لماذا تفتقر غزة لبرامج "التوك شو"؟

برامج "التوك شو"

غزة /سوا/محمد رجب أبو فنونة/ على الرغم من قدرة البرامج الحوارية في التأثير وجذب المشاهدين، الا أن القنوات الفلسطينية لم تستطع الالتحاق بركب القنوات العربية في تنفيذ تلك البرامج التي تُقدم بطريقة كوميدية؛ لأسباب تتعلق بطبيعة الحياة الفلسطينية عن باقي الدول العربية، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن أول برنامج حواري فلسطيني يخرج إلى النور.

البرنامج الحواري المعروف بـ "التوك شو"، هو برنامج يتميز بالطابع الكوميدي في مناقشته لكافة مشاكل المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كبرنامج "البرنامج" لباسم يوسف، وبرنامج "العاشرة مساءً" لمنى الشاذلي وغيرها.

وأكد الفنان الفلسطيني محمود زعيتر افتقار قطاع غزة لبرامج "التوك شو" لأسباب متعددة تتعلق بالانقسام السياسي، والتعددية الحزبية، والوعي السياسي والثقافي والاجتماعي لدى الشعب الفلسطيني.

وأضاف زعيتر لـ "سوا"، أن هذه البرامج يمكن أن تنجح في قطاع غزة شريطة أن يكون مقدمها شخصية مستقلة ومحبوبة عند الناس، ويناقش قضاياهم ومشاكلهم وهمومهم بالدرجة الأولى، إضافة إلى أن قطاع غزة يعد بقعة ساخنة وأحداثها متجددة ومتسارعة.

وأوضح أن مذيع  البرامج الحوارية هو فنان من طراز فريد قادر على إقناع المُشاهد بالمعلومة وتغيير أرائه وتشكيلها بناء على الأجندة التي يتبعها، مشيراً إلى أنها دائماً ما تنفذ أجندة الحكومة وتلتقي فيها نفوذ السلطة والمال والشهرة ذات التأثير الكبير.

وبين زعيتر خطورة برامج "التوك شو" قائلاً: "تكمن خطورة هذه البرامج في تنفيذها لأجندة أشخاص محددين وقدرتها في السيطرة والتأثير على اتجاهات ومعتقدات الناس البسطاء وتغييرها في وقت قصير".

وعلى مُقدم البرامج الحوارية أن يتمتع بالعديد من الصفات منها: الكاريزما، الثقافة الواسعة، القدرة على ربط الأحداث وإيصال المعلومة بسهولة، الذكاء والعلاقات الواسعة  كما ذكر زعيتر.

وعن أهمية البرامج الحوارية، يقول الفنان الفلسطيني محمود شراب: "تناقش برامج التوك شو قضايا متنوعة بطريقة كوميدية تتصف بالمرونة ويستوعبها الجمهور ببساطة، وقد تعمل على تغيير آرائه فيما بعد".

وبين شراب أن هذه البرامج تكاد تنعدم في قطاع غزة لضعف الحريات والحماية اللازمة للإعلاميين، إضافة إلى عدم الوعي بدورها وأهميتها في المجتمع.

من جهته، قال محسن الإفرنجي المحاضر الجامعي في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية: "إن البيئة الإعلامية والاجتماعية والقانونية الفلسطينية غير مهيأة لمثل هذه البرامج، ولا يمكنها النجاح إلا في بيئة تحترم وتقدر الحريات الإعلامية وتحميها".

وبين الإفرنجي لـ "سوا"، أن فكرة برامج "التوك شو" قائمة على صناعة النجم الإعلامي الذي يستحوذ بقدراته ومهاراته الجمهور، وعادة ما يلجأ إلى توجيه الانتقاد السياسي اللاذع لجميع الفئات منها المسؤولين؛ مما قد يؤدي إلى انتهاكه لقواعد العمل الصحفي.

ومن أبرز الانتهاكات التي تستباح خلال تقديم هذه البرامج، الانحياز وعدم الحياد، توجيه الاتهامات والقذف والشتم، وضعف المصداقية؛ باعتماده على مصادر مجهولة في تناول بعض الأحداث، إضافة إلى تقديم الآراء على أنها حقائق.

ولفت الافرنجي الى وجود خلط عند الناس بين البرامج الحوارية "توك شو" وبرامج "ستاند أب كوميدي" مثل برنامج "وطن على وتر" ذات الطبيعة الساخرة، مضيفاً بأن هذه البرامج لا تحتاج إلى محاورة ضيوف بقدر ما تقدم من مشاهد ساخرة للجمهور.

ومن المعايير الصحفية التي يراها المحاضر الجامعي أساسية في هذه البرامج، احترام كافة الآراء والابتعاد عن الإثارة المفرطة والتهويل والمبالغة، فضلا عن التنوع في طرح الموضوعات، والدمج بين المنصات الاجتماعية والبرنامج لإضفاء الحيوية.

المهتم بمتابعة تلك البرامج، الشاب علي التلباني (23 عاماً) يقول: "أُشاهد برنامج "البرنامج" لباسم يوسف لقدرته على مناقشة مشاكل متعددة بشكل كوميدي ساخر وبطريقة عفوية تثير الضحك".

فيما يقول الشاب أحمد شحادة (22 عاماً): "إن برامج التوك شو بشكل عام كوميدية، بالتالي نبحث عنها ونتابع حلقاتها المختلفة بحثاً عن الهروب من الواقع السيئ الى شيء آخر أكثر تسلية".

وكانت البرامج الحوارية قد ظهرت وبشكل كبير خاصة في مصر بعد عام 2011، تبعاً للأحداث المتطورة في العالم العربي رغم تواجدها في السابق على استحياء.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد