالجتها بشكل أعمق في منظومة أشمل ، وهي منظومة السلام الإقليمي الذي قد يحمل بعض المخاوف من أن يركز على مفهوم جديد وهو أن يسبق التطبيع مع إسرائيل الحل النهائي للقضية.
وهناك أمر واقع فرضته إسرائيل في المناطق الفلسطينية يجب أن يؤخذ في الإعتبار عند الحديث حول الحل النهائي للقضية ومن بينه على سبيل المثال ضم بعض الأراضي والإعتراف بيهودية الدولة ، ووجود جوانب أخرى للسلام لا تتركز فقط في الجانب السياسي ، ولكن هناك ما يسمى بالسلام الإقتصادي يجب السير في خطواته.
وإن إقامة الدولة الفلسطينية في إطار مبدأ حل الدولتين قد لا يعتبر الحل النهائي الأمثل فقد يكون هناك دور لأطراف عربية أخرى في هذا الحل وتحديدًا الأردن في إطار ما يعرف بالإتحاد الكونفيدرالي.
وحتى إذا سلمنا بأن هذه هي الرؤية الأمريكية المنتظرة فإن هذا الأمر يجب ألا يزعجنا نظرًا لأنها متوقعة وليست نهائية ولا يمكن فرضها على الجانب العربي كما أنها سوف تخضع لعملية التفاوض التي يحرص كل طرف على طرح حدود مواقفه القصوى أملًا في الحصول على أفضل وضعية تحقق مصالحه ، وبالتالي يصبح لزامًا على الجانبين العربي والفلسطيني الإستعداد من الآن لعملية تفاوض شديدة التعقيد.
وأضاف " لذا فمن المناسب أن تكون مواقفنا فى إطار أن المبدأ الرئيسي الذى نتفاوض عليه يتمثل فى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، وأن الأمن يعد مسألة تبادلية بحيث يجب أن تحقق أي إجراءات أمنية على الأرض أمن إسرائيل دون انتقاص من السيادة الفلسطينية ، وكذا أمن الدولة الفلسطينية ، وفي إطار هذا المبدأ يمكن بحث أي مخاوف أمنية إسرائيلية".
وتابع " أن مسألة ضم إسرائيل بعض كتلها الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية يجب أن يتم بحثه فقط في إطار ما يسمى بمبدأ تبادل الأراضي بين إسرائيل والدولة الفلسطينية على أن يكون هذا التبادل بنفس النسبة والقيمة وألا يزيد على 2% من مساحة الضفة ، وهنا أؤكد أنه لا توجد أي علاقة لمصر بهذا التبادل خلال أي تسوية ، وهو الأمر الذي أعلنت قيادتنا السياسية رفضه بصورة قاطعة".
وأكد اللواء محمد ابراهيم أن مبدأ حق العودة يمثل حقًا مقدسًا يستحيل تجاوزه مع الاستعداد لبحث مسألة أعداد اللاجئين الممكن عودتهم حتى بصورة رمزية وأماكن العودة وعمليات التعويض".
وقال " إن مسألة اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة يعد أمرًا غير قابل للتنفيذ على الأقل في هذه المرحلة ، وبالتالي من الضروري إما إسقاط هذه المسألة أو تأجيلها إلى أجل غير مسمي".