لم يتمكن أحد من مفاوضي حركتي فتح و حماس من وضع خطوط حمراء تحت جُمل وعبارات لها علاقة بترتيب أوراق المصالحة والإسراع في تنفيذ بنودها، الأمر ليس صعبا طالما أن المفاوضين يحملون في حقائبهم أوراق وبيانات وأسماء وأرقام يمكن التوافق عليها في جلسات متعددة بهدف الإسراع من تمكين حكومة التوافق الوطني من عملها في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن.

لقد امتلك طرفي المفاوضات رؤية وطنية ساهمت في توفير أساسيات حل الملفات العالقة والمعقدة والتي تتلخص في تمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها في غزة والوصول لرؤية مشتركة لدمج موظفي القطاع وفتح المعابر وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية.

لذلك نجحت الجهود المصرية في إعادة عجلة المصالحة إلى طريقها الصحيح من خلال عقد اللقاءات الثنائية في القاهرة، وفي حضره جهاز المخابرات المصرية وبرغبة فلسطينية وبقناعات مصرية أن ملف الانقسام لابد أن ينتهي وأن يعود قطاع غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية، لقد بذل المصريين جهودا عظيمة وكبيرة وحثيثة، من أجل جمع الفرقاء والخصوم السياسيين إلي طاولة الحوار من جديد، والتوافق على أسس ومبادئ تساهم في تمكين حكومة التوافق من ممارسة عملها في قطاع غزة، هذا الدور المصري جاء في الزمان والمكان المناسب، فقد تنقلت القيادة المصرية ممثله برئيس جهاز المخابرات المصرية خالد فوزي من رام الله إلي غزة إلي القاهرة، وما تلك الزيارة المكوكية لقطاع غزة إلا تأكيدا على أهمية الدور المصري في هذه المرحلة ومدى جدية الإدارة المصرية في إنهاء حقبة الانقسام السياسي الفلسطيني، وتوقيع بنود المصالحة في القاهرة من جديد له التزامات كبيرة على الأطراف الموقعة على المصالحة، وأن ثقة وقدره المصريين على حماية الاتفاق من الاختراق أو تعثر أحد بنوده هي ثقة كبيرة، وأن مصر ستعمل مع كافة الأطراف خطوة بخطوة من أجل الوصول للتمكين الحقيقي للحكومة من فرض سيادتها على الأمن والمعابر والوزارات في القطاع.

لقد نجحت مصر في وقت قياسي من إحضار كافة الأطراف على طاولة الحوار، وقدمت الدعم اللوجستي اللازم لإنجاح ذلك الحوار، في ظل وضع عربي متعثر سياسيا ويشهد انشقاق في العراق وبقايا حرب في سوريا وزعزعه أمنية في لبنان وليبيا وغياب لبعض الأنظمة عن الخارطة السياسية الدولية، وفي وقت تشهد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية و القدس المحتلة مسلسل استيطاني كبير متواصل ويلتهم الأرض الفلسطينية بلا رحمة، وليس ببعيد عن واقع قطاع غزة المنهار اقتصاديا وإنسانيا وخدماتيا، تلك الظروف عجلت من التوصل لاتفاق المصالحة.

لقد فشل الآخرين في الوقت الذي نجحت فيه مصر وذلك للقدرات التي تمتلكها الإرادة المصرية وعزيمة قيادتها التي تنظر للقضية الفلسطينية أنها القضية العربية والجوهرية الأولى ولابد من الوصول لحل لنهائي لازمة الفلسطينيين.

نحن الفلسطينيين علينا أن نلتقط الإشارة، ونعمل جاهدين على استثمار الاندفاع المصري تجاه القضية الفلسطينية، وتحقيق رغبات القيادة المصرية، التي تبحث عن مخرج لكافة مشاكل القطاع والضفة الغربية من خلال وحدة الموقف والكلمة، من اجل مواجهه الاحتلال الإسرائيلي بقوة موحدة وبموقف عربي داعم، ولان مصر تمثل صمام الآمان العربي للقضية الفلسطينية، وهي راعي الاتفاقيات والمعاهدات، وهي حاضنة المشروع الوطني على مر التاريخ.

الإدارة المصرية تبحث في الأيام القادمة عن التفرغ من ملف إنهاء الانقسام وتوحيد حركتي فتح وحماس إلى ملف أكثر أهمية، آلا وهو ملف المفاوضات والحل السلمي والدولة الفلسطينية على حدود 1967م، وفق ما نصت على القوانين والقرارات الدولية، وتريد مصر أن تقول للعالم أجمع نحن أول من وقع اتفاق سلام مع إسرائيل ونحن أيضا نريد أن يوقع الفلسطينيين اتفاق سلام يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

مصر أخذت على عاتقها إنهاء ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهذا الملف كان ولابد أن يمر من خلال اتفاق مصالحة فلسطينية تؤكد على وحدة الموقف والقرار، وبإمكان الفلسطينيين الآن أن يكون لهم كيان مستقل أسوه بباقي الدول المجاورة. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد