لم تعد ذكرى استشهاد القائد الرمز والاب المؤسس ياسر عرفات مجرد ذكرى عابرة للحزن والرثاء ولكنها اصبحت مناسبة وطنية تروي حكاية وطن يرزح تحت الاحتلال وعلامة فارقة في تاريخ الثورة الفلسطينية .
فالشهيد الخالد فينا ابو عمار الذي جعل الكوفية الفلسطينية رمز لحركات التحرر في العالم ، رحل بعد ان رسخ نهجا ثوريا صلبا فعاش قائدا وجنديا بين المقاتلين في الميدان، وكان معهم في خنادق الحرية مقاتلا شرسا، ليصنع معهم ملاحم الحرية من أجل تحقيق حلم الاستقلال والعودة ، فقد كان معلمنا الأول الذي غرس فينا أبجدية حب فلسطين ،وحول القضية الفلسطينية من قصة شعب لاجئ الى قضية وطن محتل .
 أبا عمار ذلك الذي عاش حياته كمشروع شهيد قائد منذ اللحظة الاولى، أبا عمار الذي رسم نهجه مقاتلا، وحلمه تحررا ، أما شعاره فكان الرصاصة الاولى وراية ترفعها زهرة من زهرات فلسطين فوق  مساجد القدس وكنائسها، ما زال صوته يصدح بين طرقات نابلس العتيقة وعلى مشارف رام الله وفي مخيمات جنين ما زال اسمه وصفته الزعيم القائد على شواطئ غزة وبين اشجار زيتون بيت لحم ، لا زالت اريحا تزف نفسها عروسا على وطئ قدامه التي تراقصت فرحا لزيارته .
غاب الاب والاخ والقائد بعد أن زرع فينا عشق الوطن وفي غيابه زرعناه في تراب فلسطين نرجسة وحلما، وكتبنا على شاهده هنا زرعنا زيتون فلسطين ، ارقد بسلام شهيدنا أبا عمار حتى يتحقق الحلم .
 واليوم تحل علينا الذكرة السنوية الثالثة عشر لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات بالتزامن مع توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح و حماس ، فوحدة الصف الفلسطيني تعتبر  نقطة في الميزان الاستراتيجي الوطني وذلك من خلال طي صفحة الإنقسام السوداء من تاريخ القضية الفلسطينية ،  وبناء عليه إن المضي قدما في طريق المصالحة الوطنية لن يكون بالعدو السريع ولا بالقفز على المراحل المختلفة، وانما يكون على ارض صلبة ثابته لا تهتز ، وطريق الالف ميل يبدا بخطوة،  والاجراء تلو الاجراء ، حتى نضمن التنفيذ الفعلي الناجح لبنود اتفاق المصالحة ،ولكي لا ندع مجالا للشك في النوايا المخلصة المبذولة للإنهاء الجدي للانقسام .
وعلى هذا الاساس يجب ان تكون المصالحة  ضرورة وطنية ملحة لابد من اتمامها وانجاحها والمحافظة عليها وتذليل كافة العقبات الميدانية امام تطبيقها، للوصول الى هدفها في اعادة توحيد الشعب الفلسطيني وقواه المختلفة داخل اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والتوافق على برنامج وطني شامل يمثل عاملا مشتركا لنضال شعبنا ولمشروعنا الوطني الكبير واخراج النظام السياسي الفلسطيني من المأزق الذي يمر به نتيجة للانقسام السياسي .
فنحن كفلسطينيين نعيش اليوم مرحلة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية التي تراجع الاهتمام بها الى الوراء وخاصة بعد ثورات الربيع العربي وهذه التغيرات الكبيرة في وطننا العربي  التي القت بظلالها على القضية الفلسطينية من ناحية الدعم والمساندة  لذلك فأن السبيل الوحيد لعودة قضيتنا الى الواجهة العربية والدولية هو التوحد خلف القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس في برنامج واحد تتفق عليه كافة الفصائل.
لذا علينا العمل على بث روح الوحدة الوطنية لإزالة كافة الاثار السلبية التي خلفها الانقسام ومعالجة كافة الافرازات التي ترتبت عليه في المرحلة الماضية .
قد آن الاون وهذه لحظتنا وفرصتنا لترفرف رايتنا ولترتقي كوفيتنا الرمز مرة أخرى، وليعلم العالم أجمع نحن مهد الرسالات السماوية ونحن شعب أبا عمار نحن صانعي المعجزات ورجال الحرب والسلام عشاق الحرية .
رحم الله قائدنا ..وعاشت دولتنا ..دولة فلسطين بسلام حرة أبية عربية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد