فتيات من غزة يبتكرن "قفازًا ذكيًا" للتواصل مع الشخص الأصم

قفازًا ذكيًا

غزة /سوا/نور اللبابيدي/ من المتوقع أن يستطيع الشخص الأصم في المستقبل القريب، التواصل مع الشخص الطبيعي بشكل أفضل وأسهل، حتى لو لم يكن الأخير على درايةٍ بكيفية التحدث بلغة الإشارة.

هذا الأمر سيصبح ممكنًا بفضل "القفاز القماشي الحسيّ"، الذي عملت على ابتكاره مجموعة من الفتيات بغزة، مهمته تحويل حركات الإشارة إلى كلمات منطوقة ومكتوبة، وذلك في محاولةٍ فريدةٍ لدمج الشخص الأصم في المجتمع، وتمكينه من تلبية احتياجاته المختلفة.

وتم إنجاز هذا الابتكار، ليكون مشروع تخرج لستِ فتيات، من كلية "هندسة الحاسوب والاتصالات" في جامعة الأزهر بغزة، والذي أشاد به أعضاء الهيئة التدريسية بالجامعة، وغيرهم ممن حضروا المناقشة، ووصفوه بـ "الفريد"، كونه يساهم بحل مشكلة لا تزال قائمة، وهي صعوبة التواصل بشكل جيد مع فئة الصم حول العالم.

حنان أبو الخير (23 عامًا)، صاحبة الفكرة، تتحدث لـ "سوا" عن بداية عملها على مشروع "Enable Talk" مع زميلاتها الخمس الأخريات، وتقول إنها كانت مهتمة بالبحث عن فكرة مميزة ونوعية، وتتفقد العديد من مقاطع الفيديو المتعلقة بمشاريع مشابهة في جامعات عربية وأجنبية، فأرادت تطبيق هذه الفكرة التي أعجبتها، بشكل مختلف، ومن ثم تطويرها بعد ذلك لتصبح منتجًا يمكن بيعه.

إنتاج المشروع اعتمد بشكل أساسي على العمل الجماعي وتقسيم المهام، حيث تشير حنان إلى أنها كانت تعمل جنبًا إلى جنب مع زميلاتها: أشجان البرقي، إيمان أبو حميدة، أسماء الشنطي، ديمة لافي، وأسيل الزقزوق.

وعن آلية عمل القفاز، توضح حنان: "القفاز القماشي مرتبط بحساسات تستطيع أن تترجم أي حركة لأصابع اليد، حيث تقوم الحساسات بإنتاج الحروف، وترتبط بقطعة بلوتوث خارجية، تقوم بدورها بتحويل المعلومات إلى تطبيق "أندرويد"، وبالتالي تجميع هذه الحروف وربطها على شكل كلمة منطوقة ومكتوبة"، مبينةً أن اللغة الحالية التي يدعمها القفاز هي اللغة الإنجليزية فقط.

أما أشجان البرقي (23 عامًا)، فتقول إنها تحمست للعمل على المشروع ووصفته بـ"المميز"، نظرًا لاستخدامه للغة الإشارة الرسمية، وذلك خلافًا لمشاريع أخرى مشابهة تستخدم لغة غير متعارف عليها دوليًا، بالإضافة إلى اعتماده على تطبيق على الهاتف الذكي لمواكبة التطور التكنولوجي.

وبيّنت البرقي في حديثها لـ "سوا"، أن المشروع يحمل طابعًا إنسانيًا، كونه يهتم بإحدى الفئات المجتمعية المهمشة، ويحاول إيجاد حل جدّي لمشكلة عدم القدرة على التواصل مع هذه الفئة.

وتم العمل على المشروع لإخراجه بصورته الأولية من خلال الاستفادة من الجانب النظري المدعّم بالبحث والدراسة الذاتية، ثم الجانب العملي الذي استغرق أكثر من أربعة شهور، وذلك من أجل توفير القطع والمعدات اللازمة من خارج قطاع غزة، نظرًا لعدم توافرها بسبب الحصار الإسرائيلي.

وتوضّح إيمان أبو حميدة (22 عامًا)، أنه لم يكن من المتوقع أن يُكتب النجاح لفكرة المشروع بسبب عدم القدرة على توفير القطع اللازمة، ولكن استطعن التغلب على الظروف من خلال إيجاد بدائل للقطع غير المتوفرة، بالإضافة إلى جلب بعضها من دول مجاورة، وتضيف: "بذلنا كثيرًا من الجهد، وكنا قلقين حقًا، ولكننا استطعنا توفير المعدات أخيرًا، وكانت النتيجة رائعة!".

وتشرح أبو حميدة مراحل التطوير التي سيتم العمل عليها لاحقًا، وأولها: أن يتم استخدام قفازين بدلاً من قفاز واحد، وبالتالي إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات، وثانيها: أن يدعم التطبيق اللغة العربية.

وتضيف بأنها وزميلاتها سعيدات بردود الفعل الإيجابية، وفخورات بحصولهن على درجة "99%"، وهي من أعلى درجات مشاريع التخرج في الجامعة، حسب قولها.

المشروع حظي باهتمام أعضاء الهيئة التدريسية بالجامعة، حيث أثنى د. مصطفى أبو نصر، مشرف المشروع، على فكرة طالباته المبتكرة، مشيدًا ببحثهن المستمر، وإصرارهن على العمل بجهد رغم كل التكاليف المادية.

وذكر أبو نصر لـ "سوا" أن الطالبات حصلن على شهادة تقديرية من مركز الإبداع في رام الله ، ولكنهن لم يستطعن حضور المهرجان بسبب منع الاحتلال إصدار تصاريح لهن بالسفر.

وأوضح أن الجامعة تهتم بالأفكار الإبداعية والمميزة، وتحاول جاهدةً توفير كل المتطلبات التي من شأنها دعم مثل هذه المشاريع.

وتتمنى المهندسات أن يتم تبني المشروع الخاص بهن من إحدى المؤسسات الخيرية، وتوفير المعدات والتمويل الكافي، مؤكدين على أنهن لن يتوقفن عن بذل الجهد في سبيل تطويره بشكل أكبر.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد