قبل أيام قليلة من الانتقال للمرحلة التالية من عملية إنهاء الانقسام، وهي عقد الاجتماع الفصائلي الذي سيحدد البرنامج الزمني لإجراء الانتخابات العامة، والتي تعني الانتهاء من مرحلة تمكين حكومة التوافق من حكم قطاع غزة ، ظهرت حادثتان، كان الهدف منهما هو عرقلة جهود المصالحة، أو تعطيلها، أو على أقل تقدير، الإشارة إلى أن الأمور ليست كما يجب، وأن على الجميع الانتباه جيدا، وملاحظة أن هناك من لا يرضى بأن تسير الأمور على خير ما يرام، هكذا بسلاسة وهدوء، إلى أن تصل إلى نهايتها المرجوة . 
لقد جاءت محاولة تعطيل مهمة الاستلام والتسليم في ملفي سلطة الأراضي وسلطة الطاقة، بعد أن ظهر بان إثارة مسألة قرار الحرب والسلم، أو سلاح المقاومة، قد تم احتواؤها دون أن تفجر الملف، كذلك جاءت في نفس اللحظة التي تعرض فيها الأخ توفيق أبو نعيم، وهو يتمتع بمكانة أعلى رتبة عسكرية/رسمية في حماس ، والذي يبدو بأنه مؤهل للاحتفاظ بمنصبه كوكيل لوزارة الداخلية والأمن الوطني، ومدير عام الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وهو برتبة لواء، بما يثير شكوكا واضحة، تشير إلى أن هناك من هو في حماس، يرفض سير ملف إنهاء الانقسام، بالطريقة التي يجري فيها على أقل تقدير، وأنه ربما كان يراهن على أن تتعثر العملية من تلقاء نفسها، حين أثار موضوع سلاح المقاومة بشكل معلن، أو أن الأمر سينتهي كما كل المرات السابقة، عند تخوم التنفيذ، أو أن "حماس" ستلجأ مجددا إلى تبادل الأدوار والمواقع، فلا يتعدى الالتزام بتنفيذ ملف المصالحة حدود حماس/غزة، ولا يتعداها إلى حماس/الخارج أو حماس/الضفة الغربية. 
يمكن الإشارة، هنا، إلى جماعة معارضي إنهاء الانقسام من حماس، بالإشارة إلى شخصي رئيسي سلطتي الطاقة كنعان عبيد والأراضي كامل أبو ماضي، كذلك إلى عدد من الصامتين عن الكلام المباح، ممن اعتادوا أن يفتحوا أشداقهم حتى آخرها حين كان يمتد حبل التراشق الإعلامي، أيام الانقسام إلى آخر حدوده ومداه، والى أنه، موضوعيا، هناك الكثيرون ممن عاشوا وتكسبوا من حالة الانقسام، ومجمل القول بأن الحديث لا يجري عن عدة أفراد هامشيين، أو غير مؤثرين، بل عن نفر من الناس، يمكنهم إن يقلبوا الطاولة، في حال تم الاستخفاف بالأمر، أو في حال حدوث أمر ما مفاجئ أو غير متوقع .
وملفا الأراضي والطاقة، هما ملفان في غاية الأهمية، من حيث أنهما يحويان أموالا غير منظورة، تكفي هنا الإشارة إلى أن حماس كانت كلما ضاقت بها السيولة المالية، تفكر في منح قطع الأراضي لموظفيها ممن تراكمت عليها ديون لهم، استحقاقا لمرتباتهم، كذلك الحال بالنسبة للطاقة، إضافة إلى أن كلا الملفين في حال تم فتحهما يحويان "أسرارا" بالغة الأهمية.
 في حين أن محاولة اغتيال أبو نعيم، تدل على حنق خاص تجاه الرجل الذي اخلص في متابعة تنفيذ "التفاهمات" خاصة في شقها الأمني، مع المصريين، وكان الذراع اليمنى لقائد حماس الميداني في قطاع غزة يحيى السنوار، وهي رسالة تحذير حتى لا يمضي الرجلان بعيدا في مواجهة قوة حماس التي لا تزال تسيطر تحت الأرض، وفي الخفاء أو من وراء الكواليس. 
مجمل القول إن جهودا حثيثة وحاسمة ما زالت مطلوبة حتى يمضي قطار إنهاء الانقسام قدما، ومنها وربما أهمها، جهود المصالحة المجتمعية التي أنجز منها نحو 10% فقط، وبالتحديد وحسب صلاح البردويل، الشخصية المهمة ميدانيا في حماس بغزة، قد تمت معالجة 40 حالة من أصل 400، وحيث إن التفاهمات التي سبقت اتفاق وفدي فتح حماس الرسميين، كانت قد تكفلت بتغطية هذا الملف، وحيث أن الطرف الآخر في التفاهمات، قد بات خارج الجهود الحالية، فان تغطية هذا الملف بحاجة إلى معالجة بتقديرنا، قبل فوات الأوان.
إضافة لكل هذا، فإن الطرف الرسمي من حماس الذي اخلص واظهر جديته الحقيقية في إنهاء الانقسام بحاجة إلى منجز من الطرف الرسمي في السلطة يتجاوز ما هو شكلي، حتى يسكت الأصوات التي "تهمهم" بلغة غير مسموعة، وتقول لقد قدمنا كل أو معظم ما لدينا، فماذا عما قدمه الطرف الآخر . 
يمكن هنا الإسراع في تقديم تسهيلات ملموسة، من قبيل الإعلان عن تجميد فعلي لمراسيم الرئاسة تجاه موظفي وخدمات غزة، كذلك يمكن الإسراع في تحقيق تقدم في وصل الكهرباء، أو التقدم على طريق تحضيرات فتح المعبر، أو التوقف عن خصومات الرواتب، والتي كان يجب أن تتبع إعلان حماس حل لجنتها الإدارية، كذلك الإعلان عن دمج أول مجموعة موظفين لحماس في الوظيفة العامة. 
ويمكن أن توافق فتح والسلطة الرسمية على عقد جلسة رسمية للمجلس التشريعي، حتى تثير الارتياح، وتنزع شيئا من الاحتقان من داخل حركة حماس، المهم أن هناك الكثير من الخيارات والاقتراحات التي يمكن للسلطة الرسمية أن تقدم عليها والتي ستقرأ على أنها ترجمة فعلية لجديتها في إنهاء الانقسام، وعدم إظهار ما جرى على انه تسليم من طرف لكل مطالب الطرف الآخر.
لا أن يكتفي الحديث بالزيارات الرسمية التي تشيع جوا احتفاليا، ولا شيء غير ذلك، وحيث ما هي إلا أيام قليلة ويبدأ الاجتماع الفصائلي، فلا بد أن يكون الاجتماع مناسبة، لإغلاق كل الشقوق التي يمكن أن تهدد عملية إنهاء المصالحة ولو بنسبة واحد بالمائة . 
لا بد من الشروع الفوري كذلك بطرق أبواب أطراف شرم الشيخ، لإطلاق عجلة إعادة إعمار غزة، وأن يتجند الكل الوطني للحصول على الدعم من الخارج، حتى لا يتقاتل الأشقاء على الفتات الداخلي. 
Rajab22@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد