الطالبة "سيبويه غزة" تتّخذ من العربيَة الفُصحى منهاج حياة

الطالبة انتصار البطش

سوا/ محمد وهبه/ مع هجران العرب للغة العربيَة الفصحى في أحاديثهم اليومية، وتفضيلهم للَهجة العاميَة الدارجة كلٌ حسب دولته؛ أصبح من الصعوبة بمكان أن تُفهم اللهجات العربية بين الناس بسهولة، حتى وصل الأمر باللقاءات التلفزيونية إلى وضع ترجمة حرفيَة بالعربية الفُصحى لشخص يتحدث لهجته العاميَة.

الطالبة انتصار البطش، من غزة ، عكفت خلال أكثر من خمسة أعوام على التحدث باللغة العربية الفصحى خلال كلامها في كل مكان وزمان، حتى داخل بيتها مع أفراد أسرتها.

بداية شغف انتصار (19 عامًا) وتعلقَها باللغة العربية الفصحى، بدأت عندما كانت طالبة بالمرحلة الإعدادية، وقت أن كانت تتحدث بها معلمة اللغة العربية أثناء الشرح.

تقول البطش، في حديثها لوكالة "سوا" الإخبارية، "أعجبني الأمر كثيرًا، بالإضافة إلى أنني أهوى القراءة منذ الصغر، لذلك لم يكن حب الفصحى غريبًا علي، فبدأت تعلَمها بشكل جيد، حتى أصبحت أتقنها، لدرجة أن معلمتي أطلقت عليَ لقب "سيبويه غزة".

أن تكون مختلفًا عن الآخرين في ميزة ما، ستلقى الترحيب من بعض الناس، ولكن بالمُقابل ستجد من يحاول احباطك بل والاستهزاء منك، وهذا ما لاقته "انتصار" في بداية تحدّثها للغة العربية الفُصحى.

وتضيف البطش (طالبة متخصصَة في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال في الكليَة الجامعية للعلوم التطبيقية)، "في بداية الأمر، واجهت صعوبة بالغة في التعامل مع الناس والأصدقاء والأقارب، اعتقدوا أني أتحدثها متأثرة بالرسوم المتحركة، لم يعرفوا حينها أني اتخذتها منهاج حياة في كل أمور حياتي".

واجهت "انتصار" هذه البداية الصعبة وما لاقته من استهزاء بالتجاهل وبكل سعة صدر، مشيرة إلى أنها لم تهتم بالتعليقات السلبية من أحد، بل واصلت مشوارها إلى أن أصبحت مأثرة فيمن حولها، ويتحدثون معها الفُصحى.

وتضيف الطالبة أن أحد معلَميها في الكلية الجامعية، كان ينصحها دائمًا بالابتعاد عن العربية الفصحى، وتعلَم لغة أخرى كالإنجليزية، لعدم مواكبتها العصر الحالي، "وأنها ستتعرض للسخرية".

وعلى الرغم من علمها أن نصيحة استاذها لم تكن إلا خوفًا عليها من الإحباط والاكتئاب، نتيجة سخرية بعض زميلاتها وثرثرتهن عليها، إلى أنها رفضت الأمر، وأصرَت على استكمال تحدثها للفصحى، وفق للطالبة انتصار.

ولأننا نعيش اليوم عصر مواقع التواصل الاجتماعي، قررت "انتصار" الاستفادة من هذه المنصات في استخدام العربية الفصحى من خلال مناقشة القضايا الهامة مع متابعيها.

حُب الناس لشخصية انتصار، جعل من صفحتها على منصة "الانستغرام" تحوي أكثر من 15 ألف متابع، وأصبحت تستخدم مقاطع قصيرة لشرح بعض الأخطاء اللغوية الشائعة، وتعليم متابعيها شيئًا فشيئًا عن قواعد اللغة العربية.

وتضيف البطش: "كثير من الناس بالخارج تواصلوا معي، لأنهم يريدون تعلَم الفصحى، ويوجد زوجان من استراليا وبنغلادش يتعلَمان الفصحى مني، ويعلَمانها لأولادهما".

وتسعى "سيبويه غزة" لإنشاء نادٍ لمحبي القراءة، واللغة العربية الفصحى في المستقبل، كما أعلنت عن إقامة فعالية، ستكون بالتنسيق مع مؤسسة بيت الصحافة، لإحياء اليوم العالمي للغة العربية في مركز رشاد الشوا، وإطلاق هاشتاغ (#الفصحى_تجمعنا).

ومن الغريب في الأمر، أن منسق الفعالية التي ستطلقها هو ذاته الأستاذ الذي عارض "انتصار" في بداية مشوارها على اعتماد الفُصحى في كلامها واتخاذها منهاج حياة، ما يدلل على أن الطالبة البطش تسير في الاتجاه الصحيح وبدأت تحقق نجاحات وسط المعيقات والصدود.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد