قبل ستة أعوام وبالتحديد بتاريخ 18-10-2011 م , دخل الفرح مع وفاء الأحرار كل البيوت الفلسطينية , وكأنه العيد قد أقبل يعانق المحرومين من رؤية أحبابهم , الذين غيبهم ظلام الزنزانة الصهيونية لسنوات طويلة , حيث الأحكام العالية والمؤبدات التي لا تنتهي , والتي يفرضها العدو الصهيوني كسلاح قمعي ضد شبابنا ومقاومينا , ومع تلك الأرقام الفلكية للأحكام التي تصدرها محاكم الظلم الصهيونية , يبقى أمل الحرية معلق بين ناظري الأسير , حيث أن الله عزوجل يجعل مع كل ضيقاً مخرجا , ولقد كتب الله عزوجل الفرج للأسرى أصحاب المؤبدات العالية , على يد ثلة مجاهدة من إستشهادي المقاومة وقادتها الذين خططوا لعملية " الوهم المتبدد " وأسفرت عن أسر الجندي الصهيوني شاليط , ليمكث في أسر المقاومة خمسة سنوات , إستطاعت المقاومة الفلسطينية خلالها إدارة معركة أمنية معقدة , تمكنت فيها من تضليل الإحتلال ومخابراته , وإحباط سعيهم الحثيث للعثور على أي معلومة , من أجل الوصول إلى مكان إحتجاز الجندي الصهيوني ولكن دون جدوى , وخلال هذه المعركة تمكنت المقاومة من عقدت صفقات جزئية بتاريخ 2/10/2009 م , اطلق عليها صفقة " الشريط " تم الإفراج بموجبها عن 19 أسيرة من السجون الصهيونية, وبعد أن أصاب اليأس قادة العدو الصهيوني وإقرارهم بالعجز عن تحرير الجندي الأسير من قبضة المقاومة , رضخت حكومة الإحتلال لمطالب آسري شاليط , وتم الإفراج عن (1027 ) أسير فلسطيني من أصحاب المحكومات العالية خلال صفقة سميت بـ " وفاء الأحرار " وهذا التسمية الرائعة يستحقها الأبطال الذين شاركوا في عملية الوهم المتبدد وصولاً إلى لحظة إنتصار وفاء الأحرار وتتويج المعركة بخروج الأسرى رغماً عن أنف نتانياهو , فكان حقاً نعم الوفاء لوعد الحرية لأسرانا في سجون الإحتلال الصهيوني, وكان أبطال العملية خير الأحرار الذي لم يرضوا بالضيم , ولم يقبلوا بأن يبقى أسرانا في القيد الصهيوني دون فكاك وحرية.
في الذكرى السادسة لوفاء الأحرار , يتجدد الأمل في عيون الأسرى وذويهم , بصفقة وفاء أحرار جديدة , خاصة أن مقاومة شعبنا لازالت تحتفظ بعدد من الأسرى الصهاينة في قبضتها بعد حرب صيف 2014م , حيث فشل العدو في منع وقوع عمليات الأسر التي كان يخشاها , خوفاً من تكرار مشهد يوم وفاء الأحرار , حيث تحولت فلسطين يومها إلى ساحة مهرجان وطني كبيراً , إحتفالاً وفرحاً بإنجاز المقاومة المبارك في تحرير الأسرى الأبطال .
وما بين الصفقتين المنجزة " وفاء الأحرار " والمرتقبة بإذن الله عزوجل , لابد لنا أن نضع بين أيديكم بعض الملاحظات :-
الإحتلال يراهن على عامل الزمن , ويماطل في إنجاز الصفقة أو إحراز أي تقدم أو تقديم أي تعهد , لعله يحصل على معلومة تمكنه من إنهاء ملف الجنود الأسرى بقتلهم في مكان إحتجازهم , وقد كان يحرص وفقاً توصيات قانون "هنبيعل" على قتل جنوده أثناء عملية الأسر الا أنه فشل في ذلك , نلاحظ أن صفقة وفاء الأحرار تم إنجازها بعد خمسة سنوات من عملية الأسر , ولم يمضي على الأسرى الصهاينة الجدد في قبضة المقاومة إلا ثلاثة سنوات , فيجب أن نتعامل مع عامل الوقت , من زاويتين الأولى باليقظة والتركيز الأمني , وعدم السماح بأي خلل يُمكن العدو الصهيوني من الوصول إلى الجنود الأسرى, والثانية ألا نستعجل إبرام أي صفقة , إلا بعد أن تنضج كل عواملها وتكتمل صورتها , عبر تحقيق الهدف المنشود بحرية الأسرى , وفقاً لشروط مقاومتنا وشعبنا .
آخر ما يفكر به قادة العدو الصهيوني إبرام صفقة تبادل لإعتبارات إنتخابية , لذا ترى التعنت السمة الغالبة على تصريحات وأقوال قادة الإحتلال , الا أن إصرار المقاومة على شروطها وقدرتها التفاوضية وإدارتها للمعركة على جبهاتها المتعددة , وفي مقدمتها الحرب النفسية والضغط على الخصم من خلال التأثير على جمهوره , يمكن تحقيق الإختراق وإخضاع العدو لصفقة مشرفة , فلم يكن يقبل جنرالات العدو بالتوقيع على صفقة " وفاء الأحرار" , الا بعد الإعتراف بالعجز عن الوصول إلى شاليط .
جسارة المفاوض الفلسطيني وحنكته, وعدم إستعجاله بإنجاز أي صفقة , لذا فالشروط التي وضعتها المقاومة واجبة التنفيذ قبل الحديث عن أي تفاصيل حول الجنود الأسرى, وغير مقبول التراجع عن تلك الشروط لأي وسيط مهمة كانت صفته ومكانته , فهذه الشروط معيار الجدية والندية , وتأكيد من المقاومة على عدم قبولها بالإنتهاك اللاحق لبنود أي صفقة قادمة , ومن الشروط المعلنة للمقاومة الإفراج الفوري عن محرري صفقة " وفاء الأحرار" الذين تم إعتقالهم وعددهم يقارب " 52" أسير .
جسدت المقاومة عبر صفقة وفاء الأحرار الوحدة الفلسطينية , حيث شملت الصفقة الإفراج عن كوكبة من الأسرى الأبطال من كافة الفصائل الفلسطينية دون تمييز , وتنوعت المناطق الجغرافية للأسرى على إمتداد الوطن لتسكن فرحة الإنتصار كل زوايا فلسطين , وليس غريباً أن تحرص المقاومة على وحدتنا الفلسطينية , بل أنه نهجها التي تمضي عليه , فهي تؤمن بأن الوحدة عاموداً لخيمة المقاومة التي يستظل بظلها الكل الفلسطيني, ولعلها إشارة أن المقاومة هي سياج وحدتنا وسيفنا ضد عدونا.
في الذكرى السادسة لوفاء الأحرار , لعل أبلغ رسالة لأسرانا الأبطال , وهم يرتقبون الفرج وينتظرون الحرية , نقول لهم لن يعُدم الأمل أبدا , ولن يبقى القيد طويلاً , , ستُهدم الزنزانة وينقشع ظلامها , سيأتي قريبا ذاك اليوم يسعد به الأسير , حراً بنور الشمس وإتساع الأُفق , وهو يرتقي جبل النصر محمولاً على أكتاف الأحرار المقاومين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية