المؤرخ جوني منصور يطلق مئوية تصريح بلفور (1917– 2017)

none

رام الله / سوا / في ذكرى مرور مئة عام على "وعد بلفور" أصدر المؤرخ والمحاضر جوني منصور، دراسة توثيقية وتاريخية تحليلية حملت عنوان: مئوية تصريح بلفور (1917-2017) تأسيس دولة، وتأشيرة لاقتلاع شعب.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: "لا يمكن أن تمر الذكرى المئوية لهذا التصريح دون أن نقف عندها فاحصين ومدققين جيدا في مخلفاته وآثاره وتداعياته على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية عامة، وعلى منطقة الشرق الأوسط بطبيعة الحال. لم يكن التصريح وليد ساعته، بل كان عبارة عن خلاصة فكرية وسياسية لمشاريع استيلائية استعمارية اقتلاعية للمنطقة، وضعتها أكبر دولة استعمارية في ذلك الزمان: بريطانية".

اعتمد الباحث المولود في حيفا سنة 1960، على مجموعة كبيرة من المراجع والمصادر المتعلقة بالدراسة والتي صدرت ونشرت على مدار عدة عقود بالعربية وبلغات أخرى بوجه خاص. والكتاب كما قال منصور لـ"وفا"، مبني من ثلاثة محاور مركزية، وهي:

المحور الأول: دور ومساهمة الحركة الصهيونية في بناء منظومة علاقات سياسية وشخصية مع قيادات في أوروبا والولايات المتحدة منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى إصدار التصريح. كان الهدف من ورائها بيع فكرة إقامة دولة لليهود في فلسطين إن تيسّر الأمر، أو في أي مكان آخر، كما كان يخطط ثيودور هرتسل. لكن وريثه في قيادة الحركة حاييم وايزمن استفاد من وجوده في بريطانيا وأقنع ساستها بمنح اليهود تصريحا (وعدا) في فلسطين باعتبار أنها أرض آباء اليهود، وأيضا لأن بريطانيا بحاجة إلى من يوفر الحماية لمصالحها في قناة السويس من إمكانية توسع النفوذ الفرنسي مستقبلا باتجاهها. بمعنى آخر تلاقت أطماع وطموحات الصهيونية مع المشروع الكولونيالي البريطاني، واستفادت بريطانيا من جعل دولة اليهود عازلة في المنطقة، في محاولة لمنع توحيد كلمة العرب وجغرافيتهم من شمال إفريقيا الى الشرق الأوسط تحت رئاسة عربية واحدة.

إذن مشروع التصريح كان يصب في مصلحة بريطانيا لخلق دولة عازلة ودولة وظيفية تقوم بمهام تخدم المشروع الاستعماري البريطاني في المنطقة، وأيضا تخدم تطلعات الصهيونية. ولا بد من الإشارة إلى أن تأييد التصريح في أوساط اليهود لم يكن واسعا، بل أن معارضيه كانوا أكثر لأنهم لم يرغبوا في ترك ما أنجزوه من تقدم ورقي في أوروبا والتحول إلى منطقة أخرى.

المحور الثاني: التصريح ذاته، أي دراسة تفصيلية للنص من وجهات النظر المتعلقة بالتكستولوجيا، والمقاصد، والتحليلات السياسية وغيرها، ما قد يفيد القارئ والباحث في فهم كل كلمة وما وراءها من مقاصد وتوجهات بريطانية وصهيونية. وتعامل التصريح مع اليهود باعتبارهم شعبا وليسوا جاليات كما كانت حالهم إلى وقته في أوروبا، في حين أن التصريح اعترف بسكان فلسطين بكونهم طوائف وليسوا شعبا له مكونات ومقومات القومية بكل مركباتها. وهكذا تتعامل إسرائيل الى يومنا هذا مع الفلسطينيين فيها وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمعنى أنها لم تصل الى درجة الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني.

وتطرق المحور الى جعل التصريح قرارا دوليا من خلال إقرار صك الانتداب في العام 1922 على يد عصبة الأمم. وهكذا تكون بريطانيا قد منحت اليهود ما لم تملكه لشعب أو مجموعة شعوب غريبة عن فلسطين ما لا يستحقون، بالإضافة إلى استخفاف واستهتار بريطانيا بوجود وحضور الشعب الفلسطيني في أرضه منذ فجر التاريخ.

المحور الثالث: تداعيات التصريح ودلالاته عربيا ودوليا على مر الزمن، وبوجه خاص طرح إمكانية مقاضاة بريطانيا وجعلها تعترف بجريمتها ثم الاعتذار عما فعلته وقامت به... والسؤال هنا: هل يمكن القيام بمثل هذه الخطوة في المئوية؟ وما هي الأدوات التي يمتلكها الفلسطينيون للقيام بها؟ وخصوصا أن الرأي العام في مختلف العالم مع الشعب الفلسطيني، بعكس بعض الحكومات. فعلى سبيل المثال التأييد البريطاني العام من الشعب واسع جدا، في حين أن الحكومة الحالية برئاسة تيريزا ماي، تفتخر بإقامة دولة إسرائيل ولم تعترف بالخطأ في تصريح بلفور ولم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية.

وبين منصور أن الدراسات والأدبيات حول التصريح بالعربية قليلة جدا، بالإضافة إلى أن المتوفر هو قديم. لذا يأتي هذا الكتاب ليعزز المطالب الفلسطينية بالإضافة إلى تعريف العرب على التصريح .

صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، في 376 صفحة من القطع الوسيط.

وتنظم في هذا الشهر سلسلة من الأنشطة والفعاليات حول ذكرى مئوية بلفور وعرض الكتاب ضمنها.

وصدر للكاتب عدد من الكتب والدراسات أبرزها: "الخط الحديدي الحجازي"، ومسافة بين دولتين"، و"شوارع حيفا العربية"، و"الاستيطان الإسرائيلي"، و" يوم الأرض "، و"إسرائيل الأخرى، نظرة من الداخل"، و"معجم الأعلام والمصطلحات الصهيونية والإسرائيلية"، إضافة للعديد من المقالات والبحوث التاريخية المحكمة.

ــ

ي.ن/ خ.خ

 

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: "لا يمكن أن تمر الذكرى المئوية لهذا التصريح دون أن نقف عندها فاحصين ومدققين جيدا في مخلفاته وآثاره وتداعياته على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية عامة، وعلى منطقة الشرق الأوسط بطبيعة الحال. لم يكن التصريح وليد ساعته، بل كان عبارة عن خلاصة فكرية وسياسية لمشاريع استيلائية استعمارية اقتلاعية للمنطقة، وضعتها أكبر دولة استعمارية في ذلك الزمان: بريطانية".

اعتمد الباحث المولود في حيفا سنة 1960، على مجموعة كبيرة من المراجع والمصادر المتعلقة بالدراسة والتي صدرت ونشرت على مدار عدة عقود بالعربية وبلغات أخرى بوجه خاص. والكتاب كما قال منصور لـ"وفا"، مبني من ثلاثة محاور مركزية، وهي:

المحور الأول: دور ومساهمة الحركة الصهيونية في بناء منظومة علاقات سياسية وشخصية مع قيادات في أوروبا والولايات المتحدة منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى إصدار التصريح. كان الهدف من ورائها بيع فكرة إقامة دولة لليهود في فلسطين إن تيسّر الأمر، أو في أي مكان آخر، كما كان يخطط ثيودور هرتسل. لكن وريثه في قيادة الحركة حاييم وايزمن استفاد من وجوده في بريطانيا وأقنع ساستها بمنح اليهود تصريحا (وعدا) في فلسطين باعتبار أنها أرض آباء اليهود، وأيضا لأن بريطانيا بحاجة إلى من يوفر الحماية لمصالحها في قناة السويس من إمكانية توسع النفوذ الفرنسي مستقبلا باتجاهها. بمعنى آخر تلاقت أطماع وطموحات الصهيونية مع المشروع الكولونيالي البريطاني، واستفادت بريطانيا من جعل دولة اليهود عازلة في المنطقة، في محاولة لمنع توحيد كلمة العرب وجغرافيتهم من شمال إفريقيا الى الشرق الأوسط تحت رئاسة عربية واحدة.

إذن مشروع التصريح كان يصب في مصلحة بريطانيا لخلق دولة عازلة ودولة وظيفية تقوم بمهام تخدم المشروع الاستعماري البريطاني في المنطقة، وأيضا تخدم تطلعات الصهيونية. ولا بد من الإشارة إلى أن تأييد التصريح في أوساط اليهود لم يكن واسعا، بل أن معارضيه كانوا أكثر لأنهم لم يرغبوا في ترك ما أنجزوه من تقدم ورقي في أوروبا والتحول إلى منطقة أخرى.

المحور الثاني: التصريح ذاته، أي دراسة تفصيلية للنص من وجهات النظر المتعلقة بالتكستولوجيا، والمقاصد، والتحليلات السياسية وغيرها، ما قد يفيد القارئ والباحث في فهم كل كلمة وما ورائها من مقاصد وتوجهات بريطانية وصهيونية. وتعامل التصريح مع اليهود باعتبارهم شعبا وليسوا جاليات كما كانت حالهم إلى وقته في أوروبا، في حين أن التصريح اعترف بسكان فلسطين بكونهم طوائف وليسوا شعبا له مكونات ومقومات القومية بكل مركباتها. وهكذا تتعامل إسرائيل الى يومنا هذا مع الفلسطينيين فيها وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمعنى أنها لم تصل الى درجة الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني.

وتطرق المحور الى جعل التصريح قرارا دوليا من خلال إقرار صك الانتداب في العام 1922 على يد عصبة الأمم. وهكذا تكون بريطانيا قد منحت اليهود ما لم تملكه لشعب أو مجموعة شعوب غريبة عن فلسطين ما لا يستحقون، بالإضافة إلى استخفاف واستهتار بريطانيا بوجود وحضور الشعب الفلسطيني في أرضه منذ فجر التاريخ.

المحور الثالث: تداعيات التصريح ودلالاته عربيا ودوليا على مر الزمن، وبوجه خاص طرح إمكانية مقاضاة بريطانيا وجعلها تعترف بجريمتها ثم الاعتذار عما فعلته وقامت به... والسؤال هنا: هل يمكن القيام بمثل هذه الخطوة في المئوية؟ وما هي الأدوات التي يمتلكها الفلسطينيون للقيام بها؟ وخصوصا أن الرأي العام في مختلف العالم مع الشعب الفلسطيني، بعكس بعض الحكومات. فعلى سبيل المثال التأييد البريطاني العام من الشعب واسع جدا، في حين أن الحكومة الحالية برئاسة تيريزا ماي، تفتخر بإقامة دولة إسرائيل ولم تعترف بالخطأ في تصريح بلفور ولم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية.

وبين منصور أن الدراسات والأدبيات حول التصريح بالعربية قليلة جدا، بالإضافة إلى أن المتوفر هو قديم. لذا يأتي هذا الكتاب ليعزز المطالب الفلسطينية بالإضافة إلى تعريف العرب على التصريح .

صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، في 376 صفحة من القطع الوسيط.

وتنظم في هذا الشهر سلسلة من الأنشطة والفعاليات حول ذكرى مئوية بلفور وعرض الكتاب ضمنها.

وصدر للكاتب عدد من الكتب والدراسات أبرزها: "الخط الحديدي الحجازي"، ومسافة بين دولتين"، و"شوارع حيفا العربية"، و"الاستيطان الإسرائيلي"، و"يوم الأرض"، و"إسرائيل الأخرى، نظرة من الداخل"، و"معجم الأعلام والمصطلحات الصهيونية والإسرائيلية"، إضافة للعديد من المقالات والبحوث التاريخية المحكمة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد